لبنان بين «الدولة العميقة» وإرادة التغيير
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

لبنان بين «الدولة العميقة» وإرادة التغيير

 فلسطين اليوم -

لبنان بين «الدولة العميقة» وإرادة التغيير

بقلم : رضوان السيد

 

يظل تعبير «الدولة العميقة» على كل شفةٍ ولسان. لكنه «مصطلح» غامض وخلافي إذا صحَّ التعبير، وهو يعني المحافظة أو عصبية الاستقرار والاستمرار. وفي العالم الغربي؛ عالم الديمقراطيات، ينظر الليبراليون واليساريون إليه على أنه يعني سيطرة اليمين المستتر في البيروقراطية العريقة على روح الدولة وقراراتها الكبرى التي لا يمكن نسبتها إلى شخصٍ معين، هو الـ«Raison D’etat» كما يقول الفرنسيون أحياناً! بيد أنّ الصعود اليميني في أوروبا وأميركا خرّب الدلالات الأصلية للمصطلح؛ لأن اليمين الجديد، ومنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يريد تخريب «الدولة العميقة»؛ إذ يرون أنّ الليبراليين هم الذين أنشأوها بعد الحرب العالمية الثانية!

لماذا هذا الدوران حول المصطلحات؟ لأنني أحاول تكييف أو فهم المتغيرات الكبرى بالفعل التي حصلت في لبنان خلال الأيام الأخيرة. سيقول المجادلون: لكنّ انتخاب قائد الجيش للرئاسة ليس جديداً فهو الرابع أو الخامس. وأقول: لكنّ موقفه من الحراك الشعبي عام 2019 لحفظ أمن المتظاهرين وحمايتهم من تجاوزات أهل النظام عليهم، ثم خطاب القَسَم الذي ألقاه وما اكتفى فيه بالمبادئ العامة، بل ذكر كلَّ التفاصيل التي تهم المواطنين، مما يدل على جديدٍ كثيرٍ لديه يتجاوز ما هو معروفٌ عن قادة الجيوش عندما يصلون إلى السلطة.

لكنّ التغيير الكبير الذي حصل ما اقتصر على ملء الفراغ في رئاسة الجمهورية بعد حلوله قبل عامين و3 أشهر، وبرئيسٍ متميز؛ بل قد يكون الأبرز أو غير المعتاد والجديد شبهَ الإجماع من مجلس النواب على تسمية القاضي نواف سلام، ابن الأسرة السياسية العريقة، ورئيس محكمة العدل الدولية الحالي، لتشكيل الحكومة. الدكتور نواف سلام مثقف بارز وقانوني بارز. وقد كتب دائماً في مشكلات النظام اللبناني وفي ضرورات تطويره. وهو بعد أن مثّل لبنان لدى الأمم المتحدة، صار عضواً فرئيساً لمحكمة العدل الدولية. وهو إلى جانب الكاتب الكبير أمين معلوف، رئيس «الأكاديمية الفرنسية»، أبرز العلماء اللبنانيين في الخارج العالمي اليوم، بعد أن تعذر على اللبنانيين الكبار العمل السياسي والثقافي في بلدهم بسبب سيطرة النظام السوري والحزب المسلَّح على لبنان منذ آماد.

عشّاق لبنان من العرب والدوليين، وعلى مدى عقود، كانوا يتساءلون عن «روح لبنان النهضوية»: لماذا تظهر لدى نوابغ لبنان في الخارج العربي والعالمي، ولا تظهر حتى في علاقات اللبنانيين بعضهم ببعضٍ في بلدهم، كما لا تظهر في القدرة على إعادة بناء الدولة التي صدّعتْها الحروب الأهلية، وحاولت خنقها استيلاءات الخارج الإيراني والسوري.

كان الراحل الشيخ بيار الجميل عشية الحرب الأهلية (1975 - 1990) يسميها: «الصيغة الفريدة»، ويقصد بها صيغة لبنان المستقل التي اتفق عليها السياسيون اللبنانيون عام 1943 في أثناء النضال ضد الانتداب الفرنسي وعُرفت باسم «الميثاق الوطني»، وما أحبها المسلمون ولاحقاً اليساريون وصاروا يسمونها: «السيدة فريدة». قال لي البطريرك صفير في تسعينات القرن الماضي: إن لم تحبوا مصطلح «الصيغة»، فاذكروا «الميثاق الوطني» و«العيش المشترك»! لكنّ الذي حصل خلال الأيام الأخيرة يحصل في الحقيقة للمرة الرابعة: «اتفاق الطائف» و«الدستور» و«وثيقة الوفاق الوطني» عام 1989 في المملكة العربية السعودية، و«ثورة الأرز» بعد استشهاد رفيق الحريري عام 2005، و«ثورة الجمهور» عام 2019، و«حركة التغيير» في انتخاب العماد جوزيف عون والدكتور نواف سلام في مجلس النواب أخيراً. العماد حصل على 99 صوتاً من 128، وسلام حصل على 84 صوتاً من 128. هل يعني هذا، كما أمَّل العرب والدوليون، وجود وظهور روح لبنان أو دولته العميقة التي كافحت وظهرت وانتصرت سلماً رغم كل الظروف المعيقة والمحيطة؟ الأمر كذلك. ففي كل المحاولات كان المسعى الدائم باتجاه «الإجماع» أو كما يسميه اللبنانيون: «الوحدة الوطنية». وإذا كانت هناك قيود على رئاسة الجمهورية لعوامل خارجية وداخلية؛ فإنّ رئيس الحكومة والحكومة التي يشكّلها والتي تتولى السلطة التنفيذية أو الإجرائية وفق «دستور الطائف» هي المؤسسة الأكثر حراكاً وديمقراطية في النظام. فمجلس النواب في الاستشارات الملزمة هو الذي يختار رئيس الحكومة، وهو الذي يستطيع سحب الثقة منه، أما المنصبان الآخران الكبيران؛ رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب، فهما ثابتان: 6 سنوات للرئيس، و4 سنوات وأكثر لرئيس مجلس النواب!

لا شكّ بعد اليوم في روح لبنان ودولته الوطنية العميقة. وإذا كانت المناصب لا يحصل عليها أصحابها في لبنان بالبرامج المعلنة، فالاستثناء هذه المرة أنّ الرئيس أعلن عن برنامجه في خطاب القَسَم، ورئيس الحكومة أعلن عن برنامجه في كتابه الصادر عام 2021 بعنوان: «لبنان بين الأمس والغد». ولأول مرة سيخرج الاثنان عن تقليد الصراع على الدستور والصلاحيات كما فعل الرئيسان السابقان إميل لحود وميشال عون. فالسلطة شراكة كاملة وفق نص الدستور وروح الميثاق الوطني. وتبقى صعوبة «الثنائي الشيعي» الرافض للتغيير، وهي صعوبةٌ يمكن تذليلها بإرادة الوفاق، وإرغامات رياح التغيير بالمنطقة. والمسائل الكبرى لا تُفهم بِعدِّها كميناً كما قال نائب «حزب الله» محمد رعد، ولا باعتبار التضاد بين «الميثاقية» و«العيش المشترك»، كما قال أيوب حميد عضو كتلة الرئيس نبيه بري. إنها روح لبنان المنتصرة بعد طول غياب!
كُتّاب الشرق الأوسط
المزيد
الأكثر قراءة

    اليوم
    الأسبوع

1
بعد ساعات من اتفاق وقف إطلاق النار... إسرائيل تكثف غاراتها على غزة
2
نتنياهو: «حماس» تتراجع عن بعض تفاصيل اتفاق غزة
3
لبنان: سلام يحتوي تداعيات مقاطعة «الثنائي الشيعي» الاستشارات بلقاء بري
4
أميركا وقطر تعلنان رسمياً التوصل لاتفاق بشأن غزة... والتنفيذ الأحد
5
عيش «حياة شريفة»... شرط السويد لحصول المهاجرين على الجنسية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان بين «الدولة العميقة» وإرادة التغيير لبنان بين «الدولة العميقة» وإرادة التغيير



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 07:29 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء ممتازة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 01:28 2025 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

حظك اليوم برج السرطان الإثنين 02 يونيو / حزيران 2025

GMT 15:53 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان يسعى إلى تدعيم صفوفه بلاعبين جدد

GMT 09:59 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس مرسيدس يؤكد أن فرستابن يحتاج لتعلم الكثير

GMT 08:53 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

قوات الاحتلال تطارد فلسطينيًا في العيسوية

GMT 11:02 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة تعلن 4 حالات وفاة و516 إصابة جديدة بكورونا و613 حالة تعافٍ

GMT 22:47 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أفكار مبتكرة لتنسيق شرفة منزلك

GMT 15:29 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاثيوبي أباتي يتوج بلقب ماراثون هامبورج

GMT 14:59 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

باخ يدعو تايجر وود للمشاركة بأولمبياد طوكيو 2020

GMT 20:55 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

لاعب منتخب كرة السرعة يتمنى أن تصبح اللعبة أولمبية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday