تاريخ ما أهمله التاريخ الإنتاج والكرامة
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

تاريخ ما أهمله التاريخ: الإنتاج والكرامة

 فلسطين اليوم -

تاريخ ما أهمله التاريخ الإنتاج والكرامة

بقلم : مصطفى الفقي

إن هناك ارتباطاً عضوياً بين القدرة على العطاء فى جانب والكرامة بمعناها الواسع فى جانب آخر، فإن لم تكن إنساناً منتجاً وشخصاً فاعلاً فقد تدوسك الأقدام، ولا ينسحب ذلك على المستوى الفردى وحده، ولكنه يشمل الدول، بل الأمم والشعوب، فالدول المنتجة تعتز بكرامتها وتحافظ على كبريائها حتى ولو دفعت فى ذلك ثمناً غالياً من المصاعب والمتاعب، بل والحرمان أيضاً فى ظل ظروف ضاغطة وأحوال معيشية صعبة، لأن قدر بعض الأجيال أن تدفع (الفاتورة) الكلية فى زمانها، فهناك شعوب عاشت على المنح والقروض وتحول مواطنوها إلى (عيال الدولة)، ومضت بهم الحياة وهم يتصورون أنها سوف تمضى كذلك على الدوام.

لقد كنا كمن يسحب على المكشوف من المتجر الكبير الذى يملكه أجنبى متعنت، وكانت حساباتنا مؤجلة (شكك) إلى أن جاء وقت تغيرت فيه الأمور، وتبدلت معه الأحوال، وتزايدت الديون، وتراكمت الأعباء، وأصبحت مواجهة الحقيقة أمراً حتمياً لا مفر منه، ذلك توصيف بسيط لحال هذا الوطن الذى ننتمى إليه، فقد ضاعت السكرة وجاءت الفكرة، ولقد عشنا عقوداً طويلة فى ظل شعارات صاخبة وقيادات عابرة وزعامات كاد نورها أن يعمى الأبصار، وها هو وقت الحصاد قد حل، وأصبح على الحاكم الرشيد أن ينكر ذاته، بل وأن يضحى بجزء من شعبيته ثمناً قليلاً لفاتورة الإصلاح المؤجل، حيث لا مفر من اقتحام المشكلات المتراكمة عبر العقود الطويلة التى مضت ودفعنا فيها نفقات باهظة لحروب مفروضة علينا، كما أننا أيضاً استمرأنا الاستهلاك، واستسهلنا الاستيراد، وأهملنا الإنتاج، وتوقفنا تقريباً عن التصدير، لذلك اختلت الموازين واضطربت الحسابات وأصبحنا أمام موقف صعب قد يستعصى على فهم البعض.

إن استقراء التاريخ المصرى الحديث يشير بوضوح إلى الفرص الضائعة والإمكانات المهدرة، بل والأجيال المدللة، وعندما جاء وقت الحساب وجدنا الفقراء يزدادون فقراً، لأن المسألة نسبية، فالاحتياجات تتسع، والطموحات تتزايد، وأنماط الحياة تعطى بدائل للرفاهية والمتعة لم تكن موجودة من قبل، لأن ثورة الإعلام فى عالم تكنولوجيا المعلومات قد جعلت المواطن فى أى بلد هو مواطن عالمى فى النهاية يرى ما يستهلكه الأغنياء ويتابع أحدث الصيحات فى عالم المأكل والملبس والمسكن، ولم يعد ممكناً فرض سياج على مجتمع معين، أو تحقيق عزلة لشعب بذاته، فنحن فى عصر عالمية الإنسان، وهو عصر يربط بين الإنتاج والكرامة، لأن هيبة الدول تتأتى من خلال ما تستطيع تقديمه للعالم المعاصر.

ولا يخفى على أحد أن إسهامنا الضخم فى تاريخ الإنسانية ليس له ما يقابله عطاءً حالياً من جانبنا، بل إن هناك من يرى أننا قد أصبحنا دولاً مستهلكة تعيش على ذكريات تاريخها وأمجاد ماضيها، ولكنها لا تتجه إلى البناء فى الحاضر ولا التشييد للمستقبل، ويكتفى معظم الناس بالثرثرة الدائمة وإدمان النقد السلبى والابتعاد عن رؤية الصورة كاملة من كافة الزوايا، ولنا على هذا الواقع الذى نعيشه بعض الملاحظات:

أولاً: لقد قالوا (إن هناك جيلاً يبنى وجيلاً يجنى)، ولعل هذه المقولة هى حجر الزاوية فى فهم البعض لما يدور، وهناك مثل شعبى مصرى يقول (أحينى اليوم وأمتنى غداً)، وأنا أوكد أنه حتى هذا المثل الشعبى لم يعد معقولاً ولا مقبولاً فى وقتنا الراهن، إذ لم تعد إمكانات الحياة وموارد الدولة كافية لسد الاحتياجات أو حتى لمعظمها، وهناك فئات كثيرة تحلم بالصعود الطبقى، خصوصاً أننا نعيش فى عصر تدفع فيه الطبقة المتوسطة أكثر من غيرها ثمناً للتغيير وسعياً نحو الإصلاح، وليس يعنى ذلك أن الفقراء- وهم الأكثر عدداً والأشد حاجة- لا يعانون من المتاعب والمصاعب وشظف العيش وضعف الخدمات المتاحة وتدنى مصادر الدخل.

ثانياً: إن الذى يبنى الأوطان بل ويصنع المعجزات هم أبناء الوطن ذاته وسواعد أبنائه قبل غيرهم، فلن تبنى الدول قواعد مجدها ودعائم وجودها على قروض الأصدقاء ومعونات الأشقاء، فتلك أمور غير مضمونة وقابلة للتوقف فى أى لحظة، ولعلنا عانينا فى الأسابيع الأخيرة شيئاً من ذلك، وهو يعطينا درساً يذكرنا بأن الذى بنى المعجزة الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية هو الشعب الألمانى ذاته، وأن الذى أقام اليابان الحديثة بعد (هيروشيما) و(ناجازاكى) هو أيضاً الشعب اليابانى وحده، ليت هذه المفاهيم تستقر فى الوجدان المصرى خلال هذه المرحلة شديدة الحساسية بالغة التعقيد.

ثالثاً: إننى أرى أن ولى الأمر محاط بهذه الظروف الصعبة والخريطة المعقدة، وهو لا يبحث عن مجد شخصى، ولا شعبية مؤقتة، إذ ليس لديه أجندة خاصة، كما أنه يعتمد بالدرجة الأولى على وعى المصريين وإدراكهم لطبيعة المرحلة التى نمر بها.

إننى أكتب هذه الكلمات لكى يتذكر الجميع أن الأمم لا تموت، وأن الشعوب لا تسقط، ولكن الوعى الحقيقى هو الذى يصنع الإرادة الصلبة والرؤية الشاملة دون الاستغراق فى التفاصيل التائهة أو التركيز على الجزئيات دون الكليات، فالرؤية الشاملة هى فى النهاية كاشفة للحقيقة ومضيئة للطريق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تاريخ ما أهمله التاريخ الإنتاج والكرامة تاريخ ما أهمله التاريخ الإنتاج والكرامة



GMT 03:22 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

رسالة مفتوحة إلى رئيسة وزراء نيوزيلندا

GMT 06:08 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تكريم السادات

GMT 06:06 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

المكتشف الأول والعامل المجهول

GMT 05:39 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

"محمود كارم" وسبيكة المكارم!

GMT 05:44 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

25 يناير 2011

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday