بين الفلسفة والأدب
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

بين الفلسفة والأدب

 فلسطين اليوم -

بين الفلسفة والأدب

بقلم : أسامة غريب

 

كان موقف الفلاسفة اليونانيين من الأدب حادًّا ورافضًا على نحو يبدو لنا اليوم شديد الغرابة. لم يتعاطَ أفلاطون مع الشعر والمسرح إلا بحسبانه محاكاة كاذبة للواقع، وهذه المحاكاة من شأنها أن تجهض الجهد الذى تقوم به الفلسفة، التى تنحو نحو فهم الإنسان لذاته ومحاولته اتخاذ العلم منهجًا يدفع الحياة إلى الأمام. أما الأشعار والقصائد فمن شأنها تشويش الذهن وتفريغ العقل من الفهم الصحيح للكون وحقائق الحياة. لم يختلف موقف أفلاطون عن موقف أستاذه سقراط، كما لم يدفع أرسطو بأى رؤية مخالفة للموقف العدائى المناوئ الذى اتخذه الفلاسفة من الأدب. ومن العجيب أن هذا الموقف، الذى قامت الأيام والأزمان والحقب بتفكيكه وتغييره، يتشابه مع نفس الموقف الذى يتخذه المتشددون الإسلاميون كالوهابيين والدواعش ومَن لف لفهم من الأدب، فهؤلاء يرون أيضًا أن الأعمال الأدبية والروايات والقصص تحكى للناس أشياء غير حقيقية ولم تحدث فعلًا بمعنى أنها أكاذيب يسوقها الأديب، وبما أن الكذب محرّم فى الإسلام، فالأدب أيضًا ممنوع قراءته، والأفضل أن يقوم الناس بقراءات نافعة.. وهنا يفترق الموقف السلفى الوهابى من الأدب عن الموقف الفلسفى اليونانى، إذ إن فلاسفة الإغريق كانوا يحذرون من الأدب والشعر والمسرح لأنه يبطل عمل الفلسفة ويعطل دورها فى المجتمع، بينما الإسلاميون المتشددون يعادون الفلسفة بأكثر من معاداتهم للفن والأدب ويحرمون كل ما أبدعه العقل الإنسانى ويضعونه فى مقابل النصوص الدينية، على الرغم من عدم وجود تناقض بين احترام النص الدينى والاستمتاع بالرواية والقصة والقصيدة والفيلم والمسرحية واللوحة.

والمثير للتأمل أن الفلسفة الإسلامية لم تتخذ نفس الموقف الإغريقى من الأدب والشعر، وإنما كان للفلاسفة العرب إسهامات شعرية احتوت مواقفهم الفلسفية وأبرزتها، وتذكر أمهات الكتب أعمال «أبوحيان التوحيدى»، وله مُصنَّف كبير فى تصوف الحكماء، وكتاب سماه «البصائر والذخائر» وكذلك المقابسات. أما أبوالعتاهية فعُرف بأشعاره التى أودعها الحكمة، وجعلها تحمل رؤيته الخاصة للحياة والموت، فهو القائل: الشيب كرهٌ وكرهٌ أن يفارقنى.. أعجب بشىءٍ على البغضاء مودودُ.

والقائل: خليلىَّ إن لم يغتفر كل واحدٍ.. عثار أخيه منكما فترافضا/ وما يلبث الحِبّانِ إن لم يجوّزا.. كثيرًا من المكروه أن يتباغضا.

وتحفل الفلسفة الإسلامية بأشعار الإمام الغزالى، ومنها: أخذتَ بأعضادهم إذ ونوا.. وخلفك الجهدُ إذ أسرعوا/ وأصبحت تهدى ولا تهتدى.. وتُسمع وعظًا ولا تسمعُ/ فيا حجر الشحذ حتى متى.. تسن الحديدَ ولا تقطعُ.

كذلك إسهامات محيى الدين بن عربى الفلسفية كان للشعر فيها نصيب وافر، فهو القائل: بذكر الله تزداد الذنوبُ.. وتحتجب البصائر والقلوبُ/ وتركُ الذكرِ أفضل منه حالًا.. فإن الشمس لها غروبُ.

والذين يفسرون كلامه على محمل نبيل يقولون: إنما يُذكر الغائب، والله تعالى حاضر لا يغيب، وإن ذكره يدل على بُعد عن ذاته وجلاله، والبُعد حرمان يدل على كثرة الذنوب، والبُعد عن الذات طمس فى البصائر وظلمات فى القلوب. أما الإخوة الذين يأخذون بحرفية القول للدلالة على كفر القائل، فهم الذين لا يفهمون الفلسفة ولا يقرأون الأدب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الفلسفة والأدب بين الفلسفة والأدب



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday