لماذا يقف العرب ضد انفصال اسكتلندا عن بريطانيا
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

لماذا يقف العرب ضد انفصال اسكتلندا عن بريطانيا؟

 فلسطين اليوم -

لماذا يقف العرب ضد انفصال اسكتلندا عن بريطانيا

د. خالد الحروب

سألت أصدقاء وزملاء وطلبة في الجامعات ايضا وفي اكثر من بلد عربي خلال الاشهر الماضية عن رأيهم في مسألة انفصال اسكتلندا عن بريطانيا، وهي التي سيحسمها الاستفتاء التاريخي يوم الخميس 18 ايلول القادم.
المثير واللافت للانتباه ان الغالبية الكاسحة لمن سألتهم حتى هذه اللحظة يؤيدون بقاء اسكتلندا مع المملكة المتحدة.
وعندما استفسر عن الأسباب التي تبرر هذا التأييد لا تُطرح حجج تفصيلية أو تشي بأن صاحب الرأي على اطلاع ولو معقولاً بالجوانب المختلفة سواء للرأي الداعم للانفصال أم المؤيد له.
لا أزعم هنا بأن سؤالي العابر هنا وهناك كان مسحاً علميا ولا حتى قريبا من ذلك، ولم استطع تفسير ذلك إلا بتأكيد الانطباع الذي أعتقده وهو وجود مزاج عربي واسع وعميق ضد فكرة الانفصال ومُنحاز لفكرة الوحدة بشكل شبه غريزي، وهو الامر الجدير بالتأمل.
فعلى الرغم من الانهيارات المتتالية للمشروع القومي العربي على المستوى السياسي والإحباطات التي تعرض لها، والاستغلال الايديولوجي للشعارات القومية من قبل أنظمة دكتاتورية شوهته، إلا ان فكرة الوحدة العربية، وفكرة الانتماء إلى فضاء ثقافي واحد لا تزال متجذرة في الوجدان العربي.
لن يُعجب هذا الكلام كثيرين نعوا الفكرة العربية واعلنوا موتها مراراً، لكنها في ضوء التذري والتفسخ الطائفي والديني والإثني والسياسي الذي تواجهه المنطقة تثبت بأنها الفكرة الاكثر صلابة وديمومة.
صحيح ان الايديولوجيا القومية عانت من امراض عديدة، كالتوحيد القسري، وغياب الديموقراطية، واقصاء الاقليات، لكن ذلك لم يؤثر في جوهر التأييد العميق للفكرة.
وصحيح ان ليس ثمة تصور مطروح لترجمتها سياسيا وعملياتياً على الارض في الوقت الحاضر، لكن ذلك يؤدي إلى شطبها من جدول الخيارات المستقبلية بدليل تمظهراتها القوية في فضاءات الثقافة والإعلام والتواصل واللغة.
في تلك الحوارات العابرة مع زملاء واصدقاء وطلبة حول المسألة الاسكتلندية كنت اورد حجج مؤيدي الانفصال سواء تلك الاقتصادية او الهوياتية وذات العلاقة بالشعور الوطني الاسكتلندي المتأصل ضد الملكية، وضد سيطرة انكلترا التاريخية وبطشها بمن جاورها.
كما كنت اسحب الحجج إلى مساحة اخرى حيث موقف "بريطانيا العظمى" السلبي والمدمر في احيان كثيرة إزاء القضايا العربية، وأن انسلاخ اسكتلندا عن التاج البريطاني يحررها سياسيا من المواقف البريطانية، وذلك في الغالب الاعم سيخدم القضايا العربية.
فالمزاج الاسكتلندي قريب من الايرلندي في تأييده لقضية فلسطين وفي نزعته المعادية للسياسة الاميركية التوسعية هنا وهناك.
وان تقلص بريطانيا جغرافيا وديموغرافيا سوف يؤدي الى تقلص دورها ونفوذها العالمي الذي كان في الغالب الاعم على الضد من المصلحة العربية.
ومع ذلك بالكاد كانت هذه الحجج تؤثر في الموقف الاعرض وهو غير المؤيد للانفصال، والمائل بوضوح لفكرة الوحدة.
ثمة تقديرات ربما تكون غير دقيقة بوجود حوالي 700 الف عربي يعيشون في اسكتلندا ويحملون الجنسية البريطانية ويحق لهم التصويت يوم الخميس القادم.
والبعض يرى ان هذا العدد كفيل بأن يرجح كفة النتيجة إن مالت اغلبيته الكاسحة إلى رأي معين وصوتت باتجاه الانفصال أو استمرار الوحدة.
ربما كان في هذه التقديرات بعض المبالغات لكن سيكون من المثير فعلا، بحثيا ومعرفياً، استكناه رأي "عرب اسكتلندا" في مسألة الانفصال ومعرفة لمن صوتت اكثريتهم، ولماذا.
وفي نفس الوقت سيكون من المُعلم والمفيد لو أجري بعض الاستطلاعات المسحية العلمية لاستكشاف المزاج العربي حول فكرة هذا الانفصال، بل وربما توسيع ذلك إلى قضايا "انفصالية" وخلافية اخرى مثل مطالبات اقليم الباسك وانفصاليي كرواتيا.
الانطباع الاولي والتخميني، لدى كاتب هذه السطور على الاقل، ان نتائج مثل تلك المسوحات في ما لو اجريت ستؤثر الى تفضيل واضح لفكرة الوحدة، حتى من دون الانخراط في التفاصيل وفي الاسباب التي تجعل كثيرين من سكان تلك المناطق يطالبون بالاستقلال والانفصال.
وهذا يحيلنا مرة اخرى إلى معادوة فتح ملف فكرة الوحدة العربية التي رغم طوباويتها السياسية وعدم طرحها كبرنامج سياسي من قبل اية دولة أو حزب ذي جماهيرية حقيقية، إلا انها لا تزال تعيش في الوجدان العربي العميق.
وهي تعيش ايضا ويؤيدها بقوة، وبما يلفت الانتباه اكثر، بعض الشرائح الشبابية العربية التي ولدت في المهجر والتي لا تتقن في مجملها اللغة العربية أصلاً.
وهذا يفتح باب نقاش آخر حول "الهوية العربية" وتعريفها، ويذكر بنقاش معمق أداره عبد الإله بلقزيز في كتابه عن "نقد الخطاب القومي".
وفيه يرفض بلقزيز، وعلى خلاف مع كثير من المقاربات القومية الكلاسيكية، أيَّ تعريف يجذر الهوية بأطر جوهرانية وثقافوية تاريخية، تركز مثلاً على العرق، أو اللغة، أو الدين، أو التاريخ، فـ "عرب اليوم" يتجاوزون تلك التعريفات الحصرية والمقيدة، فأين يقع - مثلاً - أبناء العرب في المهاجر ممن لا يتكلمون العربية؟ وأين يقع غير العرب من المواطنين الذين ربما لا يتقنون العربية ولا ينتمون عرقياً لأي جنس "عربي"؟ وأين تقع الهوية الدينية في كل هذا اللبس؟ وأين يقع المسيحيون العرب إذا ما أدمجنا الإسلام في تعريف الهوية العربية؟ الجواب الحاسم عند بلقزيز هو أن الهوية الحديثة تتعرف فقط ضمن إطار سياسي ومواطني: الدولة الوطنية الديموقراطية هي مناط تعريف الهوية، وهذه الهوية تصبح ماهيتها سياسية قانونية في المقام الأول، وتتراجع اي مكونات ثقافوية أو تاريخية لتأخذ المقعد الخلفي.
ومن هنا أيضاً، فإن أطروحات التجانس الثقافي المفتعلة والقسرية لا تخلق هوية بل تعمق أزمات، إذ تريد قولبة المختلف في إطار ثقافوي توحيدي فوقي مفترض.
ويأتي الالتباس الكبير في تعريف الهوية القومية وحتى هوية الفرد في الفكر القومي من خلل أكبر وأهم، وهو احتقار فكرة "الدولة" أمام فكرة "الأمة"، فالأمة هي الأصل والدولة هي نتوء قد يبرز في هذه الحقبة أو تلك، ومن هنا، فإن تعريف الهوية بقي قلقاً من ناحية وثقافوياً من ناحية أخرى، لكنه في الحالتين اغترب عن حاضر عرب اليوم وعن دولهم القائمة، لأنه لم ينبع من هوية قانونية وسياسية تنطلق من تكريس مفهوم الدولة وإطارها.
وعندما نعيد تدوير هذا النقاش النظري في ضوء مثال وحالة عملية وواقعية تقوم حول تأييد حالة وحدة معنية لا علاقة للعرب بها على حالة الانفصال، فإن ذلك يدلل على أن الفكرة والنقاش حولها لم يموتا بل ما زالا على قيد حياة متحدية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يقف العرب ضد انفصال اسكتلندا عن بريطانيا لماذا يقف العرب ضد انفصال اسكتلندا عن بريطانيا



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 04:42 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 11:38 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

سامسونج تنافس أبل في خدمات الدفع الإلكتروني

GMT 07:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 05:21 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّض اللاجئين "الروهينغا" للإجبار على تجارة "البغاء"

GMT 23:34 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

فوائد الرمان الصحية وكيفية دمجه في نظامك الغذائي

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان بكين السينمائي يرحب بقادة صناع الترفيه الأميركية

GMT 23:29 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة كريستينا ... وحرب «العم» بلفور
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday