مزيد من خلط الأوراق في العراق
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

مزيد من خلط الأوراق في العراق

 فلسطين اليوم -

مزيد من خلط الأوراق في العراق

بقلم : خير الله خير الله

لا مفرّ من سؤال: هل يمكن إعادة تركيب العراق؟ الجواب أن ذلك سيكون صعبا، لكنّ ما لا بدّ من أخذه في الاعتبار مستقبلا تطور الوضع الداخلي الإيراني من جهة، والموقف الأميركي من جهة أخرى.

روح المقاومة لدى أهل البصرة لم تمت بعد
ليس ما تشهده مدينة البصرة حدثا عابرا. ما يحدث في العراق هزّ وما زال يهزّ المنطقة كلّها. الحدث العراقي ليس وليد البارحة، بل هو نتيجة سقوط التوازن الإقليمي ابتداء من العام 2003، أي منذ ما يزيد على خمسة عشر عاما. هل أحداث البصرة بداية استعادة هذا التوازن أم أنها خطوة على طريق مزيد من خلط الأوراق في الداخل العراقي، خصوصا بعد دعوة مقتدى الصدر رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى تقديم استقالته؟

لم تكن الحدود بين العراق وإيران، التي سقطت نتيجة الحرب الأميركية التي انتهت بانتصار إيراني لم يتحقّق إلا بواسطة الجيش الأميركي، مجرّد حدود بين بلدين. كان الرئيس الفرنسي الأسبق فرنسوا ميتران أوّل من تحدّث منذ ثمانينات القرن الماضي عن أن الحدود العراقية – الإيرانية هي “حدود بين حضارتين”، وانّ وجودها منذ ما يزيد على خمسمئة عام مرتبط بالتوازن الإقليمي بين العرب والفرس.

كان كلام ميتران في مطلع ثمانينات القرن الماضي لدى اندلاع الحرب العراقية – الإيرانية التي استمرّت ثماني سنوات. لعبت فرنسا دورا في غاية الأهمّية في منع حصول اختراق إيراني للعراق في تلك المرحلة. “أعارت” فرنسا العراق ست طائرات “سوبر ايتندار” لم تكن لدى البحرية الفرنسية غيرها وزودته صواريخ “اكزوسيت” بغية منع حصول هذا الاختراق للحدود العراقية. وهذا ما حصل بالفعل. كانت البصرة في كلّ وقت هدفا إيرانيا من منطلق أنّها مدينة ذات أكثرية شيعية… علما أنّه لا يمكن الاستهانة بما كان عليه الوجود السنّي فيها في الماضي إنْ على الصعيد الاجتماعي، أو على الصعيد الاقتصادي.

استطاعت إيران أن تحقق بواسطة الجيش الأميركي في العام 2003 ما لم تستطع تحقيقه بين 1980 و1988. عملت طوال خمسة عشر عاما على تغيير طبيعة المدينة كي تصبح متشحة بالسواد. شمل ذلك إغراقها بالمخدرات والقادمين من إيران، وتحويلها إلى ما يشبه ضاحية فقيرة وبائسة لمدينة إيرانية. أكثر من ذلك، جرى طرد الأقليّة المسيحية من المدينة في ظلّ سيطرة للميليشيات المذهبية التابعة لإيران عليها وعلى كلّ القطاعات المنتجة فيها.

بدأ طرد المسيحيين باعتداءات تعرضت لها النساء واستمرت عبر تفجير محلات بيع الخمور في المدينة. كانت كل الحجج صالحة من أجل تنفيذ عملية تهجير للمسيحيين والاستيلاء على ممتلكاتهم، علما أنّهم لم يحتكروا بيع الكحول أو المتاجرة بها في البصرة، بل كان مصدر معظم هذه الخمور الميليشيات المذهبية المعروفة التي تحكّمت بالمدينة مع سقوط النظام في 2003.

ليس ما حدث في الأيام القليلة الماضية سوى دليل على أن روح المقاومة لدى أهل البصرة لم تمت بعد. بعيدا عن دعوة “سائرون” العبادي إلى الاستقالة، يبقى أن إحراق القنصلية الإيرانية في المدينة ومقرات الأحزاب المذهبية الموالية لإيران بمثابة رسالة من أهل البصرة إلى كلّ من يعنيه الأمر.

فحوى الرسالة أن الكيل طفح وأن الناس لم تعد قادرة على تحمّل ممارسات الحكومة والقيمين على الخدمات ولا تصرفات الميليشيات المذهبية التي لعبت دورا في تغطية كلّ أنواع الفساد التي كانت إيران المستفيد الأوّل من جانب منه، طوال سنوات، خصوصا بعد تولي نوري المالكي موقع رئيس الوزراء.

في النهاية إن الفشل في البصرة، والفشل لا يقتصر على هذه المدينة العراقية الواقعة في منطقة غنيّة بالنفط، هو فشل للمشروع الإيراني في العراق. بغض النظر عمّا إذا كان صدّام حسين في حال الدفاع عن النفس في العام 1980، أو أنّ دخوله حربا شاملة مع إيران ردّا على استفزازاتها كان خطأ جسيما، يظلّ أن ما عجزت عنه إيران في 1980 تحقق لها في 2003. لا شكّ أن صدّام كان على خطأ في افتعال حرب دفعه إليها النظام الإيراني الجديد الذي قام على أنقاض نظام الشاه والذي استهدف العراق أوّلا. قد يكون هذا الاستهداف عائدا إلى حقد آية الله الخميني على العراق من جهة، واعتقاده أن شيعة العراق صاروا جزءا من رعيته من جهة أخرى. وهذا خطأ كبير في حجم خطأ ردّ صدّام على الاعتداءات الإيرانية باللجوء إلى الحرب.

بعد 2003، حاولت إيران أن تحكم العراق بكلّ الوسائل الممكنة مباشرة أو بوسائل غير مباشرة. تصرّفت وكأن العراق أرض سائبة. حققت الكثير في مجالات مختلفة، لكنّ مشروعها الهادف إلى تحويل العراق إلى مجرّد جرم يدور في فلكها اقترب من نهايته.

ما لا بدّ من الاعتراف به أنّ إيران استفادت إلى أبعد حدود من مشاركتها في الحملة العسكرية الأميركية. كانت في الواقع جزءا من هذه الحملة. وضعت كلّ إمكاناتها في تصرّف الأميركيين في مرحلة ما قبل الحرب. كان همّها منكبّا على الانتقام من العراق ووجدت في قرار جورج بوش الابن فرصة لا تعوّض من أجل تحقيق مبتغاها وشفي غليلها من العراق والعراقيين.

لذلك وجدناها تعدم بعد دخول ميليشياتها إلى العراق معظم كبار الضباط والطيّارين العراقيين الذين شاركوا في حرب 1980- 1988. ما عجزت عن تحقيقه في تلك الحرب حققه لها للأسف الشديد صدّام حسين عندما ارتكب حماقة احتلال الكويت في العام 1990، ثمّ جورج بوش الابن الذي لم يدرك عندما “تلقى نصيحة إلهية” بغزو العراق أنّ الموضوع يحتاج إلى إعداد جيد لمرحلة ما بعد احتلال هذا البلد كي يكون بالفعل نموذجا تحتذي به دول المنطقة.

من الباكر الجزم بأنّ إيران هي الخاسر الأوّل في البصرة. فعندما يدعو مقتدى الصدر حيدر العبادي إلى الاستقالة، وعندما تؤدي ميليشيات تنتمي إلى “الحشد الشعبي” استعراضات عسكرية في شوارع البصرة، بعد يوم فقط من إطلاق البصراويين صيحات “إيران برّة… برّة” يتبيّن أن لديها أوراقا ما زالت قادرة على لعبها. ما لا يمكن تجاهله أنّها عرفت تماما كيف تناور في السنوات القليلة الماضية، خصوصا عندما استخدمت إدارة باراك أوباما أفضل استخدام. ابتزت الإدارة طويلا في العراق وسوريا ولبنان بفضل ملفّها النووي الذي ليس أكثر من لعبة مكشوفة لتغطية مشروع توسّعي يعتمد، أوّلا وأخيرا، على إثارة الغرائز المذهبية في كلّ أنحاء المنطقة.

مرّة أخرى، لا مفرّ من سؤال: هل يمكن إعادة تركيب العراق؟ الجواب أن ذلك سيكون صعبا، لكنّ ما لا بدّ من أخذه في الاعتبار مستقبلا تطور الوضع الداخلي الإيراني من جهة، والموقف الأميركي من جهة أخرى. ما يمكن أن يدعو إلى بعض التفاؤل، وإن في الحدود الدنيا، أن الفشل الإيراني فشل في داخل إيران أوّلا، وهو فشل اقتصادي أساسا. أمّا بالنسبة إلى الإدارة الأميركية، بغض النظر عن المشاكل الداخلية لترامب، يبدو أن هناك نواة تعمل جدّيا على هزيمة المشروع الإيراني في المنطقة من منطلق الوعي الكامل لخطورة هذا المشروع وأبعاده.

هناك إدراك أميركي أن لا هدف لهذا المشروع سوى نشر التطرّف والبؤس والدمار وتفتيت المجتمعات. هل من دليل على ذلك أفضل مما حدث في العراق طوال خمسة عشر عاما من ممارسة النفوذ في هذا البلد الذي كان إلى ما قبل فترة قصيرة حاجزا يقف في وجه التمدد الإيراني في اتجاه الشرق الأوسط والخليج.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مزيد من خلط الأوراق في العراق مزيد من خلط الأوراق في العراق



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 07:29 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء ممتازة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 01:28 2025 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

حظك اليوم برج السرطان الإثنين 02 يونيو / حزيران 2025

GMT 15:53 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان يسعى إلى تدعيم صفوفه بلاعبين جدد

GMT 09:59 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس مرسيدس يؤكد أن فرستابن يحتاج لتعلم الكثير

GMT 08:53 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

قوات الاحتلال تطارد فلسطينيًا في العيسوية

GMT 11:02 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة تعلن 4 حالات وفاة و516 إصابة جديدة بكورونا و613 حالة تعافٍ

GMT 22:47 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أفكار مبتكرة لتنسيق شرفة منزلك

GMT 15:29 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاثيوبي أباتي يتوج بلقب ماراثون هامبورج

GMT 14:59 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

باخ يدعو تايجر وود للمشاركة بأولمبياد طوكيو 2020

GMT 20:55 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

لاعب منتخب كرة السرعة يتمنى أن تصبح اللعبة أولمبية

GMT 17:43 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الترجي يأمل مواجهة الصفاقسي بنهائي البطولة العربية للطائرة

GMT 05:38 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا توضّح حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 03:44 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

طرق بسيطة لتنظيم المطبخ تُساعد على خسارة الوزن

GMT 11:22 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

قسوة الرسائل الأخيرة

GMT 03:10 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين الرماحي توضّح أنها وصلت إلى مرحلة النضوج
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday