د. يوسف رزقة
كان بالأمس سؤالا افتراضيا، واتهاما افتراضيا أيضا، ولكنه اليوم لم يعد كذلك ، بعد تلقي الإجابة عنه من مصر من ناحية، ومن النرويج من ناحية أخرى.
السؤال كان بصيغة: هل تتراجع السلطة عن التوجه إلى مجلس الأمن؟ وهل تتراجع في خطوات توجهها لمحكمة الجنايات؟! وكان الاتهام يقول: نعم. ستتراجع في الأمرين؟!
والآن تبدد الاتهام بالإجابة المصرية، حيث انتقد سامح شكري، وزير خارجية مصر، من دافوس ، في تصريح لصحيفة ( هآرتس ) العبرية توجه السلطة الفلسطينية إلى مجلس الأمن، ثم إلى محكمة الجنايات الدولية، معتبرا هذا التصرف خاطئ لأنه يعقد عملية استئناف المفاوضات؟! والأخطر من ذلك قوله:( إن دول جامعة الدول العربية تعرف تداعيات العرض الفلسطيني،وأنها تعمل على بلورة صيغة جديدة، تأخذ مطالب الأطراف في الحسبان؟! ولكن لن يتم تقديم هذه الصيغة قريبا لمجلس الأمن؟! وأن مصر تعمل مع الأطراف لتجديد المفاوضات؟!). وكان ( منير فخري) المستشار العسكري للرئيس السيسي، قد قال : ( إن السيسي راض عن التعاون العسكري والأمني مع إسرائيل، داعيا إلى تطويره؟!).
من هنا نعلم جيدا حالة المستقبل في مسائل ثلاثة : الأولى أنه لن تخالف السلطة الفلسطينية مصر بالضرورة؟! ، ولن ترفض موقفها ووصفها و انتقادها للخطوتين. ولن تتحداها بالاستمرار في تحريك الدعوى في محكمة الجنايات. ولن تعود إلى مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال قريبا؟! لأن الموقف المصري هنا هو مقرر، وليس متفرج؟! وهذا يعني أن مصر لا تدعم عباس في مواجهة إسرائيل ( سياسيا، وقانونيا) ، وأن مصر ضد تدويل حل إنهاء الاحتلال الذي يهدد به عباس، وأن مصر أقرب ما يكون للموقف الإسرائيلي في المسألتين. أو قل إن مصر أخذت على عاتقها تبني الطلب الإسرائيلي الأميركي، وقررت ( فرملة) الحراك الفلسطيني؟!
والثانية تقول إن مفاوضات التصفية ستستأنف بعد الانتخابات الإسرائيلية في شهر مارس القادم، وأن مصر قررت هذا، وهو ما أكده تصريح وزير خارجية دولة النرويج مؤخراً، بقوله لن تستأنف قبل الانتخابات الإسرائيلية، ومن ثم على عباس أن ينتظر هذه المدة فلعل القادم شخصا غير نيتنياهو. وهذا الانتظار تقرر فلسطينيا فيما يبدو، حيث صدر تصريح من المقاطعة في رام الله، يقول إن السلطة ستجدد توجهها لمجلس الأمن في إبريل القادم؟!
والثالثة تقول: إن العلاقات المصرية الإسرائيلية في أحسن أحوالها أمنيا، وعسكريا، وأنها تتجه نحو التطور، وأن علاقة السلطة بمصر ليست في أحسن أحوالها، رغم هجوم عباس المتكرر على حماس وعلى الإخوان من خلال الإعلام المصري. وتقول إن مجموعة من الدول العربية، ربما لا تدعم السلطة في توجهها إلى محكمة الجنايات الدولية، وهذا يبعث على القلق في الميزانية فلسطينيا خشية ألا تتوفر شبكة آمان مالية، حال المخالفة، وتحريك الدعوة في الجنايات الدولية.
باختصار، يمكن أن نقول ما لا يقال:( إن النظام العربي ، والفلسطيني معا، هو جزء من المشكلة التي يعانيها الشعب الفلسطيني، وأنهما جزء معوقات الحل تاريخيا، وهو قول مؤسف بالطبع، ولكن دلائله تهجم على الفكر، هجوما يبرر القول المؤسف؟!).