د. يوسف رزقة
بداية لم تكن زيارة خالد مشعل مفاجئة كما ذهبت لذلك بعض وسائل الإعلام، بل كانت متوقعة منذ أن تولى الملك سلمان الحكم بعد رحيل أخيه عبدالله، وبعد أن اتخذت القيادة السعودية قرار تنفيذ عاصفة الحزم. المفاجئ فقط هو الإعلان عن الزيارة بعد وصول مشعل لمكة المكرمة. كان الوصول في اليوم الأخير من شهر رمضان المبارك، وقبل يوم عيد الفطر ، وبعد إعلان اتفاق (فينا) حول البرنامج النووي الإيراني. 
في ظني أن المملكة وافقت على الزيارة من حيث المبدأ قبل أشهر، وانتظرت الظرف المناسب، فكان يوم التنفيذ جامعا لهذه المناسبات والملابسات، ومن ثم أتاحت المملكة الفرصة لخالد مشعل لكي يلتقي بخادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، وهو لقاء يعطي الزيارة أهمية كبيرة، وأفق أوسع من التوقعات والتفكير. 
لا يمكن النظر إلى الزيارة بعد انتهائها بعيدا عن ملفات المنطقة الإقليمية، إضافة إلى الملف الفلسطيني الداخلي، والملف الفلسطيني الإسرائيلي. الزيارة بناء على ملفاتها تعد زيارة كبيرة وذات مغزى، وربما تساعد على تطبيع العلاقات السعودية مع حماس، ومع التيارات الإسلامية المعتدلة في مواجهة التطرف. وهنا يقال إن السعودية تبحث عن تحالف سني لمواجهة خطر تمدد التطرف والتشيع، وكلاهما في نظر القيادة السعودية خطر على وحدة المملكة وعلى دول مجلس التعاون الخليجي. 
الزيارة في نظر حماس مهمة بعد جفاء بين الطرفي في سنوات خلت بعد اتفاق مكة ٢٠٠٨م، بفعل طرف ثالث كان محمود عباس جزءا منه. وهي مهمة لأنها تأتي في ظل الصراعات الداخلية التي تعصف بعدد من الدول العربية وتهدد الدول الأخرى. وهي مهمة في ظل تطورين مهمين في مصر واليمن، وكانت حماس قد تضررت من مخرجات الثورة المضادة في مصر، ومن مخرجات الحرب الداخلية السورية. ومن ثمة كانت حماس في حاجة لهذه الزيارة، لاسيما الإفراج عن بعض قيادات العمل الاجتماعي والإغاثي الفلسطيني الذين تحفظت عليهم المملكة في نهاية حكم عبدالله بن عبد العزيز. 
في غزة يقيمون الزيارة ونتائجها بقولهم : ( أول الغيث قطرة)، ويعنون بها الإفراج عن المتحفظ عليهم، ولكنهم يأملون أن يكون للمملكة دور يماثل الدور القطري في إعادة إعمار غزة. ويتمنون أن يكون للملك سلمان دور في تخفيف الحصار وفتح المعابر مع غزة. 
إنه من الصعب رفع سقف التوقعات من زيارة هي أولى بعد جفاء لسنين، ولكن يمكن متابعة الزيارة من خلال العلاقات الثنائية لتطويرها وتفعيل مخرجاتها بشكل مناسب يلمسه المواطنون، وأحسب أن قيادة حماس جاهزة لمواصلة الطريق مع المملكة في تطوير علاقات تخدم مصالح الأمة وتقلل من أخطار التطرف والصراعات الأخرى، وقد كشفت القيادة السعودية عن تفهم جيد لدور حماس ولعلاقاتها مع الآخرين، واطمأنت إلى تمسك حماس بمجموعة المبادئ الأساسية التي توجه علاقاتها وسياساتها. كانت الزيارة مهمة، وفي توقيت مهم، وكان الغاضبون منها أيضا كثيرون، ومن ثمة تختلف التقييمات والمواقف .