د. يوسف رزقة
ليست مشكلة مصر مشكلة حجاب. مشكلة الحجاب عرض لمرض أعمق هو معاداة السلطات الحاكمة للإسلام. السلطات الحاكمة ترعى عمليات نشر ثقافة الكراهية للإسلام، تحت مسمى معاداة الإخوان المسلمون. الإسلام دين أمة، وهوية مجتمع، وهو حجة على الإخوان وغيرهم، والعكس باطل، فلا أحد حجة على الإسلام، إلا بقدر التزامه الصحيح بالإسلام. 
دعوة فريد الشوباسي وغيره لنساء مصر المحجبات لخلع الحجاب في احتفال احتجاجي في ميدان التحرير، ليست دعوة ضد الحجاب، بل هي دعوة لهدم الإسلام نفسه، ولهدم العفاف نفسه، ونشر الإباحية التي حاربها المجتمع المصري بقيادة الأزهر والإخوان لعشرات السنين. 
حجاب المرأة ليست تدينا خاطئا كما زعم جابر عصفور وزير الثقافة السابق، بل هو جزء صحيح من دين الإسلام نفسه، وهو جزء صحيح من عفاف المرأة الحرة، التي نشأت على صون عفافها وجمالها من ذئاب البشر والمتطفلين. ومن ثمة فإن قضية الحجاب ليست مشكلة فكرية، أو فقهية، يختلف فيها المفكرون والفقهاء، بل هي مشكلة تنبع من صراع أعمق بين التيارات المصرية على هوية الأمة المصرية؟! 
في مصر تيار علماني، يجمع ليبراليين ويسارين، يقاومون هوية مصر الإسلامية العربية، ويدعون إلى هوية علمانية وفرعونية، وثقافة نسوية غربية؟! هؤلاء يجندون قدراتهم وقدرات المنحرفين معهم لإقامة الثقافة المصرية على قواعد علمانية غربية، تفك الأواصر المتينة مع التراث العربي والإسلامي؟! وهي دعوات مريبة تتلقى تأييدا من السلطات الحالية، ومن قيادة الكنيسة القبطية، ومن مجموعات متنوعة من المثقفين، والفنانين، والمغنين، والراقصات. 
دعاة التيار العلماني المصري المعادي للإسلام يتلقى اعترافا ومساعدات مختلفة من قادة الدول الأوربية، ومن أميركا وروسيا، ويتلقون دعما آخر من الصهيونية العالمية، ومن زعماء الكنيسة القبطية في أميركا، إضافة إلى ما بثه المثقفون المنحرفون من سموم باسم الحرية الكاذبة والحضارة المخادعة. 
إن مشكلة الحجاب كمظهر نسوي يدل على هوية المجتمع المصري عند أول نظرة، ليست مشكلة فقهية، إنها مشكلة سياسية بالدرجة الأولى، إنها مشكلة النظام الحاكم مع المجتمع المحكوم بقوة السلطان، لذا تجد قادة السياسة هم من يشجعون الرافضين لحجاب المرأة، وهم من يساعدون دعاة السفور والفتنة كالشوباسي وغيره في دعواتهم المنحرفة؟! ومن ثمة احتفلت وسائل الإعلام التي تدور في فلك النظام، ورجال الإعلام والكنيسة بهذه الدعوة الفردية الشاذة، وجعلتها بالنفخ فيها دعوة عامة تعبر عن تيار، بينما هي لا تزيد عن دعوة منحرف، أو دعوة لمجموعة من المنحرفين. 
لا يكاد يوجد شعب ينافس الشعب المصري في عاطفته وحبه للإسلام، فهو شعب متدين بطبعه وبثقافته، وهو حامل لواء الإسلام لغيره من الشعوب عبر التاريخ، ولا عاطفة عنده أقوى من عاطفة الدين، حتى المنحرفون من أبنائه تجد أكثرهم يحبون الدين، ويؤدون العبادات، ويبكون عندما تذكره بالآخرة . ولو علم الشوباسي وأهل الانحراف من القادة هذه الحقيقة التي تسكن الطباع المصرية فطرة وخلقة علم من يبحث عن الحقيقة، لما دعوا المرأة المصرية لخلع الحجاب ومواجهة والدها وزوجها وشقيقها ومعصية أوامر دينها الحنيف، لأنها دعوة خاسرة ولن تحقق أهدافها الخبيثة.