د. يوسف رزقة
القدس تشتعل. تلكم ملخص الحكاية في القدس، وبالذات في المسجد الأقصى. يبدو أن نيتنياهو قد أدرك أن القدس تشتعل، فطلب من قوات الشرطة وحرس الحدود في القدس تخفيض ألسنة اللهب المشتعلة في القدس ؟! منذ أسابيع والهجمة الصهيونية على القدس والمسجد الأقصى في تزايد مستمر، لاستكمال الفصل النهائي من استراتيجية القدس المقررة سلفا في دوائر صنع القرار في اسرائيل.
في الأسابيع القليلة الماضية إرتفعت حدّة هجمات المتدينين ، والمستوطنين، وبالذات مجموعة أمناء الهيكل، إضافة الى رئيس بلدية القدس، ورئيس الكنيست، لاقتحام المسجد الأقصى ، وإقامة الصلوات التلمودية في ساحاته، بشكل يومي ومتواصل، وكانت هجماتهم المتكرر لفرض أمر واقع على المسجد، تحظى بحماية قوات حرس الحدود، والشرطة في مدينة القدس، وكان يصاحبها عادة منع للمسلمين من أداء الصلاة في المسجد الأقصى.
ألسنة اللهب المشتعلة في القدس، أوقدت نار حرب ( العصف المأكول) بالأمس القريب في غزة، وها هي تعود للاشتعال من جديد لتحمل لنا نذر حرب جديدة، أو نتفاضة جديدة في القدس والضفة، رغم أنف الرافضين للحراك الشعبي المتصاعد.
بالأمس القريب دافعت رصاصات الشلوادي عن القدس، ودفع حياته ثمنا لحماية الأقصى المبارك، واليوم دفع معتز حجازي حياته ثمنا للنيل من ( يهودا غليك) المتطرف، لمنع هجماته النشطة، وهجمات اتباعه اليومية من أمناء الهيكل على المسجد الأقصى.
رسالة الشلوادي، ورسالة حجازي، هي رسالة كل فلسطيني ومسلم يقدر الأقصى قدره، فهي رسالة شعب وأمة، وستبقى كذلك رسالة أمة حية، كما أن رسالة يهودا غليك هي رسالة احتلال، ورسالة صهيونية عنصرية مقاتلة، ولا يمكن أن ننظر اليها على أنها رسالة متدين متطرف. لا. هي رسالة نيتنياهو وحكومته، ورسالة الأحزاب اليمينية والمتدينة، ورسالة الحكومة والكنيست.
إنه لأول مرة في تاريخ الاحتلال منذ عام ١٩٦٧، تقوم حكومة اسرائيلية بإغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين، وتمنع إقامة الصلاة فيه؟! ( الإغلاق) حدث كبير، وتعدّ سافر على حرمة المقدسات، وحرية المسلمين في العبادة، وهو إجراء يمس سيادة الأوقاف الأردنية والفلسطينية على المسجد، وهي خطوة خطيرة ربما تتكرر لأدنى ملابسة، لتمهد للتقسيم المكاني والزماني للأقصى.
دولة الاحتلال تسابق الزمن في عملية تهويد القدس، وتقسيم الأقصى، لأنها تريد أن تستفيد من غفوة الإقليم، ونوم الدول العربية، وانشغال المنطقة بمعارك سوريا والعراق، واليمن وليبيا، وانشغال مصر بنفسها، لتنفيذ ما تبقى من خطط للاستيلاء على القدس والأقصى، وتدمير أمل من تعلقوا بالمفاوضات للوصول الى عاصمة فلسطينية في القدس.
القدس تشتعل، ونارها في كل مكان، في غزة والضفة، وفي كل العواصم العربية والإسلامية ، وفي كل النفوس المؤمنة، وهي تنتظر القائد المخلّص. القدس تشتعل هذا ملخص الحكاية.