د. يوسف رزقة
تيار واسع من المسئولين والخبراء في دولة الاحتلال يعارضون سياسة نيتنياهو تجاه الإدارة الأمريكية الحالية. الموضوع الإيراني يقف في خلفية المواجهة بين الطرفين. المواجهة بين الطرفين خرجت من الغرف المغلقة إلى الفضاء المفتوح على الإعلام. نيتنياهو يرفض الرؤية الأمريكية لإدارة أوباما، وإدارتها السياسية للملف النووي الإيراني، ويرى أن ما يجري من توافق بين طهران وواشنطن يهدد وجود الدولة الصهيونية من جذورها.
نيتنياهو في آخر تصريح قال: أحترم الإدارة الأمريكية، ولكن أمن ( إسرائيل ) الوجودي مقدم عندي على كل شيء ؟!
نيتنياهو يملك ورقة قوة من خلال التوافق مع أعضاء الحزب الجمهوري في الكونجرس. وقد دخل الجمهوريون عدى خط المواجهة العلنية بدعوة نيتنياهو لإلقاء خطاب في الكونجرس، دون موافقة الإدارة الأمريكية ، الأمر الذي أشعل فتيل التصريحات المتقابلة.
في دولة الاحتلال يتهمون نيتنياهو بمخالفة الاستراتيجية الصهيونية المقررة سلفا، والتي تقضي بالمحافظة على التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وتحقيق الانسجام الدائم معها في العلاقات الخارجية، لأن أميركا تكاد تكون الدولة الوحيدة القادرة على حماية أمن ( إسرائيل)، وهي الدولة الوحيدة التي تنشر عليها مظلة الفيتو في مجلس الأمن لحمايتها من العقوبات الدولية.
ثمة اعتقاد واسع بين خبراء الاستراتيجيات الصهاينة أن نيتنياهو يعرض الدولة للخطر، بلا أسباب تبرر ذلك، وأن خطابه في الكونجرس فيه تحد للإدارة بغير مبرر كاف، وأن نيتنياهو يجلب للدولة كارثة تهدد مستقبلها. وقد صرح جون كيري أن معارضة نيتنياهو للموقف الأمريكي من إيران يعد خطأ واضحا في ملف السياسة الخارجية، حيث سيوفر هذا الاتفاق حين إتمامه الأمن ( لإسرائيل)؟!
مما تقدم يمكن القول بأنه لا خلاف بين الطرفين على أمن دولة الاحتلال، ولكن الخلاف يقع بين سياسة الاحتواء التي تمارسها إدارة أوباما، وبين سياسة الحرب التي تريد أن تشعل نيرانها دولة الاحتلال. أميركا لا تريد إيران نووية، ونيتنياهو لا يريد إيران نووية، ولكن اليهود يمارسون إيقاد نيران الحرب في كل مكان وفي هذا تصديق لما وصفهم به القرآن الكريم. إنه وباختصار شديد يمكن القول أنه لا إرهاب في العالم ينافس أو يضارع إرهاب دولة الاحتلال الصهيوني البتة.
في ظلال ما تقدم نود أن يقف القارئ على على المفارقة بين ما تقدم، وبين موقف الإدارة الأمريكية في تدخلها السافر والوقح في الشأن الفلسطيني، حيث نقلت المصادر الإعلامية أن جون كيري طلب الإطلاع على أجندة المجلس الوطني مسبقا قبل اتعقاده المتوقع في يوم الأربعاء القادم، مهددا السلطة بوقف المساعدات المالية إذا ما اتخذت مواقف حادة في المجلس كوقف التنسيق الأمني، أو تجميد اتفاق أوسلو كما تطلب الجبهة الشعبية. موقف جون كيري هذا نقلته دول عربية قبل أن يصرح به، وقد أيدت الدول العربية المعنية طلب جون كيري، تحت مبرر أن الظروف لا تسمح بهذه القرارات ، مع العلم المسبق لديهم ولدي ولدى كل فلسطيني أن المجلس الوطني لن يجرؤ على اتخاذ هذه القرارات، لأنه غير مؤهل لاتخاذها، بعد التهميش التاريخي والتراكمي لدوره.
وفي الختام يبقى الفارق المشار إليه آنفا لأنه يحيل على فارق بين قيادة وقيادة، ففلسطين تعاني من أزمة قيادة، ومن أزمة أجندة مبنية على أولويات الوطن؟!