بقلم د. يوسف رزقة
ما زلنا نذكر تسيبي ليفني، وزيرة خارجية العدو وأحمد أبو الغيط وزير خارجية مصر، عندما نتذكر حرب رصاص مصبوب في ٢٠٠٨م، حيث أعلنت الحرب على غزة بشكل غير مباشر من قاهرة المعز في مؤتمر صحفي للوزير والوزيرة.
في هذه الحرب قامت دول العدو بالضربة الأولى بأكثر من ستين طائرة حربية بشكل مفاجئ وفي يوم سبت وهو يوم عيد عند اليهود. وفي هذه الضربة الجوية قتل ما يزيد على (٢٥٠) مواطن (شرطي ومدني ) في دقائق معدودة، وهدمت الطائرات جل مركز الشرطة والأمن في غزة، ولكنها فشلت في هدم إرادة المقاومة الفلسطينية، رغم شدة الصدمة، وصمدت غزة ودافعت عن نفسها حتى انتهى القتال بتهدئة غير مكتوبة بين الطرفين.
منذ ذلك التاريخ وحتى الآن وممثلا الضحايا الفلسطينين ( أليكس ديواف ، وفيرونك فان دربلانك) يتابعان بالتعاون مع جمعية الصداقة البلجيكية الفلسطينية في ملاحقة تسيبي ليفني وزيرة الخارجية في تلك الفترة لتقديمها إلى القضاء.
ألغت تسيبي ليفني، وزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة إبان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في العام 2008-2009 زيارة كانت مقررة لها لمدينة بروكسيل في بلجيكا في ٢٣ يناير ٢٠١٧م في أعقاب إعلان النائب العام هناك أنه سيتم توقيفها للتحقيق في جرائم حرب ارتكبت في قطاع غزة خلال العدوان المذكور.
المركز الفلسطيني رحب بقرار النائب العام البلجيكي، وثمن عاليا موقف نظام العدالة هناك والذي لم يخضع لمحاولات تسييس الملاحقة، وكذلك الجهود الرائعة التي بذلها ممثلو الضحايا، المحاميان المذكوران آنفا ، والتي ساهمت في إعادة الاعتبار لمبادئ العدالة الدولية ومحاربة الحصانة والانتصاف للضحايا.
وكانت ليفني قد تعرضت لمثل هذه الملاحقة في بريطانيا كمسئولة عن جرائم حرب ضد الفلسطينيين حيث أرسلت وحدة جرائم الحرب في مقر الشرطة البريطانية رسالة الى السفارة الاسرائيلية في لندن تستدعي فيها تسيبي ليفني للحضور من أجل إجراء مقابلة مع الشرطة للتحقيق معها فيما يتعلق بدورها في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لعام 2008- 2009، بناء على دعوى قضائية يباشرها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وشركائه "هيكمان أند روز" أمام القضاء البريطاني، ولكن تسيس بريطانية للقضية جعلها تفلت من العقاب يومئذ.
إن الاهتمام بعرض هذه الجهود في ملاحقة ليفني كمجرمة حرب لا يهدف الثناء على القضاء البلجيكي، ولوم الحكومة البريطانية على تسيس القضية، ولكنه يهدف إلى جانب ذلك القول للرأي العام الفلسطيني إن الحقوق لا تسقط بالتقادم، وإن المتبعة الجيدة تعطي نتائج جيدة، وأن قادة العدو ليسوا فوق القانون في البلاد التي تحترم القانون والرأي العام كما حصل في بلجيكا قبل أيام. لذا نؤكد على أهمية رفع قضايا ضد العدو أمام محاكمة الجنايات الدولية، وعدم الوقوف عند تزويدها بالوثائق فحسب، كما تفعل اللجنة الفلسطينية المختصة بمحكمة الجنايات.