بقلم : د. يوسف رزقة
الإنتخابات إحدى آليات العمل الديمقراطي الحديث، التي تحتكم لانتائجها الأحزاب والفصائل، والمرشحون والجمهور، وفي جميع الأحوال لا يجوز تفصيلها مسبقا على مقاس حزب أو فصيل أو مرشح. التفصيل المسبق يعني أنه لا ديمقراطية، ولا انتخابات، وإنما ضحك على الشعب وعلى الناخبين.
إن حماس محقة فيما يمكن أن تذهب إليه من مقاطعة ما يسمى الانتخابات المحلية، التي تطرحها حكومة رامي الحمدالله مجددا بعد إلغائها في أكتوبر الماضي مستعينة بالمحكمة الدستورية، التي قضت بعدم إجرائها في غزة. وجيد أن تربط حماس الانتخابات بالمصالحة، وأن تقول للجميع : إن الانتخابات بعد المصالحة، فقد تآكلت الثقة بحكومة الحمدالله، وبسياسة محمود عباس بشكل كبير بعد الغاء انتخابات أكتوبر الماضي.
يقول قيادي في حماس " في تصريحات لـ «القدس العربي»، إن الذي أفشل الانتخابات السابقة التي كانت مقررة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، هو الرئيس محمود عباس، وحكومة التوافق الوطني. وأكد أن الرئيس والحكومة قاما باتخاذ إجراءات لتعديل القوانين، وتشكيل محكمة للانتخابات خارج التوافق الوطني، مشيرا إلى أن ما حدث يعد «مخالفة للإجماع الوطني الفلسطيني وخارج إطار التفاهمات».
وأضاف أنه لا يمكن لحركة حماس أن تتعامل مع هذا الخروج عن الإجماع الوطني. وأن التجربة السابقة في الانتخابات المحلية التي توقفت بقرار من الرئيس محمود عباس والحكومة بـ «الانقلاب على التفاهمات والاتفاقات الفصائلية»، لا يمكن لحماس أن تشارك في الانتخابات إلا بعد تحقيق المصالحة وإنهاء حالة الانقسام"
إن وفد الضفة الذي يمثل مؤسسات المجتمع المدني والذي حضر لكي يلتقي بالقوى الوطنية والإسلامية لبحث مشروع الانتخابات المحلية لن يحقق النجاح في مهمته، بعد أن فصل محمود عباس الانتخابات على مقاس فتح وحاشيته من خلال استحداث محكمة الانتخابات، بعدما استحدث المحكمة الدستورية، بغير توافق وطني، أو التزام بالقوانين الفلسطينية.
إنه لا قيمة لانتخابات محلية قبل المصالحة الحقيقية التي تؤسس للمشاركة معا في الحكومة والحكم، وإدارة الصراع مع العدو، وما يجري في العالم لاسيما بعد انتخاب ترامب رئيسا (مصارعا ) للبيت الأبيض، وبعد تزايد حالة الاستيطان في الضفة والقدس، وبعد إنشغال البلاد العربية المؤثرة بمشاكلها الداخلية المعقدة.
إن إنشاء الرئيس محمود عباس لمحكمة الانتخابات من خلال مرسوم رئاسي، لكي تختص المحكمة بالنظر في الطعون والجرائم والمسائل القانونية التي تتعلق بالانتخابات والهيئات المحلية، هو نوع من التحايل، والالتفاف على القوانين المقررة سلفا بأن الطعون تقدم في المحاكم الابتدائية الإدارية في مناطق غزة والضفة. وبالتالي فإن قرار محكمة الانتخابات بمرسوم رئاسي هو التفاف على غزة، وعلى القضاء فيها، وعلى ما تم التوافق عليه بين الفصائل و لجنة الانتخابات قبل شهر أكتوبر الماضي.
إنه على الرغم من أهمية الانتخابات المحلية والعامة أيضا، لأنها تجدد الدماء وتجدد المؤسسات، إلا أن المصالحة أهم وهي الضامن الرئيس للنجاح، وباستمرار إن تفصيل انتخابات بمقاس الحزب الفلاني، أو الفصيل العلاني هو أمر مرفوض. ومحكمة الانتخابات هي ملاكي خاص، وكذا المحكمة الدستورية..