د. يوسف رزقة
( كل عام وأنتم بخير وتقبل الله طاعتكم ) . خالد مشعل في السعودية في زيارة كانت متوقعة منذ تولي الأمير سلمان بن عبد العزيز الحكم. جاء الملك سلمان بوجه آخر لسياسة الخارجية للمملكة وقد سماها الكتاب المقربون من القصر باستراتيجية سلمان. 
وقد عرفنا من هذه الاستراتيجية مفردات منها إعادة ترتيب الأجندة السعودية، فبدأت بالخطر الإيراني في المنطقة، وبتراجع خطر الإخوان، الذي احتل المرتبة الأولى في عهد الراحل الملك عبدالله. 
كان هذا تغييرا عميقا وذا مغزى عملي، أذ أسفرت عنه عاصفة الحزم، التي واجهت فيها السعودية من خلال تحالف عربي وتفهم دولي احتلال الحوثيين الشيعة بصنعاء العاصمة، ومحافظات اليمن الأخرى، والانتقال باليمن إلى منطقة النفوذ الإيراني . وقد اقتضت هذه المواجهة العسكرية التفاهم مع حزب الإصلاح اليمني( إخوان مسلمين) على الدور الذي يقوم به الحزب في إنجاح معركة عاصفة الحزم وهزيمة الحوثيين وقوات على عبدالله صالح. 
لم تعد جماعة الإخوان عدوا للمملكة، بل غدت شريكا لها في مواجهة التمدد الحوثي والشيعي، وقد ذاب بهذا بعض جبل الجليد بين المملكة والإخوان، وبين المملكة وحماس، وعندها توقعت المصادر دورا جديدا للمملكة في رعاية المصالحة، ومشروع التهدئة، وتطبيع العلاقة مع حماس من خلال زيارة خالد مشعل للمملكة. 
اليوم ونحن في التاسع والعشرين من رمضان المبارك تتحقق التخمينات آنفة الذكر بزيارة خالد مشعل والوفد المرافق له للمملكة، لأداء العمرة على المستوى الشخصي، وللتباحث مع القيادة السعودية في ملفات عديدة تهم الطرفين، ولست أدري هل جاء هذا التوقيت قدرا، أم جاء مرتبطا بتوقيع اتفاق فينا بين إيران والدول الخمسة ؟! وهل هو جزء من الرد السعودي الضمني على الاتفاق؟
إنه وبغض النظر عن التوقيت وملابساته، فإن الزيارة تحمل في طياتها أهمية كبيرة للطرفين، وأهمية أخرى للمنطقة عربيا وإقليميا، وفي ظني أن حماس ترحب جيدا بدور سعودي بقيادة الملك سلمان في الملفات الفلسطينية، لاسيما في ملف التهدئة ورفع الحصار وإعادة إعمار غزة. 
إن الربط الإيحائي بين الزيارة والعمرة ورمضان وعيد الفطر السعيد لا يقلل من الأهمية السياسية للزيارة، والتي ربما تسفر عن شراكة ما لحماس مع المملكة بما يخدم مصالح الطرفين، وفي ظني أن المملكة في عهدها الجديد تثق في سياسة حماس ( العربية المعتدلة والوسطية) ، ولديها استعداد للتعامل مع خالد مشعل وحماس فيما هو متفق عليه بدون شك أو ريبة. 
نحن في أجواء الساعات الأخيرة من شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، أعاده الله علينا وعلى قراء جريدة فلسطين وشعبنا والأمتين العربية والإسلامية وقد تحررت القدس والأقصى، وقد رفع الله عن الأمة الاستبداد و التشدد والتطرف، وبهذه المناسبة التي نستقبل فيها عيد الفطر السعيد نقول باسم جريدة فلسطين للجميع كل عام وأنتم بخير، ونشكر الملك سلمان بن عبد العزيز على هدية العيد السعيد للفلسطينيين، ولمحبي حماس، والتي تمثلت بهذه الزيارة الكريمة في هذا التوقيت.