د. يوسف رزقة
الحمد الله رئيس وزراء مدهش. تحدث في زيارته الأولى قبل عام تقريبا عن وعد بحل المشاكل العالقة. واليوم يزور غزة للمرة الثانية ويتحدث عن وعد شخصي لحل المشاكل العالقة؟! . 
لا أود الحديث في هذه المناسبة عن الوفاء لغزة ونضال شعبها، لأن النضال والوفاء ليسا من مفردات ما يسمى حكومة التوافق، ولكن أود أن أسأل رئيس الوزراء: لماذ لم يف بوعده في زيارته الأولى؟! ولو وفا بما وعد في الزيارة الأولى لصدقنا وعده في زيارته الثانية. لذا نقول له إن الموظف في الوظيفة العمومية لا يثق بالوعود والكلام، وثقته فقط في القرار والإجراءات، فلا تحدثوا موظف غزة عن وعود، وعن مستقبل، وتحدثوا معه فقط عن القرار، وتذكروا أن قلة الكلام أحسن من كثرة الكلام بلا رصيد. 
الناطق الرسمي باسم حماس لم يعجبه كلام الحمدالله للإعلام أمس، لذا قال حماس ترفض اشتراطات الحمدالله التي جاءت في كلمته. الحمدالله عاد إلى اسطوانة الماضي، قائلا حلّ مشاكل غزة العالقة مرتبطة ( بتمكين ) الحكومة من السيطرة على المعابر، وجباية الضرائب، وعودة الموظفين الشرعيين؟! 
والسؤال الذي يوجهه الموظف الغزي يقول للحمد الله ما علاقة المعابر براتبه؟! وما علاقة الموظف بجباية الضرائب؟! الموظف في عمله الوظيفي لا علاقة له بالسياسة، ولا بالمعابر، ولا بالضرائب، ولا بخلاف فتح مع حماس. لذا هو يفسر الموظف اشتراطات الحمدالله على أنها تهرب من القرارات، ومناورة كلامية لتخدير أصحاب المطالب؟!
إنه مع كل ما تقدم فإن محاسبة موظفي غزة للحمدالله لا مبرر لها، لأنه ببساطة لا يملك من أمر القرار شيئا؟! والأمر كل الأمر في يد محمود عباس، ومن ثمة على موظف غزة انتظار عباس، أو انتظار ما بعد عباس.
إن كل ما يجري في زيارة الحمدالله، وفي لقاءاته، مع كامل الاحترام له ولغيره، لا تبحث في تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه في ملفات المصالحة أو في اتفاق الشاطئ، وإنما تجري في الدائرة المفرغة نفسها، (البيضة أول أم الدجاجة؟!) 
عباس يبحث عن (التمكين) ، أعني أنه يريد أن يتمكن من السيطرة على غزة، على نحو حالة التمكين التي يمارسها في الضفة، لا من خلال العدل، وتحمل المسئولية، ولكن من خلال الأجهزة الأمنية القمعية، التي سلطها على رقاب سكان الضفة بالتعاون مع العدو من خلال ما يسمى بالتنسيق الأمني. فهل غزة جاهزة لأن تتقبل نموذج الضفة ؟! لا أظن أحد يتقبل هذا النموذج. 
الضفة ليست نموذجا جيدا حتى تتقبله غزة المجاهدة. وحالة المقاومة للاحتلال ترفض الخضوع لبسطار التنسيق الأمني، ومن ثمة فعلى الحمدالله وعباس أن يشرحوا للناس بوضوح شروطهم للحل ، وماذا يعنون بسيطرة السلطة على غزة، وعلى معابر غزة، وعلى الأمن في غزة ، وأن يتركوا اللف والدوران في دائرة مفرغة لا تقدم حلا ، ولا ترسم طريقا يبسا في بحر الظلم والظلامات. إن زيارة الحمد الله ليست زيارة من يبحث عن حلّ هو بين يديه، ولكنها زيارة فرضتها تطورات داخلية وعربية وإقليمية لا أكثر.