د. يوسف رزقة
حكمت المحكمة بإحالة أوراق المتهم الشهيد بإذن الله ( رائد العطار) فلسطيني الجنسية، والمتهم السجين في سجون الاحتلال الإسرائيلي ( حسن سلامة) فلسطيني الجنسية، إلى مفتي جمهورية مصر العربية لأخذ مشورته بحكم إعدامهما، مع قائمة طويلة من الأسماء المصرية على رأسها محمد مرسي العياط رئيس جمهورية مصر العربية المنتخب، بعد ثورة يناير ٢٠١١م؟!
أما أسباب الحكم وحيثياته فهي هروب محمد مرسي العياط من سجن وادي النطرون في أثناء ثورة يناير بمساعدة الشهيد والسجين وغيرهما، وبسبب تخابر محمد مرسي مع حركة حماس، وفي التخابر هذا تهديد لأمن مصر، وإضرار بمصالحها؟! 
كان يمكن للمحكمة المصرية أن ترفع (رائد العطار ) من لائحة الاتهام بعد مقتله بقذيفة من الطيران الحربي الأسرائلي في الحرب الأخيرة على غزة. ومن المعلوم أن الحكم على ( المتوفى) كالعدم سواء؟! 
ولست أدري لماذا أصرت المحكمة على إصدار حكمها، وهي تعلم جيدا بمصير الشهيد العطار ولا نزكيه على الله؟!
وكان يمكن للمحكمة أن تسقط اسم (حسن سلامة) من لائحة الاتهام، لأن الرجل سجين في سجون الاحتلال الصهيوني منذ شهر مايو ١٩٩٦م بتهمة مقاومة الاحتلال، وتنفيذه عمليات انتقامية لمقتل القائد يحيي عياش رحمه الله حيث قتل فيها عشرات من المستوطنين، ومحكوم ب (٢٠) مؤبد وب ( ٢٠) سنة إضافية، ومن المستحيل عليه أو على غيره من السجناء الخروج من السجن والسفر إلى مصر والمشاركة في ثورة يناير، و إخراج محمد مرسي من السجن، ثم العودة إلى سجن العدو مرة أخرى؟! 
ولست أدري أيضا لماذا أصرت المحكمة على إصدار حكمها هذا، وهي تعلم أن حسن سلامة يقضي حكما بالمؤبد في سجون الاحتلال؟! وأن الاتهام هذا هو ضرب من الجنون؟!
العجائب في التاريخ سبعة، وهذه ثامنة، كما قال من سألته رأيه في الحكم٠ أما حماس فقد رفضت الحكم واستنكرته، وعبرت عن أسفها، ولكنها كما قال من سألته لن تطعن عليه، لأنها لا ترى أنه ثمة قضية توجب الطعن، فالمسألة هي جزء من الصراع السياسي داخل مصر، وهو حكم يعبر عن موقف سياسي من حماس؟! 
إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تدين قوانينها حماس، وتدين فقط الإسرائيليين الذين يتصلون بحماس، ولكن دول العالم بما فيها الولايات المتحدة الأميركية لا تدين التواصل مع حماس، وهذا جيمي كارتر الأميركي، وتوني بلير الانكليزي، ْو روبرت سري ممثل الأمين العام، والقنصل السويدي والسفير النرويجي، وغيرهم يزورون حماس ويحاورنها في السر والعلن، ولا يتعرضون للإدانة من دولهم، فكيف تقبل السلطات المصرية باتهام رئيسها العربي المسلم المنتخب بإدانته بتهمة التخابر مع حماس؟! ولماذا؟! ومن المستفيد؟!
المقاومة الفلسطينية هي ما تبقى من شرف الأمة العربية والإسلامية في الزمن الردئ، وحماس بلا فخر هي العنوان القائد للمقاومة الفلسطينية، وهي تمثل ما تبقى من شرف الأمة العربية والإسلامية. فكيف لمصر أن تضع حماس في خانة الأعداء وتدوس على شرف مصر وشرف الأمة،وعلى تاريخ مصر وتاريخ الأمة؟! ولماذا حاربت مصر ضد المغتصبين اليهود لفلسطين في معارك متعددة في الزمن الجميل؟!
الميت في مصر مدان والسجين مدان ، فهل انتهى تاريخ مصر الجميل، بانتهاء الزمن الجميل؟! وهل غادرت مصر العربية العروبة والقومية والإسلامية، وصار العدو الصهيوني مقربا، والفلسطيني المقاوم للعدوان مبعدا؟! هذا ما لا أتمناه، ولا تقبله مصر التي نعرفها، ولكن يبدو أن حجم التراجع عن العروبة والقومية والإسلامية بات كبيرا وكبيرا جدا بهذا الحكم، وبهذه التهم، ومن حقّ المعلقين أن يضيفوا إلى عجائب الدنيا السبع ثامنة، وتاسعة، فقد ذهب العقل، وضاع المنطق، ولم يعد شيئا مستقيما، والله المستعان.