مشاهدات ألمانية
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

مشاهدات ألمانية

 فلسطين اليوم -

مشاهدات ألمانية

د. عاطف ابو سيف

تتواصل ازمة اللاجئين السوريين ويصل عشرات الآلاف منهم إلى أوروبا التي مازالت تختلف فيما بينها حول أفضل السبل لمعالجة القضية التي باتت تبعاتها في شوارع المدن الأوروبية بعد ان وصل اللاجئون السوريون إلى هناك بطرق شتى، كلفت الكثير منهم فقدان نصف عائلته أو أغلبها، بجانب المطاردات التي تتم على حدود بعض الدول الشرقية في محاولة العبور إلى مكان أكثر آمناً. المشكلة التي لم تحرك ساكناً في الدول العربية الثرية التي بعضها طرف في الكارثة السورية، لذا قد يجد متعة في رؤية الضحايا يبحثون عن العدل والأمان خارج حدود الدول العربية. فما الذي يجعل رجل وامرأة يجازفان بحياتهما وحياة أطفالهما على أمل الوصول، وهو أمل ضعيف بالمناسبة، إلى إحدى الدول الأوروبية.
قبل يومين كنت في مدينة «روستوك» في شمال ألمانيا عند بحر البلطيق، في دعوة كريمة من مؤسسة روزا لوكسومبورغ. في محطة القطار مئات الشبان الألمان يتجمعون يستقبلون اللاجئين السوريين الذي يفدون من جنوب وشرق ألمانيا للمكوث في المدينة المشاطئة لبحر البلطيق آملين في عبور البلطيق باتجاه السويد ودول الشمال. حبل طويل معلق عليها ملابس شتوية بأحجام مختلفة، صناديق العصائر والماء، طاولة مكتنزة بصنوف الطعام تقف خلفها فتاتان تقدمان السندويتشات للواصلين، أحذية منتشرة في زاوية جانبية، حيث يتمكن اللاجئون من استبدال أحذيتهم التي بليت من مشقة الرحلة. عبارات بالعربية تنتشر في المكان من باب «أهلا وسهلاً» و «خذوا أمتعتكم من هنا»، «تفضل»، «هل تتكلم الإنجليزية»، والكثير من العبارات التي بالطبع قد لا يكون الشبان والشابات الألمان يعرفونها لكنهم بالطبع طبعوها بمساعدة أحدهم وربما من خلال البحث عبر الانترنت.
الشاب السمين طويل القامة الذي يغني في فرقة محلية في المدينة، قال لنا إن الشبان والشابات يبيتون هنا في المحطة ليلاً ويواصلون العمل نهاراً حتى يستقبلوا كل لاجئ يصل إلى المدينة وأيضاً لحمايتهم، أي اللاجئين، من أي مجموعات معارضة لفكرة وصولهم هنا خاصة من غلاة المتطرفين القوميين. في المركز المجتمعي حيث الندوة التي سأقرأ خلالها من كتابي، عشرات العائلات السورية التي تعيش حياة قاسية تنام في كافتيريا المركز تنتظر لحظة خروجهم إلى الشمال عبر البلطيق أو لحظة تسجيلهم لدى مراكز الشرطة وبالتالي يصبحون لاجئين رسميين. المرأة الخمسينية تقول لي إنها لم تكن لتترك الشام «تقصد دمشق حيث تعيش في باب توما» لولا أن الموت أصبح في كل مكان والحواجز تختطف الشبان. ثم تصمت وتقول إن الحياة والرحلة القاسية التي عاشوها حتى وصلوا هنا وحتى يستقروا (وهو أمر لا يلوح في الأفق بعد) تجعل الموت أهون.
الأطفال يلعبون في ساحات المركز. بالطبع لا يفقهون لماذا هذا السفر وكل البلاد مرايا وكل المرايا حجر (رحم الله درويش)، لكنهم مشغولون في البحث عن لعبة يلهون بها، تخفف من قسوة برد البلطيق القاسي والقارص. ثم يلتفون حول أمهم يشتكون من أنهم لا يحبون الساندويش الذي يأكلونه.
الشاب شرح لي بأن البلدية غير مهتمة فهي حتى لم تأت حتى الآن وأنهم يقومون برعاية اللاجئين حتى تتوفر لهم فرصة التسجيل في مقر الشرطة أو عبور البلطيق إلى السويد. «وهل هذا مسموح؟». يبتسم :في السابق كانت السلطات تعارض هذا اما الآن فهي تغمض عينيها. من يريد أن يعبر البلطيق يساعده الشباب في الوصول إلى المركب حتى يبحث عن جنته بعد جهنم التي اشتعلت في بلاده.
من الواضح أن أهم نتائج الربيع العربي هي غياب حس التضامن العربي.
ننتهي أنا والدكتورة كاتيا هيرمان مديرة روزا لوكسمبورغ في رام الله من الندوة. الرجل مدير المؤسسة في المدينة يقول لنا إنه ينظم قرابة 150 نشاطاً في السنة. لابد أن طاقم موظفيه بالعشرات. يقول فقط هو ونصف وظيفه بجواره. نصف وظيفة تعني شخصاً يعمل بعقد ولنصف الوقت. إذا الرجل يقوم بنشاط كل يومين تقريباً. إذا تم الاخذ بعين الاعتبار ايام العطل الاسبوعية يومي الجمعة والسبت والعطل الدينية والرسمية فإن الرجل عملياً ينظم نشاطاً تقريباً كل يوم. يوضح لنا أنه يعتمد على مجموعة من المتطوعين الذين يعملون في حلقات مختلفة تتوزع في القرى والبلدات المحيطة. تواصل وعمل مشترك ونشاط وتطوع واخلاص. هذا ما يحتاجه المرء من أجل أن ينجح في إدماج المجتمع المحلي في العمل.
هذا يعيدنا للسؤال عن المجتمع المدني ومقدرته في التأثير والنشاط وفاعليته المجتمعية. عندنا من المؤكد بأن المجتمع المدني يفتقد هذه القدرة التواصلية مع المجتمع المحلي، بل إن أغلبه بات نخبوياً ويعتمد على التمويل الخارجي إذ غابت عنه التطوعية والإنخراط في المساعدة. صفات كانت في قلب العمل المجتمعي الفلسطيني في الثمانينيات، وهي ما جعلت المجتمع المدني الفلسطيني نواة فاعلة في أي بناء مؤسساتي أو دولاني. النقاش الافتراضي الذي كان دائراً في بدايات تأسيس السلطة. ولكن مع تحول المجتمع المدني الفلسطيني نحو التمويل الخارجي واللهث وراء المشاريع وتقيفها لتناسب المشاريع التي يمكن تموليها خرب كل شيء. ربما يمكن لهذا الرجل أن يشرح لنا الكثير عن العمل والنشاط دون الحاجة لمؤسسة ضخمة.
للمفارقة المضحكة ثمة صفحة على الانترنت انشأها نشطاء سوريون، وقد انفتحوا الآن على فكرة التمويل الأجنبي وشهواته ونزواته، اسمها «هيك بدهم المانحين»، تعلم الناشط ما الذي يمكن أن يحصل على تمويل وما الذي لا يمكن أن يحصل على تمويل، وكيف يتم على ذلك. للأسف فإن المانحين أيضاً يساهمون في هذه الكارثة التي تجعل آلام الناس قضية تمويلية بحتة. وبالتالي، وهذا مربط الفرس، تتحول القضايا السياسية والحقوقية إلى قضايا إنسانية. وطالما كنت تدفع فإنك تبريء ذمتك من الكوارث التي تحدث، وتتنغم برضا النفس ورضا الناس.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشاهدات ألمانية مشاهدات ألمانية



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 04:42 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 11:38 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

سامسونج تنافس أبل في خدمات الدفع الإلكتروني

GMT 07:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 05:21 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّض اللاجئين "الروهينغا" للإجبار على تجارة "البغاء"

GMT 23:34 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

فوائد الرمان الصحية وكيفية دمجه في نظامك الغذائي

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان بكين السينمائي يرحب بقادة صناع الترفيه الأميركية

GMT 23:29 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة كريستينا ... وحرب «العم» بلفور
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday