البحث عن المستقبل أم الغوص في التفاصيل
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

البحث عن المستقبل أم الغوص في التفاصيل؟

 فلسطين اليوم -

البحث عن المستقبل أم الغوص في التفاصيل

د. عاطف ابو سيف

المصالحة تتقوقع مرة أخرى وتعود حليمة لسيرتها القديمة. لا أحد يعرف القوة الخارقة التي يحافظ فيها الإنقسام على نفسه وممالكه، لكن المؤكد أن ثمة شيفرة وراثية عصية على الفهم. فما أن لاحت في الأفق بوادر الحديث عن الورقة السويسرية وممكنات القبول بها خاصة أنها تجد بعض الحلول الجزئية والاجرائية لبعض القضايا العالقة إلا وطالعنا التوتر والتشدد من كل صوب وحدب. وكأن أحداً لا يريد للورقة السويسرية (التي سيقول البعض "على علاتها") أن تكون المخرج من حالة الإنغلاق. لاحظوا كيف توترت الاجواء بمجرد الحديث عن القبول المبدئي للرئيس أبو مازن للورقة. صحيح أن الورقة لا تحل كل شيء. لكن مجرد الحديث عن إمكانية القبول بها أثار ميكاتزمات دفاع عكسية سعت إلى توتير الوضع الداخلي ووضعه في أتون ومرجل يغليان. ترافق هذا مع حديث حول مشاريع لفك الحصار سواء كانت بجهود من الرئيس أبو مازن أو مبادرات تحت الطاولة لمقايضة فك الحصار بقضايا أخرى. بيت القصيد هنا أن حالة التوتر المصطنعة المفتعلة لم تكن بريئة، وأنها جاءت في سياقات لا يمكن فهمها دون الاستعانة بها.
اتفاق الشاطئ الذي نجح في إعلان ميلاد حكومة التوافق الوطني، لم يكن الاتفاق النموذجي الذي يمكن له أن ينهي الإنقسام أو يحقق المصالحة لاعتبارات كثيرة. لقد وقع اتفاق الشاطىء في نفس مطبات اتفاق أوسلو (نحن مدمنون عمليات سلام وعمليات مصالحة) من حيث تأجيله لكل القضايا الحساسة إلى مراحل لاحقة وتحديداً قضية الأمن التي هي عقب أخيل في كل عملية إنهاء الإنقسام. ما الذي نتج عندنا؟! نتج حكومة لا تحكم ووزير داخلية لا علاقة له بالأمن، وأمن لا يعمل وفق تصورات حكومته ولا رئيس وزرائها. بالطبع ثمة شيء لم نتعلمه نحن الفلسطينيون من ربع قرن من المفاوضات المريرة وأكثر من قرن من الصراع الأبدي على الحقوق الخالدة، يقول أن ما قد يبدو مؤقتاً قد يدوم طويلاً. كانت هذه الحكمة غائبة حين تم تعليق القضايا الحساسة في اتفاق الشاطىء على اعتبار أننا بارعون في انجاز ما نتفق عليه، وأن نوايانا سليمة لدرجة نخجل فيها من تأخير بنود الاتفاق ساعة. رغم ذلك فإن اتفاق الشاطيء لم يصمد أمام القوى الممانعة لتحقيق المصالحة.
لم تحسن حماس صنعاً حين عادت للعادة القديمة بعرض اعترافات بعض الموقوفين من أبناء الأجهزة الأمنية مصورة على التلفاز، معيدة لهب التوتر الحزبي إلى مرحلة ما قبل الاتفاقات. بل إن مثل هذه التصرفات التي تسيء أولاً لكرامة المعتقل المكفولة في القانون والمصونة بالأخلاق، أيضاً ليست إلا بنزيناً على نار هادئة كان يمكن تداركها واخمادها. الناطقون الحزبيون قالوا ما قالوا حول التعذيب والإكراه، وهذا أمر آخر، ما أقصده هنا أن مثل هذه التصرفات بالمطلق لا تعين على إخماد الجرح الداخلي، بل إنها تؤججه. وحتى لو توفرت مثل تلك المعلومات – وعلى اعتبار صدقها- فقد كان يجب التصرف بطرقة لائقة بمرحلة المصالحة المنشودة، لا بروح الخلاف المبحوث عنه. إن من يفعل ذلك يقول إن القنوات قد أغلقت بين الطرفين وأن حماس وأمنها لا يوجد لديه قنوات اتصال مع السلطة ولا مع رئاسة الوزارة، وكلنا يعرف أن هذه القنوات موجودة وتقوم بها جهات متعددة. لكن واضح أن التصعيد القادم يراد له أن يكون أكبر من قدرة احتمال الأطراف. إن مثل هذه التصرفات لو تم التعامل بها بالمثل وبنفس وتيرة التوتر الإعلامي لكانت الحالة الوطنية قد دخلت في فوضي وفضائح ونشر غسيل لا يعلم به إلا الله. 
المشاهد ذاتها والتوتر نفسه. أليست هذه هي الميزة التي وسمت عملية المصالحة منذ حدوث هذا الإنقسام البغيض حيث لساعات تشهد تبادلاً للكلام المعسول والعبارات المنمقة، ومن ثم وكأن الشيطان يقفز على الطاولة تتخربط كل الاوراق وتتبدل الكلمات بسباب وشتائم ويصبح كل شيء من الماضي. وفي ساعات تالية قد يتعدل كل شيء ويعود الحب والغرام يصبغ العلاقات الوطنية. لكنك دائماً لست متأكداً أن أي شيء سيدوم، وان ما تراه قد يصمد ليوم غداً. حالة مشوهة.
المؤكد رغم كل ذلك أن هذا ينذر أن الحالة الوطنية ليست بخير، وان هذه الرتابة تصيب المواطن بالملل. فما أن تظهر بوادر تحسن في العلاقات الوطنية حتى يخرج البعض بما يسم بدن المواطنين بتوتير وصراخ وردح لا مكان له في القلب الوطني الجمعي. هذا القلب الذي داسته عجلات الإنقسام واجهزت عليه ميكروفونات السب والشتائم. النتيجة أن الناس لم تعد تصدق أن تحقيق المصالحة ممكناً. بل إنهم قد لا يصدقون أنها قد تتحقق بمعجزة. وباتت مع الوقت في ذيل أولوياتهم لأنهم لم يعودوا يربطونها بالمصلحة الوطنية بل صارت ترتبط عندهم بتفاصيل الحياة المعيشية مثل الكهرباء والغاز وغيرها. وبالتالي ثمة تبدلات تدريجية وانزياحات بطيئة في مقاربة الناس لمفهوم الوحدة الوطنية، إنها ذات الأنزياحات التي جعلت المطالب الوطنية الكبرى تتقهقر أمام قسوة الحياة، وصار رفع الحصار وربما فتح المعابر أسمى ما قد يبلغه المرء في أحلامه وليس في مساعي نضاله التحرري، وتم استبدال النضال اليومي الذي يرتكز على البحث عن تفاصيل الحياة الأساسية وربما أيضاً النضال المحلي حيث لكل بقعة جغرافية خصوصيتها ومطالبها الخاصة على النضال العام ذي السمة التحررية والخاصية الجمعية. إن ما شان استمرار مثل هذا التركيز على الهوية الجغرافية للنضال اليومي المعيشي ان تخلق مع الوقت هويات فرعية بل أيضاً مطالب فرعية ستبدو تدريجياً متناقضة مع المطالب العامة وقد تكون على حسابها. إن أحداً لا يفكر في الزمن ولا يفكر في الغد الأسود الذي لم يعد ينتظر خلف الأبواب؛ إنه يقف بيننا يلتهم ما تبقى من كرامة الأمل والاحلام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عن المستقبل أم الغوص في التفاصيل البحث عن المستقبل أم الغوص في التفاصيل



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday