عــام آخــر
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

عــام آخــر

 فلسطين اليوم -

عــام آخــر

د. عاطف ابو سيف
بقلم : د. عاطف ابو سيف

أيضاً مر عام آخر. كان البعض يظن حين حدث الانقلاب قبل ثلاثة عشر عاماً أن الأمر لن يتعدى أشهر أو بضع سنين ثم يزول، لكن الأعوام تمضى ولا يبقى سوى الانقسام وتبعاته الخطيرة. وليس من المؤكد أن الأمر سينتهي عند ثلاثة عشر عاماً؛ إذ إن سنوات أخرى ستمر ربما، لأن هناك من يرى فيما حدث فعلاً عظيماً يجب عليه الاحتفاظ بمكتسباته التي «لهفها» بعد ارتكابه للجريمة النكراء. بيد أن صاحب الربح الأكبر فيما حدث هو الاحتلال الذي نجح بتدخل مباشر منه أو غير مباشر في تحقيق واحد من أهم مشاريعه لتصفية القضية الفلسطينية والمتمثل في سلخ قطاع غزة عن الحالة الكفاحية الفلسطينية العامة.

أحد أبرز مشاهد الانقلاب كان الخروج عن أخلاق العمل الوطني والنضالي وحمل السلاح في وجه الإخوة. عمليات القتل بدم بارد وسحل الجثث في الشوارع ورمى المناضلين من فوق أسطح العمارات، وإطلاق النار على أرجل الشبان حتى يصابوا بعجز دائم، ومداهمة البيوت وإطلاق القذائف على المدنيين، وبعد ذلك قصف المساجد والتعذيب في أقبية التحقيق وإحداث إعاقات دائمة، كل تلك لم تكن يوماً حتى في أبشع لحظات التاريخ البشري جزءاً من أي خلاف داخلي، حتى أن بعض هذه الأفعال الشنيعة يتعذر العثور على مثلها في جرائم الحرب التي ارتكبت على مدار التاريخ. وهذا الخروج عن أبجديات العمل الوحدوي لم يكن عفوياً.

وربما فقط السذاجة يمكن لها أن تقول لنا: إن ما حدث كان عفوياً. فلم يكن ثمة سابقة في التاريخ أن قامت قوة بالفوز بانتخابات ديمقراطية ونزيهة وتسلمت مقاليد الحكم بالانقلاب واستخدام السلاح وسفك الدماء وتخريب البلاد من أجل أن «تمكّن» نفسها أكثر. أي تفكير هذا الذي يمكن أن يسعى وراء الدماء والقتل من أجل أن يُمكّن وكانت الناس قد مكّنته بإرادتها. وفيما سجلت القيادة الفلسطينية سابقة في الثقافة السياسية العربية ودلل الرئيس أبو مازن على قناعات لم توجد قبله عند الزعامات العربية حين لم يزوّر الانتخابات ولم يسعى بالقوة إلى جعل حزبه يفوز لا بنسبة 99 بالمائة ولا بنسبة 50 بالمائة، بل منح خصمه السياسي فرصة تشكيل الحكومة بعد الانتخابات، فإن «حماس» في المقابل وفيما كانت تتسلم مهام التكليف لتشكيل حكومتها لم يخطر في بالها إلا كيف تنقض على الجمل بما حمل وتقلب الطاولة.

ليس هذا من المنطق بشيء. دبر الأمر بليل كما يقول المثل. وتم ما تم وتبخرت الصورة الجميلة للفلسطيني المدافع عن أرضه الباحث عن حريته، وطغت على الإعلام صورة الفلسطيني يقتل الفلسطيني، والفلسطيني يدوس صور الشهداء، والفلسطيني السجان الذي يعذب أخاه، وبات الشباب يبحثون عن مكان آخر تعشش فيه أحلامهم بعد أن تم قتل حلمهم بالعيش بكرامة في المتاح لهم من أرض الحلم. وصارت البواخر تمخر عباب المتوسط تحمل العائلات ليموت الأطفال وهم ينظرون إلى سماء أخرى.

ماذا فعلتم بغزة؟

يتمتموها. سلختموها عن فلسطين من أجل أن تكون إمارة أخرى. أشعتم فيها الفقر والحزن والألم، وجعلتم شبانها لا يفكرون بشيء إلا بالرحيل عنها. لم تعد ثمة فرصة لحياة أفضل. صارت غزة في واد وفلسطين في واد آخر. تهود القدس والخليل وتستباح مقابر يافا الإسلامية وتسرق البلاد ولم يعد يهم إلا المال المشروط بالهدوء والصمت وربما الفرح. من يسرق أفراح الأطفال لا يستحق أن يبتسموا في وجهه، ومن يسطو على مستقبل الشباب لا يصلح لأن يكون راعيهم. غزة الجميلة البريئة الثائرة المقاتلة، غزة التي أفشلت مخططات التوطين وانتفضت في وجه الاحتلال ومرغت أنف رابين وجنرالاته في التراب، وغزة التي حملت الحلم الوطني بإقامة الدولة وأرست، على علات أوسلو، قواعد يمكن البناء عليها للبحث عن الكيانية الوطنية، وغزة التي احتضنت الثورة ورعتها وكبرت بها، باتت وحيدة لأن هناك من أراد أن يغلق الباب أمام الوطن، حتى يظل وحده يستجدي الآخرين حفنة من الدولارات.
غزة التي كان ياسر عرفات يحلم أن تصبح سنغافورة وخذلته أوسلو، باتت على قارعة الفعل، لم تعد النوارس تحلق فوق بحرها تنشر البشائر، بل صارت تنتظر «الشنطة» التي تمت مقايضتها بفلسطين.
الآن وبعد هذا الزمن، هل يمكن لعاقل أن يقول للناس ماذا استفاد من قاموا بالانقلاب منه باستثناء أصحاب الكروش الجدد والأثرياء الجدد؟ لو أنهم أزاحوا السلك سنتيمتراً واحداً، أو لو أنهم حرروا دونماً واحداً من الأرض أو أعادوا لاجئاً واحداً لقريته، أو غيروا شكل الخارطة لو بقلم رصاص، لو أنهم أزاحوا قليلاً من غمة التاريخ وسوداوية الماضي، أو أتوا لنا بقليل من شهد الحلم، وأزالوا عن الليل ستائره السوداء، لو أنهم أراحوا الشهداء في القبور، وطمأنوهم على الوصية، أو رسموا البسمة على وجه أرملة الشهيد وأطفاله لأن هناك ما يستحق أن ينتظروه، لو أنهم حملوا قارورة من يافا وحيفا تحمل رسائل المهجّرين لبيوتهم التي ما زالت تنتظر، ولو أنهم نثروا على وجوه الصبايا أملاً يحملنه معهن في الطريق نحو الحياة التي سرقتها النكبة ونهشتها النكسة وقضت عليها العثرات، لو أنهم أحبوا فلسطين حقاً دون رياء ولا مجاملة، ولم ينشروا فيها الفساد والخراب، ولم يُعملوا السيف في رقاب الأخ، ولم ينهشوا أجساد المعذبين، لو أنهم اعتذروا عن الجرم بدلاً من البحث عن المزيد منه. لكنهم ساروا في الدرب الموغل في العتمة والوحل جارّين وراءهم حلماً كبيراً سار يتلاشى من بين أيدهم مثل الماء.

مضى عام آخر. ومضى الحزن أكثر. ومضى الألم أكثر. ولم تمض الذكريات ولا جفت ينابيع الأمل مع هذا، إذ إن الشمس خلف التلال تمضي نحو نهوضها كل نهار جديد رغم العتمة.

قد يهمك أيضا : 

  عن العالم الافتراضي

التجربة الصينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عــام آخــر عــام آخــر



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 07:29 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء ممتازة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 01:28 2025 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

حظك اليوم برج السرطان الإثنين 02 يونيو / حزيران 2025

GMT 15:53 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان يسعى إلى تدعيم صفوفه بلاعبين جدد

GMT 09:59 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس مرسيدس يؤكد أن فرستابن يحتاج لتعلم الكثير

GMT 08:53 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

قوات الاحتلال تطارد فلسطينيًا في العيسوية

GMT 11:02 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة تعلن 4 حالات وفاة و516 إصابة جديدة بكورونا و613 حالة تعافٍ

GMT 22:47 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أفكار مبتكرة لتنسيق شرفة منزلك

GMT 15:29 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاثيوبي أباتي يتوج بلقب ماراثون هامبورج

GMT 14:59 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

باخ يدعو تايجر وود للمشاركة بأولمبياد طوكيو 2020

GMT 20:55 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

لاعب منتخب كرة السرعة يتمنى أن تصبح اللعبة أولمبية

GMT 17:43 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الترجي يأمل مواجهة الصفاقسي بنهائي البطولة العربية للطائرة

GMT 05:38 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا توضّح حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday