لا أمة ولا شعب ولا دولة
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

لا أمة ولا شعب ولا دولة

 فلسطين اليوم -

لا أمة ولا شعب ولا دولة

د. عاطف ابو سيف

يمكن للأحداث المتعاقبة في المنطقة العربية أن تكشف بوضوح شديد عدم نضوج الدولة الوطنية واكتمالها، وعدم تطور مفهوم الشعب المحلي الحاضن لهذه الدولة أو الذي تعبر هي عنه، كما يمكن تلمس غياب تناسق مفهوم الأمة العربية الجامعة. لم يكن الربيع العربي إلا ذروة اختمارات في رحم المنطقة العربية وتفاعلات تدلل على العجز المتواصل الذي أصاب الحالة العربية منذ نشوء الدولة القطرية وتوزيع المنطقة العربية بين الدول الإستعمارية وبعد ذلك جلاء هذه الدول وتعزيز فكرة الدولة القطرية، بالطبع باستثناء فلسطين التي وهبت بغير حق لليهود ليقموا دولة لهم تكون بديلاً عن الحضور الاستعماري برمته في المنطقة.
فمن جهة، فإن الدولة القطرية نفسها لم تنجح في أن تكون المعبرة الحقيقة عن تطلعات السكان الذين تعبر عنهم لا من جهة تقديم الخدمات اللائقة ولا من جهة الدفاع عنهم في وقت الخطر ولا من جهة التمثيل الحقيقي لهم ولتنوعهم السياسي والفكري. فجاءت الدولة قمعية تسلطية زبائنية يحتكر السلطة فيها مجموعة من قادة العسكر وحلفائهم من رجالات المال الذين سرعان ما سينصهرون سوية في علاقات أسرية وزواج وتبادل منافع، ولم تنجح في أن تكون دولة المواطنين القادرة على أن تكون ملكهم وليست ملك حفنة ضئيلة منهم. وعليه فإن الدولة العربية ظلت وطوال العقود التي تقل عن القرن من الزمن بقليل غير قادرة على أن تمثل مواطنيها خير تمثيل. ورغم الثراء الفاحش لبعض هذه الدول العربية إلا أن الدولة ظلت فقيرة وظل المواطنون يتسولون الحياة الكريمة ويشتهونها دون أن يدركوا منها إلا القليل، الذي توفر لفئة قليلة منهم. والثابت أن العلاقة غير الثابتة للدولة القطرية مع مواطنيها عكست نفسها بسرعة تخليهم عنها عند إندلاع أول مواجهات بينهم وبين أجهزة الدولة التي كانت بساطيرها دوماً فوق رؤوسهم، بل إنهم لم يتورعوا في اللحاق بميليشات لم يكن لها هم إلا أن تفتت الدولة وتعلن تحللها وانهيارها. والدولة العربية في التعريف الذي بات مألوفاً هي دولة آيلة للسقوط، بل إن بعضها قد سقط فعلياً ولم يعد من الممكن انتشاله من قاع البئر.
ومن جهة ثانية، فإن الشعب الذي تعبر عنه هذه الدولة لم يتشكل بشكل صحيح. فهو من جهة جزء من شعب أوسع أريد له أن يتبدد تحت سياط الدولة القطرية- الشعب العربي، ومن جهة أخرى فإنه شعب تشكل من خليط في الكثير من الدول من الأعراق وفي بعضها الآخر من المذاهب وفي البعض الثالث من كليهما. وليس في هذا عيب على الإطلاق إذ أن الدولة الحديثة هي دولة المواطنين بغض النظر عن أعراقهم ومذاهبهم. ولكن العيب في أن الدولة العربية لم تكن دولة حقيقة لذا فهي لم تكن دولة مواطنيها، بل هي دولة حاكميها. وعليه لم تفلح الدولة في تطوير هوية موحدة وشخصية جامعة للشعب الذي تمثله وتسعي لخدمته، بل قامت على قمع الهويات الفرعية. بالطبع الدولة غير مطالبة بتغذية هذه الهويات، بل كان عليها أن تقوم بخلق هوية أوسع وأشمل ترتكز على الولاء للدولة ولمصيرها على قاعدة التوزيع العادل للثروات والحقوق المتساوية وضمان التمثيل. أياً من هذا لم يحدث.   بل تم قمع الهويات الفرعية ولم يتم تطوير هوية أوسع، وتم حرمان المواطنين من حقوقهم ولم يتم توزيع الثروات بشكل عادل واقتصرت برامج التطوير والتنمية على فئة دون غيرها.  وهو ما نتج عنه عدم شعور الانتماء للدولة. لذلك لم تتورع مكونات «الشعب» في الانقضاض على الدولة في اللحظة المناسبة. علينا أن نتذكر أن هذه المكونات رغم ما قد يحب البعض من كيله لبعضها من تهم الولاء لجهات خارجية الكثير منها عرب خالصين مثل الشيعة العرب مثلاً، حتى أن المكونات الموالية للنخبة الحاكمة مثل السنة في الكثير من الدول فرّخت أخطر المجموعات تهديداً لاستقرار مفهوم الدولة، أقصد المجموعات الإرهابية المتطرفة.
أما من جهة ثالثة فإن المفهوم الجمعي الشامل للأمة العربية تفكك بشكل بات البحث عن احيائه صعباً. ليس لأن الدولة العربية الشاملة الواحدة لم تعد ممكنة على الأقل قريباً، وليس لأن الحكام العرب يتعاطون مع دولهم ممالك يجب الحفاظ عليها، وليس لأن القوى الاستعمارية ما قسمت البلاد حتى تسمح بتوحدها، وليس لعدم وجود رؤية قادرة على تثوير الحالة العربية وصولاً إلا وحدة حقيقة، ولكن إلى جانب كل ذلك لأن مفهوم الشعب العربي أيضاً تراجع امام ماكنة الإعلام المحلي الإقليمي وأمام تهويل الصورة المتضخمة للمصالح القطرية التي يجب أن تتعارض مع مصالح الجيران العرب أكثر من تعارضها مع مصالح الأعداء الحقيقيين للشعب العربي. النتيجة أن التضامن العربي المنشود ضاع. وليس من المؤكد أنه يمكن للمواطن العربي أن يشتري بضاعة الدفاع العربي المشترك التي يتم تبرير الهجوم على اليمن وفقها. دون أن يعني هذا الاعتراض على ما يتم في اليمن إذ أنني أجد نفسي واقفاً بجوار أي فعل عربي مشترك بالفطرة، لكن هذا الفعل يجب أن يكون ضمن رؤية أوسع وأكثر عمقاً وتقول شيئاً عن فلسطين التي ترزخ تحت نير الاحتلال منذ عقود أيضاً.
يبدو من المضحك أن نتذكر كيف نجحت داعش في أيام قليلة في السيطرة على مساحات شاسعة من العراق ومن سورية، وكيف أن الدولتين اللتين كانتا تصنفان في لحظة دولاً عربية قوية انهارتا فجأة. أيضاً الحال ليس أقل بؤساً في اليمن التي انهارات في أيام أمام زحف القبائل التي لم تجد لها مكاناً في الدولة، وكانت قد سبقتها في ذلك ليبيا. السؤال الكبير المتعلق في المستقبل يقول إن بناء الدولة العربية سوءا كانت قطرية ضيقة أو كانت الدولة العربية الكبرى (وهذه حلم يبدو بعيداً الآن)، يتطلب أكثر من مجرد إحكام الدولة  للسيطرة على البلاد. نريد دولة حقيقة!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا أمة ولا شعب ولا دولة لا أمة ولا شعب ولا دولة



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday