درس في التاريخ أم في السياسة
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

درس في التاريخ أم في السياسة؟

 فلسطين اليوم -

درس في التاريخ أم في السياسة

طلال عوكل

أمس الأحد الثاني من تشرين الثاني، كان الذكرى السابعة والتسعين لوعد بلفور، ذلك الوعد الذي أسس لما عاناه ويعانيه الشعب الفلسطيني حتى اليوم، بل إنه اسس لمعاناة مستدامة إلى أمد غير محدد في الأفق. 
كانت بريطانيا عظمى في ذلك الوقت، فهي الدولة الاستعمارية التي لا تغيب عنها الشمس، وهي وحدها الدولة التي كان بمقدورها ان تصدر وعداً وتملك القدرة على تنفيذه، وقد صدقت وعدها، الذي فرضت من خلاله حلا لما يعرف تاريخياً بالمسألة اليهودية، التي ارهقت البلدان الرأسمالية كما الاشتراكية لقرون طويلة، على ان بريطانيا، لم تكن في الاساس تستهدف فقط حل مسألة اليهود، الذين قاوموا الاندماج في مجتمعاتهم واصروا على الاحتفاظ بعزلتهم، ولكنها ايضاً، استهدفت، ضرب فكرة اقامة مشروع عربي قومي، يرفع مكانة العرب، ودورهم في التاريخ. 
كان مشروع محمد علي باشا في مصر، الذي سعى من اجل نهضة مصر، والنهوض بالقومية العربية، حتى بلغ حكمه بلاد الشام والحجاز، كان ذلك المشروع، مصدر الهام استعماري، لنابليون، الذي تعثرت حملته في فلسطين، قد اطلق فكرة اجتذاب شعب غريب عن المنطقة لزراعته في فلسطين، ليشكل عقبة كبيرة، امام كل من يفكر بتوحيد الوطن العربي. الاستعماريون المتنافسون، والمختلفون مع بعضهم البعض، وعلى رأسهم المستعمرون الفرنسيون والبريطانيون، قد جردوا جيشاً، الحق الهزيمة بمحمد علي باشا، وبأسطوله وجيشه الفتي، قبل ان يستكمل بناء قوته القادرة على صد الغزاة.
بعد حوالي سبعة وخمسين عاماً، من اطلاق نابليون للفكرة، عقدت الحركة الصهيونية مؤتمرها الاول في مدينة بازل بسويسرا، فكان ذلك المؤتمر بداية العمل الجماعي المنظم من اجل اقامة الدولة اليهودية على أرض فلسطين مستقلة تدهور اوضاع الدولة العثمانية، وتراجع مكانتها ودورها.
الحرب العالمية الاولى، التي شهدت انهيار دولة الخلافة العثمانية، التي حاربت ضد بريطانيا وفرنسا، كانت الفرصة التاريخية التي دفعت بريطانيا لاصدار ذلك الوعد، والتي جاءت بعد اتفاقية سايكس بيكو العام ١٩١٦، التي قسمت المنطقة العربية، بين المستعمرين الفرنسيين والانكليز، وبموجبها، وقعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني.
اذا كان البعض سيعتبر هذا السرد، درساً مملاً في تاريخ معروف للكثيرين فإنه قد اصبح بعد سبعة وتسعين عاماً، درسا قيماً وضروريا لتذكير الاجيال التي لا تعرف فصول التاريخ السابق، ولا تهتم الا لأمر الحاضر، بأن اسرائيل، قد تأسست، واستمرت وتتواصل باعتبارها مشروعا استعماريا في الاساس، وان لها منذ الاساس دورا وظيفياً لم تتوقف عن ادائه.
اذا كانت الحرب العالمية الاولى قد وفرت الظرف المناسب لاطلاق وعد بلفور، وزير خارجية بريطانيا آنذاك، فقد جاءت الحرب العالمية الثانية، وانتصار الحلفاء فيها، لتشكل الظرف المناسب لتحقيق الوعد واعلان قيام دولة اسرائيل العام ١٩٤٨.
كانت الحركة الصهيونية قد اعتمدت على بريطانيا العظمى لتحقيق الوعد، ولكن عندما تراجع دور ومكانة بريطانيا التي لم تعد عظمى، حيث تقدم عليها كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، كان من الطبيعي ان تنقل الحركة الصهيونية واسرائيل اعتمادهما على الدولة الاستعمارية الاقوى وهي الولايات المتحدة الاميركية.
ومع ان الاتحاد السوفييتي كان من بين اوائل الدول التي اعترفت باسرائيل الا انه لم يكن من المنطق ان تبحث الحركة الصهيونية من حيث المبدأ مسألة الاعتماد على الاتحاد السوفياتي القوي، والذي يشكل القطب المنافس للمعسكر الرأسمالي، فإذا كان المشروع الصهيوني استعماريا فإن منطق الاشياء ان يبحث اصحابه عن الدولة الاستعمارية القوية، وذلك تواصلا مع جوهر الوظيفة. 
ولو افترضنا ان تغييرا كبيرا في توازنات القوى الدولية، سيؤدي الى تراجع مكانة ودور الولايات المتحدة، ونهوض دولة اخرى، فإن اسرائيل ستبحث، عن الدولة الرأسمالية الاقوى من بين الدول الناهضة، لضمان استمرارها واستمرار وظيفتها.
بعد ستة وستين عاماً، من اقامة دولة اسرائيل، تخللتها عمليات ضخ هائلة مستمرة للاموال والمعدات العسكرية لضمان بقاء اسرائيل وتفوقها، وحمايتها لم تنجح تلك الدولة، في ان تصبح دولة مستقلة تعتمد على ذاتها، وعلى قدراتها، رغم انها تملك امكانيات مادية وعسكرية ضخمة.
التهديد الذي تواجهه اسرائيل ويستدعي بقاء الغطاء والدعم الاميركي، هذا التهديد يتراجع عمليا في ظل ما تمر به الدول العربية من اضطرابات، وانقسامات وفوضى وصراعات دموية وقبلية وعرقية، غير ان الحال تبقى على حالها، من حيث حاجة اسرائيل للاعتماد على الولايات المتحدة، وحاجة الولايات المتحدة لمواصلة دورها الاستعماري التاريخي، تواصلا مع فكرة الدولة الوظيفية التي تشكل اداة فعالة في تفتيت دول المنطقة. 
على سطح الاحداث في الاسابيع الاخيرة، ظهرت خلافات حادة وقوية بين الادارة الاميركية وحكومة بنيامين نتنياهو، تتحدث عنها الصحافة العبرية، اكثر مما يتحدث عنها الاخرون، ولكن المراهنة على تغيير جذري في سياسة الولايات المتحدة ازاء الصراع، هي اقرب الى الوهم والشذوذ السياسي.
الحديث عن العلاقة بين الموظِف والموظَف والوظيفة، والمردود، يجعل اسرائيل والولايات المتحدة، كائنين بقلب واحد، وشرايين وأوردة وشبكة اعصاب واحدة اذ لم يعد الامر يتعلق بحبل صري فقط.
المانيا الديمقراطية غير المسؤولة عن مرحلة النازية وحروبها وجرائمها بحق شعوب الارض، المانيا الكارهة لتلك المرحلة، ما تزال تخضع لعملية ابتزاز من قبل الحركة الصهيونية واسرائيل، فلماذا لا تفعل بريطانيا الرأسمالية بريطانيا ذاتها التي اصدرت وعد بلفور وعملت على تحقيقه، لماذا لا تكفر عما اقترفته بحق الشعب الفلسطيني؟ 
لماذا لا يضعها الفلسطينيون والعرب أمام مسؤولياتها التاريخية، حتى انها تمتنع عن القيام بالحد الأدنى من المسؤولية، وهو الاعتراف بدولة فلسطين؟ واذا كانت الدول الاستعمارية تتوارث المسؤولية عن حماية دولتها الوليدة، ووظيفتها، فإن مسؤولية بريطانيا، لا تنتهي بالتقادم، وبتبدل المواقع والأدوار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس في التاريخ أم في السياسة درس في التاريخ أم في السياسة



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday