فـتـحـيــة
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

فـتـحـيــة

 فلسطين اليوم -

فـتـحـيــة

بقلم حسن البطل

إن كتب أديب، وشاعر خصوصاً، بغير لغته الأم نقل إليها إيقاعات وتراكيب وصور لغته الأم. هل يصح أن يقال العكس في الترجمة؟ إنها خيانة، وبخاصة في ترجمة الشعر؟
ما فعلته الإنسانة ـ الطبيبة ـ الشاعرة فتحية السعودي ربما لم يسبقها إليه أديب ـ طبيب ـ شاعر. هي العربية كتبت بالفرنسية والإنكليزية أولاً، ثم نقلت ما كتبت إلى لغتها الأم.

أولاً، هي الإنسانة التي منذ أن طرحها رحم أمها غالبت الموت، لكنّه وسمها بإعاقة حركية، غالبتها حتى غلبتها، وتخرجت من جامعة فرنسية طبيبة أطفال.

يحتاج طبيب الأطفال إلى اختصاص وتدريب، لكن فتحية قطعت منتصف دراستها الطبّ، ومارست ما تعلمت خلال سنتي الحرب الأهلية اللبنانية. عادت إلى الجامعة وتخرجت، ثم شهدت حرب الاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982 طبيبة أطفال في مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني.. يا لهول ما رأت، وأحسّت، وعالجت! شهدت الحرب الأهلية والحرب الوطنية، وكان أول كتبها شهادة بالفرنسية، معنونة "النسيان المتمرد" وبالعربية "أيام الجمر" فقد نقلتها إلى اللغة الأم. هاكم بعض ما فيها:
"عشت حلماً الليلة، في أعماق نومي. الصحوة تلاحق مسار الحلم. إنها قصة رصاصة أصابتني. أرسم مسارها في جسدي.. مئة.. الف احتمال. يمكن للرصاصة أن تلامسني فقط، أو تجرحني، أو تخترق قلبي. هل يمكن اختيار مسار الطلقة؟ وهل سيتبقى لديّ صوت لأطلب النجدة؟ لأطالب بنقلي أو علاجي. هل سيمكنني إنقاذ حياتي.

"أستوعب، الآن، جيداً معنى المصادفة التي تمنحنا الحياة. أية رصاصة يمكن أن تسبب ألف نوع من الجراح. تكفي حركة صغيرة.. لفتة.. لحظة.. لكي تقتل الرصاصة الحياة أو لا تقتلها.

"مع عودة أزيز الطائرات أتخلى عن المسارات المحتملة.. لم يزل أمامنا الكثير لننجزه هذا الصباح".

من عام صدور ترجمتها كتابها الأول ـ شهاداتها بالعربية 1982 عن "دار المدى" ـ عمان، إلى صدور كتابها الأخير "أطفال وأنبياء" 2014 بالعربية بعد الإنكليزية، صدر لها 11 كتاباً باللغات الثلاث، بين شهادة وأدب وشعر وترجمة، ومنها "أنبياء وأطفال"، وهي رحلة شعرية متخيلة في حياة أربعة أنبياء: إبراهيم، موسى، عيسى ومحمد. إنه كتاب "حوار حياتي مع موتي/ وموتي مع حياتي/ وعبثاً اتوازن بينهما".

جميعنا نولد من رحم الأم، وجميعنا ننتهي إلى رحم الأرض، لكن الرصاصة في الحلم خلال اجتياح بيروت، صارت سرطاناً لا يصيب روحا بل يجعلها أكثر شفافية وتوثُّباً. آه من ابتسامتها ايام احتضارها!

عن كتبها ومهنة طب الأطفال خلال الحرب، ودورها في النشاطات الإنسانية والثقافية والعلمية، وخاصة في منظمة "أنقذوا الأطفال" العالمية، و"أوكسفام" حصلت فتحية على أوسمة وجوائز، من بينها وسام الاستحقاق الفرنسي من رتبة فارس.

لخّصت، في كتابها الشعري "بنت النهر" صراعها مع السرطان "روح ترقص مثل نسر يحتضر" كما التقطت الناقدة خالدة السعيد في تقديمها البليغ للكتاب، وعن حياتها الاستثنائية في حقول الطب والأدب، النضال ومصارعة الموت.

الناقد فيصل درّاج قدّم كتابها "أنبياء وأطفال"، وأقتبس منه "هل أولد في رحم أخرى؟/ ها أنا أخطو نحو مصير جديد/ وأنجو من موت ثان".

الناقد والروائي الإنكليزي جون برجر قدّم كتابا لها: "تشعر كأنك تبحر فوق بحر ما، لتنقلك فجأة فوق أمواج بحر آخر.. وهذا ـ كما أتخيل ـ ينبع من العربية الكلاسيكية وإيقاع القرآن.. هذا كتاب يستحق العرفان".

من كتابها الشعري "بنت النهر":

"لمن تضيئين النور/ لأسماك ألِفَت العتمة/ أم لأنك، قريباً، ستطفئين كل الأنوار/ في وداع أخير".

"أعرف كيف أقلّب صفحات كتاب/ كيف أطوي شراشفي البيضاء/ ها أنا أكتشف اليوم كيف أطوي بيتي"!
"المشي على الماء مثل نورس/ والتوازن على حبل الحياة الشفاف/ بناء بيت من الأبجدية/ والتحليق عالياً بأجنحة مبتلة".

"تعصف بي رياح قطبية/ فهل دنت حتمية الموت؟ نسيت أنني كنت طبيبة/ وامرأة متمرّدة/ نسيت أوسمتي، وشهاداتي وصراعي ونضالي، نسيت أن لي إخوة وأخوات/ ونسيت يوميات سعادتي على وجه الأرض".

"بعض المناطق الرمادية عصيّة على الضوء/ حتى تحت أشعة شمس الظهيرة/ آه يا له من اكتشاف متأخّر".

"خيوط الحياة متعددة/ بعضها صلب مثل حبل نجاة/ وبعضها رقيق مثل خيط حرير.../ كم أتمنّى لو ألتقط نفساً أخيراً من الحياة/ لأنسج خيطاً لا ينكسر"!

"تدرك الآن معنى اللاتوازن/ وتدرك شعور الشك/ وتتخيل إمكانية ولادة التوازن عَبر اللاتوازن/ وأن الإبداع قد يولد في مكان بينهما"!

"عشتُ بين لهيب نيران حمر/ وصقيع كالرمح يخترق جسدي".

تتمايل الأشجار بين الأخضر والبني/ وتتمايل السماء بين الأزرق والرمادي/ كيف لي بلوغ كل الألوان/ ما عدا لون واحد/ بُهتان الُّروح"!

"هذه الليلة/ هل تكون آخر ليلة في حياتي؟/ سأكون بين ذراعي ملك الغضب/ سوف يطحن رئتي/ هل يكون نفسي الأخير/ كلمة خرساء/ أي كلمة تنهي حياتي/ وفي أي لغة؟ هل تكون صامتة أم صارخة/ وهل تكون موجعة".

"قال الملك: ما هي آخر رغباتك؟/ همست: كأس ماء../ قطرات الماء تحوّلت إلى بحيرة/ والبحيرة إلى نهر/ والنهر صار بحراً../ ها أنا من جديد في رحم المحيط".

"حَلَق بقايا شعر رأسي.. وابتسم/ قال: رأسي الأصلع يبدو جميلاً/ مدوراً مثل الأم ـ الأرض".

"تحتضنني موجة غافية/ تُودعني في حضن موجة عابرة/ وأصبح قطرة ماء في المحيط".

***
فتحية السعودي، تحية لإنسانة ـ طبيبة ـ أديبة ـ شاعرة في مرور عام على غيابها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فـتـحـيــة فـتـحـيــة



GMT 11:22 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

"تابلو" على الحاجز

GMT 09:31 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الاسم: فيصل قرقطي

GMT 10:32 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

خوف صغير!

GMT 11:21 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

«في القدس جيل مختلف»!

GMT 13:09 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

«كنيسة من أجل عالمنا»!

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 07:29 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء ممتازة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 01:28 2025 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

حظك اليوم برج السرطان الإثنين 02 يونيو / حزيران 2025

GMT 15:53 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان يسعى إلى تدعيم صفوفه بلاعبين جدد

GMT 09:59 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس مرسيدس يؤكد أن فرستابن يحتاج لتعلم الكثير

GMT 08:53 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

قوات الاحتلال تطارد فلسطينيًا في العيسوية

GMT 11:02 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة تعلن 4 حالات وفاة و516 إصابة جديدة بكورونا و613 حالة تعافٍ

GMT 22:47 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أفكار مبتكرة لتنسيق شرفة منزلك

GMT 15:29 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاثيوبي أباتي يتوج بلقب ماراثون هامبورج

GMT 14:59 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

باخ يدعو تايجر وود للمشاركة بأولمبياد طوكيو 2020

GMT 20:55 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

لاعب منتخب كرة السرعة يتمنى أن تصبح اللعبة أولمبية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday