مصرع السروات الست
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

مصرع السروات الست

 فلسطين اليوم -

مصرع السروات الست

بقلم : حسن البطل

«الدرب برم» ليلاً، وكان ذلك الدرب أنيساً مثل وجهي صباحاً في المرآة. ماذا لو نظرت في المرآة فلم أجد أنفي او فمي .. او على الأقل شاربيّ. هكذا، أحسست ان الدرب الأنيس صار موحشاً. أين ذهبت السروات السامقات؟ والتينة الهرمة شتاء، الصبية صيفاً؟  

استأجرت بيتا في تلك القرية، لأنني أحببت الدرب الذي يوصلني من مفترق الدكان على الشارع الرئيسي الى مدخل العمارة.  

منحنيات الدرب هي ذاتها، تقريباً، ولكنها صارت مثل ثوب العيد على جسم طفلة ذهبت في الزقاق الموحل في يوم شتاء عاصف.   

البيوت القليلة، على جانبي الدرب، لا تزال في مكانها. لغير هذا اقشعرّ جلد جسدي. الريح الغربية تهب، قوية وباردة، ومختلطة برائحة مريبة كرائحة الضبع. كانت السروات الست السامقات، قد اتخذت وضع الجنود القتلى، الذين حصدتهم رشقة رشاش من كمين غادر للعدو.   

هل رأيت كيف يسقط الجنود قتلى؟ الى جهة الشمال رأس جندي وقدم جندي، الى الجنوب ذراع جندي وبندقية جندي.
    
هكذا، سقطت السروات الست، الخضراء على مدار العام، قتيلة على جانبي الدرب، والتينة أيضا؟ عجوز عجفاء في الكوانين؛ وفي عز الصيف تغدو صبية كاعب ذات «نهود» كاعبة لا حصر لها.   

يسقط الجنود على المتاريس لحظة الهجوم الضاري، ويسقطون في المتاريس ساعة الدفاع المستميت. وكانت السروات الست تتمترس، مثل جنود ذوي شجاعة متهورة، وراء ما يشبه المتاريس، وما نسميه «سناسل» او «جدران استنادية».   

عاريا صار الدرب، ذات ليلة، من الجنود - السروات، وعارية صارت جوانبه من المتاريس - السناسل. أين ذهبت السعالي، السحالي، الحراذين.. وهذا الضب السريع، وحتى بعض الأفاعي، المجلجلة او الخرساء، والعقارب السوداء او الشقراء؟   

جميعها دهمها الخراب وهي في السبات الشتوي. جرافة واحدة ذات أسنان شوكية، قتلت السروات - الجنود، وهدمت المتاريس - السناسل. عملياً، قتل بدم الحديد البارد.   

تحت السروة السامقة أعلى من بقية السروات السامقات رصدتُ، ذات صيف، ثلاث حنونات حمراوات بقيت ساهرة، بعيونها الحمراء، حتى منتصف الصيف. في الربيع التالي لم تأت الحنونات المجتهدات الى «صفّ الربيع». قيل ان الشتاء لم يكن شتاء.. لا ماطراً ولا بارداً. عندما جاء شتاء ماطر وبارد، قلتُ: في نيسان المقبل ستصحو الحنونات الحمراوات من سباتها الشتوي (سواء اتفقنا مع إسرائيل على حل مرحلي أم لم نتفق).  

«الدرب برم». السروات الست السامقات مرمية أرضا (كما يسقط الجنود الشجعان قتلى بصلية رشاش من كمين محكم). التينة العجوز اعتلّت صحتها الصيف الفائت، لأنها لم تأخذ جرعة باردة من عواصف الشتاء، فلم تطعمني .. حبّة تين واحدة كل صباح، التينة هي مثل عنقاء، تنهض من تحت الرماد. شتاء تبدو مثل مومياء. صيفا تبدو فاتنة شهية مثل «نفرتيتي».. يفضح ثوب اخضر كنوزها الشهية. بثلاث أصابع تقطف حبّة تين.. تبكي فطامها عن أمها بدموع بيضاء حليبية.  

«الدرب برم»؟! لماذا برم الدرب؟ ثلاثة أمتار ونصف المتر تكفي لمرور السيارات بشيء قليل من الإزعاج.. إذا التقت سيارتان في اتجاهين متعاكسين.  
 
برم الدرب، وتهدمت السناسل، وسقطت الصنوبرات قتلى، لأن الدرب يجب ان يصير اقل دلالا في منحنياته، ويجب ان يصير عريضا.. ويجب ان تأتي الجرافة بأسنانها الحديدية، لتهدم السناسل، وأوكار الزواحف، وتطيح بالسروات، وأوكار عصافير الدروب المذعورة.   

عشرات، مئات من عصافير الدوري تبحث عن رزقها تحت أقدام السروات. اخبط الأرض بقدمي .. فإذا بها تفرّ مذعورة الى مخابئها الخضراء الكثيفة، لكل سروة عباءة خضراء مجلببة قادرة على إخفاء آلاف مؤلفة من عصافير الدوري.  

ستحظى القرية بدرب جديد أوسع واكثر استقامة، وبجدران إسمنتية بلهاء بدل حجارة السناسل. ستبحث العصافير عن سروات بعيدة عن الدرب. ستجد الزواحف أوكارا جديدة لها. وأنا لن أجد دربا كنت احبه! «إكرام الميت في سرعة دفنه» وأما إكرام السروات القتيلة فهو في سرعة تقطيعها ورفعها بعيدا عن حافة «الشارع» الذي انتهك دلال «الدرب».  

أعرف انهم سيتركون السروات القتيلة في مكانها شتاء بعد شتاء، وصيفا بعد صيف.. حتى تنخرها الديدان القارضة.   

لم يعد الدرب درباً، صار الدرب مشروع شارع صغير. للعصافير أجنحة الى دروب أخرى، ولي أقدام ثقيلة. لي وجه في المرآة كل صباح.. وكل مساء. لم يعد ذلك الدرب مرآة روحي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصرع السروات الست مصرع السروات الست



GMT 11:22 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

"تابلو" على الحاجز

GMT 09:31 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الاسم: فيصل قرقطي

GMT 10:32 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

خوف صغير!

GMT 11:21 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

«في القدس جيل مختلف»!

GMT 13:09 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

«كنيسة من أجل عالمنا»!

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 07:29 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء ممتازة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 01:28 2025 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

حظك اليوم برج السرطان الإثنين 02 يونيو / حزيران 2025

GMT 15:53 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان يسعى إلى تدعيم صفوفه بلاعبين جدد

GMT 09:59 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس مرسيدس يؤكد أن فرستابن يحتاج لتعلم الكثير

GMT 08:53 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

قوات الاحتلال تطارد فلسطينيًا في العيسوية

GMT 11:02 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة تعلن 4 حالات وفاة و516 إصابة جديدة بكورونا و613 حالة تعافٍ

GMT 22:47 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أفكار مبتكرة لتنسيق شرفة منزلك

GMT 15:29 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاثيوبي أباتي يتوج بلقب ماراثون هامبورج

GMT 14:59 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

باخ يدعو تايجر وود للمشاركة بأولمبياد طوكيو 2020

GMT 20:55 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

لاعب منتخب كرة السرعة يتمنى أن تصبح اللعبة أولمبية

GMT 17:43 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الترجي يأمل مواجهة الصفاقسي بنهائي البطولة العربية للطائرة

GMT 05:38 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا توضّح حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 03:44 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

طرق بسيطة لتنظيم المطبخ تُساعد على خسارة الوزن

GMT 11:22 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

قسوة الرسائل الأخيرة

GMT 03:10 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين الرماحي توضّح أنها وصلت إلى مرحلة النضوج
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday