الخوجاية، مشية البطة
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

الخوجاية، مشية البطة!

 فلسطين اليوم -

الخوجاية، مشية البطة

حسن البطل

على صِغَر، شربتُ حليب الماعز والغنم والبقر، أي تتلمذتُ على أيدي «الخوجاية»، ومعلّمة «الأونروا».. ومعلّمي المدرسة الحكومية الابتدائية (الأساسية، في التصنيف الفلسطيني). رماني أبي وأمي، بين الرابعة والخامسة من عمري، الى ما يصفونه، اليوم، بـ «البستان»، ولكنه كان غرفة صغيرة محشورة بعشرين شيطاناً صغيراً (أو ملاكاً). السورة هي جزء من أجزاء القرآن الكريم (لا اسم له). «الخوجاية» تقرأ، وعشرون صوتاً يردّدون ما تتلو. أنامل سبّابات أصابعهم تتتبّع نغمة الكلمة بصورة الكلمة. ويلٌ للولد إذا زلّ إصبعه، يمنة أو شمالاً، عن الربط بين صوت الكلمة في سورة الحمد وصورة الكلمة.
هكذا، حفظت السورة، صوتاً وصورة، قبل أن أفك الحرف، دون أن تساعدني الاهزوجة الوحيدة في الخوجاية - الغرفة، وهي ترنيمة بليدة: ألف، لا شيء عليها. باء، واحدة من تحتها. تاء، اثنتان من فوقها .. وهكذا دواليك (كنّا نلفظها هكذا: أليف لا شَنّ عليها).
سأتذكر، بفضل الصغير رامي، ابن الثالثة والنصف، ابن صديقي، لماذا كان مسموحاً أن نلحن في الاهزوجة.. وأما اللحن في نطق الكلمة القرآنية.. فالويل للولد. العصا لمَن عصى.. والفَلَقَة لمَن لا تربّيه العصا.
صار الولد رامي ينطق، على هواه، دعاء السّفر إن ركب مع أبيه ومعي السيارة؛ ودعاء دخول الحمّام. عبثاً نصوّب له «ما كنّا له بمقرنين» في دعاء السفر، فيصرّ على أنّ المعلّمة تعرف أحسن منّا. يقول: «أعوذ بالله من الخب والخبايب»، فنصوّب له، عبثاً: «أعوذ بالله من الخبث والخبائث». بالطبع، لا يخطر ببال والده أنّ «يضربه كفاً» عندما يلحن لحناً فاضحاً في ترديد كلمات معيّنة، هي جزء من آية كريمة.
لا يشكو الطفل رامي من أدنى علّة في نطق الحروف نطقاً سليماً، أو من بوادر علّة في السّمع. على العكس، هو صغير نابه، حتى إنه في سن الثانية ينبئ عن بلاغة في تركيب الجملة. أين جاكيتك؟ «علقتو عَ العلاقة». لاحظ كم مرّة يتكرّر حرف «العين».
*     *     *
صدقوني، ظلت تلك «الخوجاية» تتتبع أخباري، من والدتي، حتى تخرجت من الجامعة.. بل وكانت تدعو لي أن لا أموت في «حرب بيروت»، وتنسب إلى نفسها فضلاً في صيرورتي صحافياً.
الحقيقة، لم تكن تحبني لوجه الله، بل لأنها أحبّت «لبن اللاجئين» و»الجبنة الصفراء» من توزيع وكالة الغوث، كما تحضرهما أمي من حليب الوكالة، ومن «كرتونات» الجبنة.
في المقابل، كانت تعيد الصحن مليئاً بما تتلقاه من الفلاحين، آباء أولاد الخوجا. تين مجفف. زبيب. جوز بلدي. لوز.. وما زلت أحبّ هذه المكسرات حتى يومي هذا (ربما صمد قلبي بفضل دأبي على مكسراتها).
*     *     *
نشلني أبي، بعد عام أو عامين من مدرسة «الخوجا» إلى مدرسة الوكالة؛ وبعد عام أو عامين آخرين، أخرجني من مدرسة ترشيحا للأونروا.. إلى مدرسة سيف الدولة الابتدائية (الأساسية) الرسمية، فبكيت بكاء أجيال. ففي سن السابعة كنتُ ناجحاً الى الصف الثالث. وفي سن السابعة كانوا يبدؤون الصف الأول الأساسي. كيف عدتُ الى تتبع مسطرة المعلم على اللوح. ب..با..بابا، م..ما..ماما، بينما أنهيت، في مدرسة الوكالة، كتاب القراءة للصف الثاني؟
للزمن مفارقاته، وهكذا.. سأصادف معلّمة الوكالة «فاطمة» زميلة في جامعة دمشق؛ وسأصادف المعلّم أنيس الخطيب، معلّمي في الصف الأول، في مؤتمر صنعاء لاتحاد الصحافيين والكتّاب الفلسطينيين ١٩٨٣. هو موظف في مكتب لـ: م.ت.ف، وأنا مدير تحرير «فلسطين الثورة». سيقول لي: هل نسيت دموعك.. وصراخك: أنا في الصف الثالث يا أستاذ؟ 
سهوتُ عن شيئين. الأول: أن الخوجاية كانت عزباء وماتت كذلك، وإلاّ.. لماذا كانوا ينادونها باحترام: «خانم»، أي آنسة، وليس «هانم»، أي ست.
الثاني: في العطلات الصيفية في مطلع سنواتي الابتدائية، جرّبت، أيضاً، كتّاب الشيخ خالد.. إنه شاب متين البنية، ترك تحفيظ القرآن لوالده.. واهتم بدروس الرياضة البدنية، وبالذات «مشية الانكشاري»، وهي المشي السريع مع وضع القرفصاء، واليدان على الرأس، أو قل «مشية البطة».
لا أعرف لماذا لا أراها في تدريبات الجنود المغاوير، أو فرق كرة القدم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخوجاية، مشية البطة الخوجاية، مشية البطة



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday