محمد بن عيسى
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

محمد بن عيسى

 فلسطين اليوم -

محمد بن عيسى

بقلم : عبد اللطيف المناوي

رحل محمد بن عيسى، لكنه لم يترك وراءه مجرد سيرة ذاتية لمسؤول حكومى أو دبلوماسى، بل ترك إرثًا ثقافيًا وإنسانيًا سيظل محفورًا فى ذاكرة مدينة أصيلة والمغرب بأسره. كان رجلا استثنائيًا، لم يقف عند حدود المناصب الوزارية والدبلوماسية، بل جعل الثقافة مشروع حياة، وأصيلة مختبرًا لرؤاه التى جمعت بين الفن والتنمية والانفتاح على العالم.

فى كل مرة يأتى ذكر بن عيسى يحضرنى صوته وهو يسير بين ضيوفه مصفقا معلنا بداية جلسة جديدة من جلسات الحوار الحر المستمر منذ أقل من نصف قرن بقليل.

حين بدأ بن عيسى مشروعه فى أصيلة عام 1978، لم تكن المدينة سوى بقعة صغيرة هامشية، تعانى من التهميش والإهمال. لكنه امتلك حلمًا جريئًا: أن يجعل منها منارة ثقافية، حيث تصبح الثقافة أداة للتنمية، وليس مجرد ترف فكرى. لم يكن ذلك شعارًا فارغًا، بل رؤية طبّقها على الأرض، من خلال تنظيم مهرجان أصيلة الثقافى الدولى، الذى استقطب على مدى عقود كبار المفكرين والفنانين والشعراء من مختلف أنحاء العالم. كان يؤمن بأن الحوار الثقافى هو الطريق نحو بناء مجتمع منفتح ومتعدد، ولذلك جعل من أصيلة فضاءً عالميًا للتلاقح الفكرى.

لم يكن بن عيسى يرى أصيلة مجرد مدينة، بل كان ينظر إليها كفكرة، كنموذج يمكن أن يُحتذى به فى أماكن أخرى. فهو لم يكتفِ بجلب المثقفين والفنانين، بل ركّز على تحسين جودة الحياة لسكانها، من خلال مشاريع بنية تحتية، وتنظيف الشوارع، وإدخال مفهوم الجمال فى الفضاء العام عبر الجداريات الفنية التى أصبحت سمة مميزة للمدينة. كان يردد دائمًا: «إذا نشأ الطفل فى بيئة جميلة، فسيكون عقله جميلًا». لذلك كان الأطفال جزءًا أساسيًا من مشروعه، حيث شاركوا فى رسم الجداريات وتعلموا قيمة الجمال والإبداع منذ الصغر.

على الرغم من تقلده مناصب رفيعة، مثل وزير الثقافة، ثم وزير الخارجية، وسفير المغرب فى واشنطن، لم يفقد بن عيسى صلته بأصيلة أبدًا. حتى عندما كان يتنقل بين العواصم الكبرى، كان عقله وقلبه هناك، حيث نشأ وحلم وأبدع. لم يكن يرى تعارضًا بين السياسة والثقافة، بل كان يعتبر الدبلوماسية امتدادًا للثقافة، والعكس صحيح. كان مؤمنًا بأن الثقافة تمنح الدول قوة ناعمة، وتجعلها أكثر حضورًا وتأثيرًا فى العالم.

برحيله، تخسر أصيلة روحها الحارسة، لكن إرثه لن يموت. فالمهرجان الذى أسسه لايزال مستمرًا، والمدينة التى نهض بها ستظل شاهدة على جهوده. التحدى الآن يكمن فى الحفاظ على هذا المشروع، وعدم السماح له بالانهيار بعد فقدان مهندسه الأول. وكما قال أحد المقربين منه: «أصيلة اليوم عند مفترق طرق.. فإما أن تكون، وإما ألا تكون».

محمد بن عيسى لم يكن مجرد مسؤول، بل كان حالمًا ومناضلًا، جعل من الثقافة سلاحًا ومن أصيلة رسالة. رحل الجسد، لكن الفكرة باقية، لأن الأفكار العظيمة لا تموت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد بن عيسى محمد بن عيسى



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 04:42 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 11:38 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

سامسونج تنافس أبل في خدمات الدفع الإلكتروني

GMT 07:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 05:21 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّض اللاجئين "الروهينغا" للإجبار على تجارة "البغاء"

GMT 23:34 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

فوائد الرمان الصحية وكيفية دمجه في نظامك الغذائي

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان بكين السينمائي يرحب بقادة صناع الترفيه الأميركية

GMT 23:29 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة كريستينا ... وحرب «العم» بلفور
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday