وجدانية حجيلانية برسم الأجيال
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

وجدانية حجيلانية برسم الأجيال

 فلسطين اليوم -

وجدانية حجيلانية برسم الأجيال

بقلم : فؤاد مطر

في كل مرة تعصف بالأمتين العربية - الخليجية حالات بالغة التعقيد، مصدرها الصراعات الدولية على «قارة الشرق الأوسط»، نجد أنفسنا نتذكر تحليلات طالما سمعناها من شيخنا الموسوعي أمدَّ الله بعمره وصان ذاكرته الأمينة، الشيخ جميل الحجيلان بكل ما يلم بقضايا الخليج، وكنا أيضاً نبدي التطلع نفسه إلى شيخنا المتقد الذاكرة واليقظة الوطنية الشيخ عبد العزيز التويجري، رحمة الله عليه، الذي ألّف عن الملك المؤسس ما هي مراجع لمن يبحث أو يكتب أو مجرد قراءة. ومِن منطلق اهتمامي بالمسيرة الخليجية من كتابات وحوارات على مدى خمسة عقود، وكذلك على أوراق دونتُ عليها ما بات تضمينه مقالات ومؤلفات لعل أهمها «موسوعة حرب الخليج: اليوميات - الوثائق - الحقائق»، وثلاثية «النهج السعودي في ترويض الأزمات والصراعات»... إنني من هذا المنطلق أجد نفسي أقرأ بكثير من الشغف بضع صفحات من مذكرات أنتظر كما سائر التواقين إلى الوقوف على أيام ذات أهمية في تلك المسيرة.

من بين تلك الصفحات ما رواه الشيخ جميل الحجيلان عن أسلوب الطيِّب الذِّكر الملك فيصل بن عبد العزيز، وكان ما زال حينها أميراً رئيساً لمجلس الوزراء. وخلاصة ما رواه في مذكراته تلك أنه في اليوم التالي لعودته (الثلاثاء 26 مارس 1963) إلى الرياض من الكويت حيث يشغل فيها منصب سفير المملكة، قام بالسلام على الأمير وأن الشيخ صالح العباد رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء أخبره أن الأمير فيصل بن عبد العزيز يرغب في رؤيته يوم الخميس (28 مارس) على انفراد.

هنا نقرأ مشاعر الشيخ جميل عندما أُحيط عِلماً باللقاء الذي لم يتوقع طبيعته لجهة الانفراد بالأمير فيصل، على النحو الآتي: «لم يكن من عادة فيصل، الحليم، الحكيم، طويل البال، النادر في هدوئه وصبره أن يبدي عجلة فيما يريد، الأمر الذي أثار فضولي وقلقي في آن واحد. فأنا لم يمضِ على وصولي من الكويت إلَّا يومان ولم يسبق أن قدِّر لي الاجتماع بسموه على نحو ما يريد...».

بعد ذلك يلفتني المشهد الذي رسمه الشيخ جميل بالقلم للقائه بالأمير فيصل، الذي هو أشبه بلوحة رسام أو شبيهة بعض الشيء بأبيات من قصيدة أحد شعراء الزمن الغابر فهو يكتب: «حضرتُ بعد صلاة الظُّهر من يوم الخميس لمكتبه المتواضع في قصر المعذر. سلَّمتُ عليه وجلستُ في مواجهة الأمير فيصل الأنيق في ملبسه الشامخ في انتصاب قامته، مَن تهاب العين النظر في عينه. يتحدث بما يشبه الهمس. وقد يفاجئك، وهو يلتقط خيطاً عارضاً من عباءته دون النظر إليك، بسؤال مربك لا يستعجلك الإجابة عنه. هذا الفيصل بدا لي وأنا جالس أمامه كوالد عشتُ في ظله. تلاشت هواجس القلق الذي سكنتْني طوال ليلة أمس، وامتلأت نفسي بالسَّكينة. فلم تنحسر عيناي مهابة عن النظر إليه، وبدأتُ أُحدثه بما كان يرغب في سماعه عن الأحوال في الكويت والانقسام الحاصل فيها تحت تأثير المد الناصري، فكان تعليقه: الله يهديهم ما يدرون وين مصلحتهم، إن شاء الله يتعلمون...».

لن أسترجع من جانبي ككاتب عاش تطورات تلك المرحلة حرصاً على عدم نكْء الجراح المعنوية، فيما الشيخ جميل استرسل في الإضاءة عليها كعربي آلمه ما حدَث وكسعودي كان مأمولاً من الكويت ذلك الزمن أن تأخذ في الاعتبار موقف المملكة مما أدَّته من أجْل استقرار الكويت.

ما يتبقى من أوراق تسنى لي الاطلاع عليها من مذكرات الشيخ جميل، هو ما يتعلق بإبلاغه أن رئيس الوزراء فيصل بن عبد العزيز يرغب لقاءه مع ملاحظة أن الرغبة كانت نوعاً من الاستدعاء التكريمي، وهذا ما أورده الشيخ جميل وهو بمثابة الأمثولة لنا كإعلاميين. كان لدينا أولويات لخدمة المواطنين أكثر أهمية من الإعلام التفتْنا إليها ولم نلتفت مثل غيرنا إلى الإذاعات وما شابهها. لكن الأمور تغيَّرت الآن والظروف توجب علينا نظرة جديدة لإعلامنا. وأنا استدعيتكَ اليوم لكي أُخبرك بأنني أعرض عليك منصب وزير الإعلام، وإن شاء الله أنت محل القدرة ومحل الثقة. وبلباقة المسؤول الكبير الشأن، قال لمحدثه: «أحب أن أعرف رأيك في هذا العرض». وأما الشيخ جميل فجاء رده على النحو الآتي: «إن ما سمعتْه منكم هو أمر أمتثل له وليس لي خيار فيه، وهو شرف أعتز به أيما اعتزاز»، مع إبداء وجهة نظر خلاصتها أن الشيخ جميل سبق أن عمل مديراً للإذاعة والصحافة والنشر، وحيث «إنها مهمة شاقة وشائكة»، وتستلزم المتابعة ليل نهار، لم يفكر يوماً في العودة إلى الفضاء الإعلامي. لكن ماذا والعرض يأتيه من أحد كبار أهل الحكم وبالذات فيصل بن عبد العزيز؟ هنا يوجز الإجابة بعبارة «لستُ في مقام التردد أو الاعتذار، فأنا جندي في خدمة وطني. وأنا مؤمن بهذا الكيان الذي أسَّسه والدكم الملك عبد العزيز، وبأن الأُسرة المالكة هي ضمان لاستقرار هذا الوطن ووحدته وازدهاره، وسأكون إن شاء الله عند ثقتكم ولاءً لوطني وامتثالاً لما توجهوني به من أمور...».

وينقل الشيخ جميل الذي أوكل الأمير فيصل في اللقاء النادر بين قائد ومواطن كان ما زال برتبة سفير، وارتأى الأمير فيصل تعيينه وزيراً للإعلام التعليق الآتي للأمير: «لو أعلم يا أخ جميل أن وجود هذه الأُسرة - أُسرة آل سعود - ليس في صالح هذه الأمة لكنتُ أول من حمل السيف عليها».

خرج السفير السعودي لدى الكويت جميل الحجيلان وزيراً للإعلام من اللقاء بالأمير فيصل رئيس مجلس وزراء المملكة. كان ذلك قبل ستة عقود، خاتماً انطباعه باستكمال رسم اللوحة للقاء: «إن الأمير فيصل كان بتلك العبارة كأنه يخاطب أمة بأسرها، والذين يعرفونه يعلمون كم هو رزين رصين لا تخرج عنه كلمة في غير موضعها، ولا يقول إلَّا ما يريد أن يقول».

استأنف الشيخ جميل واجباً إعلامياً بمرتبة وزير كان بدأه مديراً للإذاعة. في المهمتيْن، كان الوفاء إحدى سماته التي اتسمت بها أمانته لـ«مجلس التعاون الخليجي». وفي سنوات هذا الدور كنا كإعلاميين نصغي باهتمام إلى ما يقوله لنا، وبالذات عندما نُجري حواراً معه في مكتبه في مقر الأمانة العامة في المجلس. ونحن في ذلك على نحو إصغائنا للشيخ عبد العزيز التويجري في مجلسه وللشيخ ناصر المنقور حينما كان سفيراً للمملكة في لندن، ونلتقي به بغرض الاستفسار عن قضايا تتعلق بالمملكة، وبالذات في مرحلة كانت خطوات وضع العلاقات السعودية - الروسية على سكة التطوير.

وكلهم فيما أثروه تعريفاً ومعرفة ودبلوماسية ونقاء توضيح للمسيرة السعودية التي نعيش وهج تطورها في زمن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، لم يرفدوا ما رفدوه من مذكرات ومؤلفات ومبادرات من أجْل منصب في الدولة، ذلك أن الشيوخ الثلاثة أدوا الأمانة المعرفية بعدما كانوا قد شغلوا من المناصب أرفعها، وكانوا عند حُسن تقدير ملوكهم وامتنان الذين يقرأون ويحتفظون بالصفحات والأحاديث لكي يقرأها الذين بَعدهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وجدانية حجيلانية برسم الأجيال وجدانية حجيلانية برسم الأجيال



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 04:42 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 11:38 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

سامسونج تنافس أبل في خدمات الدفع الإلكتروني

GMT 07:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 05:21 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّض اللاجئين "الروهينغا" للإجبار على تجارة "البغاء"

GMT 23:34 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

فوائد الرمان الصحية وكيفية دمجه في نظامك الغذائي

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان بكين السينمائي يرحب بقادة صناع الترفيه الأميركية

GMT 23:29 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة كريستينا ... وحرب «العم» بلفور

GMT 10:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

14 وفاة و1088 إصابة جديدة بفيروس كورونا في فلسطين
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday