عناصر ضرورية لسياسة خارجية فاعلة للبنان
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

عناصر ضرورية لسياسة خارجية فاعلة للبنان

 فلسطين اليوم -

عناصر ضرورية لسياسة خارجية فاعلة للبنان

بقلم :ناصيف حتّي*

فى خضم التطورات والتحديات الإقليمية والداخلية التى يواجهها لبنان وبناء على تجارب ودروس الماضي القريب والبعيد، هنالك عدد من العناصر التى يعتبر توفرها أمرًا أكثر من ضرورى لبلورة سياسة خارجية فاعلة وناشطة ومبادرة للبنان:

أولًا: لا بد من التذكر أن الجغرافيا السياسية لأى دولة تحكم أو توثر بشكل كبير فى أمنه الوطنى، وبالتالى فيما يجب أن تكون عليه أولوياته فى علاقاته وسياسته الخارجية.

ثانيًا: أهمية وجود أو تبلور توافق وطنى فعلى وليس «فولكلوريًا» حول الأولويات الناظمة والحاكمة للسياسة الخارجية، فالانتماءات السياسية والعقائدية، ومنها الهوياتية من نوع ما دون الدولة أو العابرة للدولة لا يجوز أن تحكم أو تتحكم بما يفترض أن يكون بمثابة توافق وطنى واسع حول أمهات القضايا تعبر عنه الدولة: دولة الموسسات على حساب فدرالية الطائفيات السياسية فى لبنان التى تتقاسم السلطة وتتحكم بها فى لعبة «الكراسى الموسيقية»، أو تبادل الأدوار والمواقع، ولو تحت عناوين وشعارات مختلفة: من «هانوى» الثورة لو تغير عنوانها العقائدى عبر الزمن إلى «سويسرا الشرق» التى لا علاقة لها بمحيطها، ولنتذكر أن المطلوب بلورة توافق وطنى واسع وفعلى ليكون فاعلًا فى تعزيز منطق الدولة الذى يعكس ويعزز مفهوم الأمن الوطنى للبنان.

ثالثًا: ذلك كله يسمح ببلورة القواعد والتوافقات العملية (توافق مضامين وليس عناوين)، وكذلك الأولويات والرؤية لسياسة خارجية فاعلة، وللتذكير لا دبلوماسية ناجحة وفاعلة إذا لم تستند إلى رؤية لبنان لعلاقاته الخارجية وأولوياته ولدوره أولا فى الإطار العربى وأيضًا على الصعيدين الإقليمى والدولى، وإلا نكون كمن يتحدث عن عزف موسيقى دون آلات، وبالطبع من أهم معايير السلطة الفعلية للدولة امتلاكها الكلى لقرار الحرب والسلم.

رابعًا: دروس الأمس القريب والبعيد وكذلك التحديات المتزايدة والمتشابكة والمتداخلة بعناصرها ومسبباتها وحلولها فى محيطنا المباشر، والتى توثر بشكل كبير بالأمن الوطنى اللبنانى كلها تستدعى بلورة سياسة خارجية تقوم بالفعل، وليس فقط على مستوى الخطاب على مفهوم الحياد الإيجابى الناشط، وللتذكير فلا علاقة لهذا المفهوم بالحياد القانونى حسب نموذج الحياد السويسرى مثلًا: لبنان دولة عربية ولا أقول عروبية، دولة من الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية، وعليه بالطبع الالتزام بالثوابت العربية، وبالأخص فى إطار النزاع العربى الإسرائيلى ولو ضعفت أو اهتزت هذه الثوابت فى لحظة معينة، ولا يعنى ذلك بتاتا أن يتحمل لبنان وحده ونيابة عن الآخرين وزر هذا النزاع. بلورة الثوابت والتوافقات المطلوبة وعودة دور الدولة الفعلى وليس الشكلى يسمح بأن لا يبقى لبنان حجر شطرنج أو صندوق بريد لتبادل الرسائل فى صراعات إقليمية أيا كانت عناوين هذه الصراعات وجاذبيتها أو موقف لبنان منها أو فى إطارها.

خامسًا: من الأمور التى للبنان مصلحة أكيدة فى المشاركة فى بلورتها لتنظم العلاقات عمليا فى الإقليم الشرق أوسطى، وبين دولة تعزيز مفاهيم عدم التدخل فى شئون الآخر، عدم التحدث فوق رءوس الدول باسم مواقف عقائدية أو سياسية أو غيرها، وكذلك الاحترام الفعلى وتعزيز القواعد السياسية المعروفة دوليًا لتسوية الخلافات بين الدول والعمل بموجبها، وذلك ضمن منطق الدولة وليس ضمن منطق أيديولوجى من نوع ما فوق الدولة، المطلوب أن نعمل على بلورة هذه المفاهيم والقواعد لنؤسس لسياسات من هذا النوع تلتزم بها جميع المكونات السياسية فى لبنان والتى هى لمصلحتها جميعا فى نهاية الأمر، وذلك تحت سقف الدولة، رغم استفادة هذا الطرف أو ذاك من ضعف أو غياب مفهوم الدولة فى لحظة معينة، أن تحكيم سلطة الدولة ومنطق الدولة فى صنع وإدارة علاقاتنا الخارجية يبقى أمرًا أكثر من ضرورى لحفظ وتعزيز الأمن الوطنى للبنان.

سادسًا: لأن لبنان هو الدولة الأكثر تأثرا بالتطورات والتوترات الإقليمية كما أشرنا بسبب الجغرافيا والاجتماع الوطنى، فلنا مصلحة وطنية أكيدة فى إطار حماية الأمن الوطنى وصيانته وتعزيزه فى أن يقوم لبنان، ولو أحيانًا بشكل استباقى، إذا ما توفرت الشروط التى أشرت إليها (التوافقات الوطنية الفعلية) والتى هى أكثر من ضرورية، وإذا ما استدعت الحاجة لذلك، بلعب دور الإطفائى فى المنطقة، ولنا فى تجارب دول أخرى، مثل سلطنة عمان نموذجا فى هذا الخصوص، هذا الدور يعزز الأمن الوطنى للدولة ويسهم فى إنقاذ لبنان من أن يبقى أسيرًا «للعبة الأمم» حتى لو تغير اللاعبون وعناوين اللعبة.

سابعًا: أشرت فى البداية إلى الدبلوماسية الرسمية، وأود أن أختم بالتأكيد على أهمية الدبلوماسية العامة المتعددة الأوجه من اقتصادية وثقافية وسياسية وغيرها، والتى تكمل وتعزز الدبلوماسية الرسمية، دبلوماسية تبنى جسور التفاهم والتعاون وتعزز جسورًا قائمة، القوة الناعمة التى يملكها لبنان من انفتاح ومستوى تعليم وحريات وتنوع ثقافى وسياسى وتجارب وانتشار، تسمح بالقيام بشكل ناجح بالدبلوماسية العامة، الدبلوماسية التى تخدم وتعزز المصلحة الوطنية فى عالمنا المعاصر، دبلوماسية تهيئ الطريق حينًا للدبلوماسية الرسمية فى مجالات عديدة وجديدة، كما تعمل بشكل موازٍ لها أو استباقى أو لاحق أحيانًا، فى هذا الإطار كنت قد طرحت فى الماضى، وأكرر اليوم على أهمية التشبيك فى الاغتراب: بناء شبكات جغرافية أو وظيفية أو تخصصية تجمع المغتربين بمختلف أجيالهم واختصاصاتهم ومواقعهم وتعمل كـ«لوبى» مستمر فى إقامة جسور تواصل فى مختلف المجالات وفى تعزيز جسور قائمة بين لبنان والدول الذى ينتمى إليها الاغتراب لما فيه مصلحة للبنان الوطن الأم ولتلك الدول.

•••

المقالة تستند إلى المحاضرة التى ألقيتها فى المؤتمر حول أى سياسة خارجية للبنان، الذى نظمته مؤسسة فواد شهاب بالتعاون مع معهد العلوم السياسية ومركز فيليب سالم للدراسات السياسية فى جامعة القديس يوسف فى بيروت، فى ٩ أبريل ٢٠٢٥.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عناصر ضرورية لسياسة خارجية فاعلة للبنان عناصر ضرورية لسياسة خارجية فاعلة للبنان



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 04:42 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 11:38 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

سامسونج تنافس أبل في خدمات الدفع الإلكتروني

GMT 07:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 05:21 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّض اللاجئين "الروهينغا" للإجبار على تجارة "البغاء"

GMT 23:34 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

فوائد الرمان الصحية وكيفية دمجه في نظامك الغذائي

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان بكين السينمائي يرحب بقادة صناع الترفيه الأميركية

GMT 23:29 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة كريستينا ... وحرب «العم» بلفور
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday