أزمة كورونا واهتزاز المنظومات
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

أزمة "كورونا" واهتزاز المنظومات

 فلسطين اليوم -

أزمة كورونا واهتزاز المنظومات

عزيز شوابكة
بقلم : عزيز شوابكة

هناك أحداث مفصلية في تاريخ البشرية قد تظهر نتائجها مباشرة، أو قد تظهر تدريجياً عبر حقبة من الزمن. ما نحن بصدده اليوم من انتشار لفيروس كورونا، وتخييم شبحه على الكرة الأرضية برمتها، وما نتج عنه من التزام الناس بيوتهم، وتعطيل مرافق الحياة، وتوقف عجلة الاقتصاد، والتغيير في سلوكيات البشر الاجتماعية، حدث تاريخي بكل المقاييس، ونتائجه ستؤسس لحقبة جديدة ومتميزة بأدواتها ومفاهيمها عما سبقها من الحقب. حدث قد لا يقارن بأحداث أخرى في العصور السابقة كتلك التي حدثت في القرن الخامس عشر من فتح القسطنطينية، وزوال دولة الأندلس، واكتشاف العالم الجديد، لكن نتائجه المباشرة والمنظورة ستؤثر في حياة كل فرد فينا، وستعمل على خلق أدوار جديدة، وتعيد أدواراً لمؤسسات فقدتها في ظل الحداثة.

أول المتأثرين بهذا الحدث هي منظومة التعليم، فما أن أعلنت حالة الطوارئ حتى بادرت الجامعات والمدارس لإغلاق أبوابها أمام جمهور الطلبة والعاملين فيها، وبدأت تفكر في آليات لمواصلة العملية الأكاديمية في ظل شبح انتشار الفيروس. لم تكن هذه المؤسسات جاهزة للبديل، فبدأت مرحلة البحث والتجريب. هيئة أكاديمية غير جاهزة لخوض غمار التجربة رغم الممارسات الفردية والتجارب الاستكشافية التي لم تصل إلى كتلة حرجة، وطلبة اعتادوا  نمط التدريس التقليدي في تلقي المحاضرات، وبنية تحتية تنقصها سرعة الاستجابة لمتطلبات المرحلة. مع كل ذلك، وحيث أنه لا بديل إلا التعليم عن بعد، انطلقت المؤسسات الأكاديمية وفي مقدمتها جامعة بيرزيت، في خوض غمار هذه التجربة الجديدة، وأصبح الصف الدراسي موزعاً بين بيوت الطلبة والأساتذة، واستبدل اللوح الصفي بشاشة الحاسوب. أستطيع بكل أمانة القول أن ما حدث في جامعة بيرزيت من نقلة نوعية في تغيير أساليب التعليم من الوجاهي إلى التعليم الافتراضي خلال أول أسبوعين من انطلاق العملية، لم يكن ليحدث في سنوات لولا فيروس الكورونا، منذ حوالي عشرين عاماً هناك محاولات لتعميم تجربة التعليم الإلكتروني في التعليم العالي، لكنها بقيت محاولات عقيمة تنتهي بانتهاء مدة المشروع الممول.

الصعوبات التي واجهها الطلبة والأساتذة في بداية الانتقال إلى التعلم الإلكتروني لم تكن لأسباب تقنية، حيث استطاع معظم الأساتذة التعرف إلى البرمجيات المتوفرة واستخدامها، سواء كانت برمجيات مفتوحة المصدر مثل موودل، أو برمجيات يمكن الاشتراك بها مثل زووم. هذه الصعوبات نتجت عن أن التعلم الإلكتروني يتطلب منهجيات جديدة للتعلم والتعليم، يكون فيه الطالب محور العملية التعلمية والأستاذ موجهها، إذ لا يمكن الانتقال من التعليم الوجاهي إلى التعلم الإلكتروني مع الإبقاء على طرق التعلم التقليدية، والحفاظ على أدوار كل من المعلم والطالب كما هي عليه. وهذا ما ولد صعوبة في البداية خاصة عند الطلبة.

قد يظن البعض أن التعليم الإلكتروني فرض نفسه في هذه المرحلة لحل مشكلة آنية وينتهي استخدامه بانتهاء أزمة كورونا، وهذا في رأيي قصر نظر، وعدم استغلال للفرصة المتاحة في توظيف التعلم الإلكتروني والقفز به إلى آفاق جديدة لم تكن متاحة من قبل، فالتعليم الإلكتروني وجد ليبقى، وعلى المؤسسات الأكاديمية أن تبدأ في تطوير خططها وبرامجها للاستفادة من هذه الوسيلة، وذلك عن طريق وضع برامج جديدة تستهدف جمهوراً جديداً من المتعلمين خارج حدود الحرم الجامعي، كما يمكن الاستفادة من ذلك في دعم البرامج القائمة عن طريق التعليم المدمج.

فيما يتعلق بالمنظومة الاقتصادية، فقد شهدنا كيف أثر انتشار الفيروس على وسائل الإنتاج والخدمات برمتها، وأضحت قطاعات كاملة في جميع أنحاء العالم مصابة بالشلل التام نتيجة التزام الطبقة العاملة بيوتهم. ولعل أهم التوجهات الجديدة التي سيتم تبنيها في قطاع الصناعة والإنتاج هو العمل من البيت بدل المصنع والورشة، والاعتماد على الروبوتات الصناعية في تشغيل المصانع، لدرجة أنه يمكن القول إن عصر الروبوتات الفعلي في الانتاج وتقديم الخدمات قد بدأ بانتشار «الكورونا»، كما أن عمليات البيع والشراء على الشبكة العنكبوتية ستصبح نمطاً روتينياً في الحياة العامة.

من ناحية اجتماعية، فقد أعاد الفيروس للبيت دوره الذي فقده في عصر الحداثة، وأصبح العمل من المنزل سمة المرحلة، وانعكس هذا النمط من الحياة على علاقات الناس الاجتماعية والسلوكية، فالمناسبات الاجتماعية القائمة على التجمعات الكبيرة مثل الاحتفال بالأعراس والمشاركة بالأتراح أصبحت من الماضي، وتعزز مفهوم التباعد الاجتماعي بين الأفراد حتى داخل الأسرة الواحدة. وحيث إن أزمة «الكورونا» أصبحت أزمة البشرية بمجملها، فقد تعزز الشعور الانساني عند البشر، وتلاشى الشعور بالفوقية والتميز العرقي رغم أن هذا الشعور ساد في البداية خاصة ضد الآسيويين، حيث نشأ الفيروس وانطلق من هناك إلى أصقاع الأرض المختلفة.مهما يكن من أمر، فإن انتشار فيروس كورونا أحدث هزات عنيفة في كثير من المنظومات القائمة، والتي سادت لعقود عديدة، وقد يُحدث هذا الانتشار هزات ارتدادية، خاصة إذا أصبح هذا الانتشار موسمياً، وعلى البشرية أن تتكيف مع عودته وتغير من سلوكها وأنماط حياتها، فما قبل «كورونا» ليس كما بعده

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة كورونا واهتزاز المنظومات أزمة كورونا واهتزاز المنظومات



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 01:12 2025 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 02 يونيو / حزيران 2025

GMT 06:05 2016 الثلاثاء ,28 حزيران / يونيو

ديلما روسيف تكشف حقيقة ما جرى وتدحض اتهامات الفساد

GMT 17:36 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الهولوجرام والسحر في العصر الحديث

GMT 07:33 2014 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدارج الأسد الأفريقي ضمن الأنواع المهددة بالإنقراض

GMT 21:37 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

فوائد الجوافة في علاج نزلات البرد

GMT 17:47 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ريم قشمر تختار الفساتين القصيرة لتصميماتها في 2017

GMT 20:29 2015 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

العقيد سرور يؤكد استعداد الشرطة البحرية لمواجهة موسم الشتاء

GMT 00:41 2015 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة مي عز الدين تفند شائعات ارتباطها بأحد رجال الأعمال

GMT 14:15 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

اتبعي الطرق الصحية لتنظيف فراشك مرة كل شهر

GMT 02:29 2014 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصاميم رائعة من السيراميك الأنيق للمنازل بتوقيع "الشريف"

GMT 22:38 2017 الإثنين ,17 تموز / يوليو

جالطة سراي يضمّ ماريانو لصفوف الفريق

GMT 02:16 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

طوني عيسى يُحضّر لأغنية جديدة بعد "أهلية بمحلية"

GMT 08:52 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

سنحاريب ملكي يعتذر عن قبول عرض "الهلال" في الوقت الحالي
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday