«أُحجية الضمّ»
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

«أُحجية الضمّ»!

 فلسطين اليوم -

«أُحجية الضمّ»

عبد المجيد سويلم
بقلم : عبد المجيد سويلم

الأمر فعلاً يتعلق بأُحجية.
من دون «طول سيرة» بات مُربِكاً ومُحيّراً وعلى أعلى درجات الحساسية والمغامرة.
وبالنسبة لنتنياهو، وبعد أن حرق سفناً ومراكب كثيرة وكبيرة، لم يعد لديه الكثير من قوارب النجاة.

فإما أنه سيُقدِم على الضم «الكلي» منفرداً ومن جانب واحد، وهو سيواجه حتماً في هذه الحالة موجة قد لا يقوى أبداً على الخروج منها سالماً معافى، أو أنه سيواجه عاصفة من الاحتجاج والتمرد من قبل معاونيه ومساعديه وأحبابه وأقربائه من المستوطنين إن هو «تجرّأ» على التراجع الجزئي أو الكلّي عن الضم.

في الحالة الأولى المعارضة شديدة وحادة من غانتس ومجموعته، ومن الأوساط الأمنية والعسكرية، ومن بعض الأوساط اليسارية، وبعض قوى الوسط، ومن الجماهير العربية في الداخل قاطبة بقيادة القائمة المشتركة ولجنة المتابعة.

والمعارضة الأوروبية شاملة وبالإجماع، أما اللاإجماع أوروبياً فهو على حدود ردة الفعل والإجراءات الرادعة. وعربياً يواجه نتنياهو رفضاً للضم قوياً من البعض، وما زال هشاً وضعيفاً من البعض الآخر.
وفي مطلق الأحوال لن يجد نتنياهو من يؤيده حتى لو أنه يراهن على أن تظل معارضته في حدود الخطاب السياسي. وأميركياً يبدو أن الإدارة الأميركية أقرب إلى مفهوم صفقتها منها إلى مفهوم نتنياهو ومستوطنيه، وهي حذرة من الإقدام على كامل الخطوة قبل «التمهيد» المطلوب، بما في ذلك «استرضاء» بعض دول الإقليم عن طريق «رشوتها» بمقولة الدولة الفلسطينية. وهكذا الأمر صعب ومعقّد وحسّاس، ولن يقوى نتنياهو على الإقدام عليه بسهولة ويسر وبساطة.

أما في الحالة الثانية، أي في حالة تراجعه عن الضم الكلّي، والذهاب باتجاه ضم استعراضي، أو جزئي مبتور، فإن قسماً من أعوانه في دائرة المستوطنين سيعلنون حرباً مفتوحة على هذه الحكومة، وقسماً آخر منها سيطلب «التزاماً» جديداً باستكمال الضم، ويمكن أن يطلب المواعيد الدقيقة لبرنامج استكمال الضم، وهو الأمر الذي يهدد بقاء الحكومة إذا ما كانت عملية الضم الجزئية خارج نطاق التوافق العام مع مجموعة غانتس.

إضافة إلى مأزق الحالتين الأولى والثانية هناك مأزق كامن ويتمثل بموقف محكمة «العدل» العليا من شرعية إقدام هذه الحكومة على أي شكل أو مستوى من مستويات الضم؛ وذلك لأن الضم هو من خارج صلاحياتها التي حددتها الحكومة لنفسها كحكومة طوارئ في مواجهة الجائحة، إضافة إلى أن المحكمة ربما تجرد هذه الحكومة من سلسلة أخرى من الإجراءات التي تمثل جوهر الاتفاقيات التي عقدها الليكود مع مجموعة غانتس، بما في ذلك رئاسة الوزراء للمرحلة «الانتقالية».

أما الرئيس ترامب فلديه مأزقه هو الآخر.
فإن هو «أصرّ» على مفهوم الصفقة الكاملة المتكاملة والتوافق الإسرائيلي الواسع، فإنه يهدد بقاء نتنياهو وحكومته، وإن هو قبل أو أوعز إلى نتنياهو بالقضم المتدرّج، والاكتفاء بـ»قطعة» صغيرة حالياً، وتأجيل القطعة «الدسمة» إلى ظروف لاحقة، فإنه (أي الرئيس ترامب) سيجد نفسه أمام ثلاث مشكلات كبيرة.
الأولى، أن الموقف في هذه الحالة لا ينقذ نتنياهو بالكامل، واحتمال تداعي حكومة الرأس والنصف يظلّ قائماً.

والثانية، أن هذا الموقف لا يجلب له (أي للرئيس ترامب) الأصوات التي بات يحتاجها من أوساط المسيحية الصهيونية واليمين الأميركي المتصلب والمتوحّش، خصوصاً أن وضعه الانتخابي بات حرجاً ويزداد اهتزازاً مع استمرار التردي الاقتصادي، والتداعيات الصحية للجائحة، ومع استمرار وتعمّق الاحتجاجات الاجتماعية وتحول معركة مناهضة العنصرية إلى شأن وطني أميركي شامل.

أما الثالثة، فإن الموقف لا يحل مسألة المعارضة الدولية الشاملة لمبدأ الضم، كما أنه لا يحل العقدة «الإقليمية»، ولا يفتح ثغرة في جدار الرفض، ليس فقط للضم وإنما لكامل الخطة الأميركية للحل، والتي ستفقد كل أهميتها من دون الضم، وستنتهي إلى احتفالية استعراضية كتلك التي جرت عند توقيع الرئيس الأميركي على قرار نقل السفارة للقدس، وافتتاحها الرمزي والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، وهذا الوجه بالذات هو عنوان فشل كبير.

والآن كيف لنتنياهو أن يجد حلاً لهذه الأُحجية؟!
وكيف له أن يوفّق بين كل هذه المتناقضات والتعارضات ويجد الحل الذي يرضي ترامب ويرضي المستوطنين، ويرضي غانتس ومجموعته، ويحيّد العرب الرافضين والمتمنّعين، ويواجه الأوروبيين. وكيف له أن يتصرف إزاء ردة فعل الفلسطينيين التي يؤكد عليها المستوى الأمني والعسكري، ويحذر من أن الاستهانة بها ستكون وخيمة العواقب؟
بل وكيف لترامب نفسه أن يجد حلاً يضبط إيقاع إسرائيل والفلسطينيين والعرب وأوروبا، بل والداخل الأميركي نفسه؟
أليست هذه أُحجية من أُحجيات القرن؟ ثم أليست «صفقة القرن» بموجب هذا كله هي الأُحجية الأكبر؟

بقي أن نؤكد على أن نتنياهو لم يخترع خطة الضم، وأن هذه الخطة لا تختلف جوهرياً عن «خطة ألون» الشهيرة، وأن حزب العمل الإسرائيلي «حافظ» على جوهر هذه الخطة، وكل مفاوضات كامب ديفيد الثانية لم تكن بعيدة عن جوهر هذه الخطة ويمكن إيجاز الفرق بالآتي:

السيادة على الأغوار كانت أمنية في عُرف حزب العمل، أما السيادة عليها في عرف نتنياهو فقانونية استيلائية.
كان لدى حزب العمل استعداد «ما» للإبقاء على الكتل الاستيطانية الكبيرة فقط والتخلي عن بعضها بشروط تفاوضية.

كانت الأطماع في بعض المناطق الحدودية من المناطق «ج» أقرب إلى الاحتياجات الأمنية بالنسبة لحزب العمل، والآن دمج نتنياهو الأمن بالأيديولوجيا وبالاعتبارات الاقتصادية.
كل «التنازلات» التي قدمها حزب العمل في القدس لم تخرج عن إطار «العاصمة الموحَّدة»، ولم تصل إلى ما هو أبعد من السيطرة البلدياتية الفلسطينية على الأحياء العربية من المدينة، ولم يقبل حزب العمل بما هو أبعد من حرية الوصول إلى البلدة القديمة، وليس السيادة عليها مطلقاً.

لقد احتاج الأمر من اليمين الإسرائيلي إلى أكثر من عشرين سنة حتى يبدأ بالمباشرة في خطة الضم، واحتاج إلى أن يكون هناك رئيس كترامب في البيت الأبيض، واحتاج إلى انهيار عربي شبه كامل، واحتاج إلى انقسام فلسطيني مدمر، ومع كل ذلك وعلى الرغم من كل ذلك فإن اليمين يبدو محتاراً ومربكاً ومتردداً. أفليس هذا دليل على الأُحجية؟!
ليس أمام نتنياهو سوى التراجع عن كل ما أعلن عنه، ولم يعد أمامه سوى خطوة جزئية مصغّرة قد لا تتعدى فرض السيادة على بعض مستوطنات قريبة جداً من «الخط الأخضر»، على أن يؤجل الأغوار والكتل إلى تطورات لاحقة.

هناك إشارة في بعض وسائل الإعلام المقربة من نتنياهو إلى أن هذه «الخلطة السحرية الجديدة» هي الحل الوحيد أمامه.

قد يهمك أيضا :

إذا سقط ترامب فهل سيسقط نتنياهو؟

أين تقف "حماس" اليوم في معادلة الصراع؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أُحجية الضمّ» «أُحجية الضمّ»



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 07:29 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء ممتازة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 01:28 2025 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

حظك اليوم برج السرطان الإثنين 02 يونيو / حزيران 2025

GMT 15:53 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان يسعى إلى تدعيم صفوفه بلاعبين جدد

GMT 09:59 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس مرسيدس يؤكد أن فرستابن يحتاج لتعلم الكثير

GMT 08:53 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

قوات الاحتلال تطارد فلسطينيًا في العيسوية

GMT 11:02 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة تعلن 4 حالات وفاة و516 إصابة جديدة بكورونا و613 حالة تعافٍ

GMT 22:47 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أفكار مبتكرة لتنسيق شرفة منزلك

GMT 15:29 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاثيوبي أباتي يتوج بلقب ماراثون هامبورج

GMT 14:59 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

باخ يدعو تايجر وود للمشاركة بأولمبياد طوكيو 2020

GMT 20:55 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

لاعب منتخب كرة السرعة يتمنى أن تصبح اللعبة أولمبية

GMT 17:43 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الترجي يأمل مواجهة الصفاقسي بنهائي البطولة العربية للطائرة

GMT 05:38 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا توضّح حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday