قصور الفكر السياسي الفلسطيني
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

قصور الفكر السياسي الفلسطيني

 فلسطين اليوم -

قصور الفكر السياسي الفلسطيني

عبد المجيد سويلم
بقلم : عبد المجيد سويلم

خلال العقدين الماضيين على الأقل، مرت القضية الفلسطينية بمنعطفات حادة ومفصلية كانت تستدعي التصدي لها في حقل الفكر السياسي تحديداً. عندما نتحدث عن الفكر السياسي، وإذا كان الأمر يتعلق بتحديد المفهوم دون الذهاب في الاكاديميات، بعيداً او عميقاً، فإن المقصود به بصورة ملموسة هو التنظير الضروري والتأصيل الفكري للبرنامج السياسي، وللسياسات المعتمدة في مواجهة تلك

المنعطفات والمفاصل. أقصد تجديد الرؤى وتحديد مقتضيات التعامل مع ما بدأ بفرض نفسه على الواقع الفلسطيني من احداث وتطورات ووقائع، وما تحوّل منها وأصبح بحكم الحقائق الجديدة، ومدى ما اصبحت بموجبه هذه الحقائق جزءاً من جدول أعمال الشعب والمجتمع. ومع ان هذا الأمر ينطبق على المحددات التاريخية والسياسية التي ادت الى التوقيع على اتفاقيات اوسلو، الا ان القصور الاكبر

قد تجلّى بعد نهاية المرحلة الانتقالية من هذا الاتفاق، وذلك لأن انسداد أفق «الحل السياسي» بعد تلك المرحلة الانتقالية كان يوجب ويحتم على الفكر السياسي الفلسطيني التصدي الفكري الشامل للنتائج التي انتهى اليها ذلك الاتفاق. تنحى الفكر السياسي الفلسطيني جانباً ودخل دهاليز مناقشات كامب ديفيد والانتفاضة الثانية، وسرعان ما وجد نفسه منشغلاً في اجتياح شارون للضفة، ثم عاد وانخرط في

نقاشات «الانسحاب» من غزة والحروب الكبرى التي شُنت على القطاع، وتاه وأمعن في تيه الانقلاب الذي قادته حركة حماس في القطاع. منذ ذلك الوقت تحول الفكر السياسي الفلسطيني بصورة لم يسبق لها مثيل الى فكر «وظيفي» بين من يبرر الانقلاب وبين من يعارضه وما بين المنزلتين. في هذه الاثناء جرت مياه كثيرة في المحيط العربي (الربيع العربي) بموجتيه الأولى والثانية، وجرت

مياه غزيرة في اسرائيل، وحدث فيها من التطورات ما هو نوعي وتاريخي سواءً في البنية السياسية الاجتماعية، او في ثقافة التوسع والاستيطان، وصولاً الى وضع تصفية حقوق الشعب الفلسطيني على جدول الأعمال. مع وصول اليمين المحافظ في الولايات المتحدة المتحالف مع الشعبوية والمسيحية الصهيونية في نسخة قد تنتهي الى ارساء قواعد اقتصادية واجتماعية وثقافية لفاشية جديدة، ومع تنامي

دور ومكانة اليمين المتطرف في اسرائيل وصلنا الى «صفقة القرن»، دون أن يواكب الفكر السياسي الفلسطيني كل هذه التحولات، ودون ان يمهد لميلاد الرؤى الجديدة القادرة على مواجهة الواقع الجديد. لا يمكن إنكار بعض المحاولات، ولا يمكن التقليل من شأن بعض المبادرات على هذا الصعيد. لكن الفكر السياسي الفلسطيني عجز عن التأصيل النظري لتلك التحولات، ولم يتمكن من توجيه

الإدارة السياسية نحو المسارات السياسية القادرة على إعادة بناء جدول الأعمال السياسي وفق ممكنات تاريخية تحررية فعالة نابعة من المصالح الوطنية العليا للشعب والمجتمع. وفي غمرة هذه المحاولات والمبادرات المعزولة والمنعزلة في الواقع، هناك عملية هروب واضحة نحو البحث عن صيغ تم طرحها في مراحل ماضية، ومنها صيغة «الدولة الواحدة»، والدولة ثنائية القومية، والدولة

الديمقراطية، إضافة الى حل الدولتين، دون توضيح فيما اذا كان حل الدولتين يعني دولتين لشعبين أم لا. طبعاً دون ان نغفل أطروحات عجيبة عن عقد اتفاق سلام دون اعتراف (واحدة من أطروحات الإسلام السياسي)، او إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران حتى دون مفاوضات، ناهيك طبعاً عن نظرية الأرض الوقفية. في أغلب الظن أن العودة الى هذه الصيغ هو التعبير الأوضح عن

حالة القصور، كما انها تعبير آخر عن درجة معينة من اليأس في ظل حالة الانسداد التام للافق السياسي، وفي ضوء ما أحدثته تراكمات كبيرة من الأحداث والتحولات في المحيط العربي والدولي على حد سواء. ومنذ خروج مصر من دائرة الصراع المباشر وتدمير العراق ثم سورية وليبيا لاحقاً وقبلها هزيمة المعسكر الاشتراكي وتربع الولايات المتحدة على عرش القطبية الواحدة، أصبح الفكر

السياسي ينزع نحو «المحلية» ونحو البحث عن مخارج انعزالية، وكأن كل شيء اصبح ثانياً بمعنى ثانوياً وهامشياً، وفقدت وغابت كل روابط التأثير المتبادل بين مكونات الأمة، وتلاشت كل الابعاد القومية للصراع باستثناء الروابط والتحالفات والاصطفافات لمكونات النظام السياسي العربي، في محاور وتكتلات تابعة للاستراتيجيات الاميركية والغربية. ولعلّ صعود نجم الإسلام السياسي

وانخراطه في الصراع على السلطة من باب «المقاومة» والممانعة قد ساهم في فقدان فصائل اليسار والتي في العادة تكون أكثر تأصيلاً لتقديم الرؤى النظرية والفكرية في قراءة الواقع المتغير للبوصلة، والدخول الى مرحلة الضباب الفكري بل والتيه الهوياتي لهذا اليسار. لا يمكن أن ننسى في هذا المقام ان إنتاج الفكر يحتاج الى مؤسسات راعية، والى إمكانيات كانت مفتقدة في الحالة الواقعية، كما لا

يمكن ان نتجاهل ان جيل الكادر النشط قبل اتفاقيات أوسلو اصبح اليوم في خريف العمر، ولم تعد تتوفر له فرصة احتراف الإنتاج الفكري لغياب الحوافز الكافية، بما في ذلك افتقاده للقدرة على الاطلاع على الإنتاج الفكري العالمي غير المترجم، بسبب عدم معرفة اللغات الحية وما ينشر بهذه اللغات من إنتاج فكري زخم، ليس بالضرورة في كبريات الدوريات والمجلات المتخصصة. من المحزن ان

نكون في خضم «صفقة القرن» ونمعن في قراءة ما تنطوي عليه من اخطار وما باتت تفرضه من تحديات، دون ان نستطيع بصورة ملموسة الحديث عن جواب السؤال المطروح بشدة وإلحاح؛ ما العمل؟ هنا تلتبس الأمور، وتتحول الإجابة الى مجرد استحضارات من أطروحات سابقة لم يتم حتى نقاشها، لا في حينه ولا الآن، وذلك لأن الفكر السياسي الفلسطيني يعاني في الواقع من عجز في

تقديم تأصيلاته المطلوبة. وبسبب هذا القصور بالذات اصبح الممكن الوحيد الاستعاضة عنه بأن يتم تداعي مجموعات كبيرة من المثقفين الوطنيين والعمل بصورة فعالة وسريعة لسدّ هذه الثغرة الكبيرة في الواقع الفلسطيني. هذه دعوة للمبادرة والتنادي للمساهمة المشتركة في هذا الجهد الذي أراه ضرورياً وحيوياً لتقديم المساهمة المطلوبة في رؤية المرحلة القادمة، والتي بدأت ملامحها تتضح وتتبلور،

وربما ان مساهمة من هذا النوع مازالت ممكنة.

قد يهمك أيضا :  

  هل ستُعْلَن الصفقة قبل الانتخابات الإسرائيلية؟

عندما يتقمّص ترامب دور الفهلوي والكومبارس

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصور الفكر السياسي الفلسطيني قصور الفكر السياسي الفلسطيني



GMT 22:40 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 07:29 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء ممتازة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 01:28 2025 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

حظك اليوم برج السرطان الإثنين 02 يونيو / حزيران 2025

GMT 15:53 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان يسعى إلى تدعيم صفوفه بلاعبين جدد

GMT 09:59 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس مرسيدس يؤكد أن فرستابن يحتاج لتعلم الكثير

GMT 08:53 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

قوات الاحتلال تطارد فلسطينيًا في العيسوية

GMT 11:02 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة تعلن 4 حالات وفاة و516 إصابة جديدة بكورونا و613 حالة تعافٍ

GMT 22:47 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أفكار مبتكرة لتنسيق شرفة منزلك

GMT 15:29 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاثيوبي أباتي يتوج بلقب ماراثون هامبورج

GMT 14:59 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

باخ يدعو تايجر وود للمشاركة بأولمبياد طوكيو 2020

GMT 20:55 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

لاعب منتخب كرة السرعة يتمنى أن تصبح اللعبة أولمبية

GMT 17:43 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الترجي يأمل مواجهة الصفاقسي بنهائي البطولة العربية للطائرة

GMT 05:38 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا توضّح حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday