الدولة الوطنية وصناعة النهوض
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

الدولة الوطنية وصناعة النهوض

 فلسطين اليوم -

الدولة الوطنية وصناعة النهوض

بقلم : محمود الورواري

الدولة الحديثة في المفهوم العربي وفي الممارسة مرت بمرحلتين؛ الأولى يمكن أن نحددها منذ بداية الاستقلال في خمسينات القرن الماضي حتى عام 2011، هذه المرحلة كانت بمثابة اختبار للمصطلح والوعي والتطبيق، وفيها تأرجحت الدولة بين شكلها الغربي وتكوينها العربي مع بعض الاحتفاظ بآيدولوجيات متفاوتة. كان الخطر في هذه المرحلة يتأتى إما من الخارج مثلما حدث في الصراع العربي - الإسرائيلي وإما من الداخل كما تجلى في سطوة التنظيمات الإسلاموية كـ"الإخوان" أو تنامي بعض تيار العنف الديني أو العرقي، وعلى رغم ذلك كانت الدولة بما لها وعليها باقية ثابتة.

لكن في 2011 ومع موجة الربيع العربي الأولى في تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية وحتى في موجته الثانية في 2018 في السودان والجزائر، تأكد للجميع أن هناك خطر وجودي حقيقي يهدد الدولة في العالم العربي، خطر يجعل بعض الدول موجودة أو غير موجودة.

وبالرجوع إلى الذين تعمقوا في دراسة الدول التي تعرضت للتفتت والهدم مثل اليمن أو سورية وليبيا تأكد للجميع أن هذه الدول كانت تحمل بين طياتها منذ استقلالها وتكوينها عوامل هدمها، فايروسات الفناء هذه كانت كامنة في بنيتها وقت تأسيسها، فاليمن ظهر فيه فايروس القبيلة فوق الدولة وانتهى بنا المطاف إلى ما نحن عليه اليوم، "قبيلة" في شكل ميلشيا الحوثي تخوض حربا ضد دولة كاملة الأهلية والشرعية حتى لو تآكلت مؤسساتها.

وفي سورية ضرب فايروس التمذهب والآيديولوجية الدينية كل شيء، فظهرت ورقة العلوية كأقلية مستقوية بولاية فقيه شيعية جاءت من طهران وحزب الله اللبناني.

وهكذا ليبيا التي تحولت إلى صراع زعامات ونفوذ قطري تركي لتسمين وتربية ميلشيات العنف الديني، لأن هذه الدولة لم تكن دولة راسخة تفككت وانهارت.

"الدولة الوطنية" غيابها علة المرض وحضورها وصفة العلاج.. من هنا أدخل إلى كتاب صدر حديثا حمل عنوان: "الدولة الوطنية صناعة النهوض" لواحد من رجالات العلم والتعليم في دولة الامارات العربية المتحدة الدكتور علي راشد النعيمي, وفيه يتجاوز الخوض المفصل في الأمراض، بل يقفز مباشرة إلى مخارج الحلول ، كما يظهر في كلمته على غلاف الكتاب الخلفي: "ما تحتاجه مجتمعاتنا هو ترسيخ الدولة الوطنية، دولة المواطنة، دولة التعاقد القانوني بين الإنسان والدولة، ليست دولة قوم أو عرق أو عنصر بشري متعال على الآخرين".

الكتاب الذي جاء في 175 صفحة من القطع السريع يتنقل برشاقة بين عناوين فرعية، إذا وضعتها متجاورة ستشكل رسما دقيقا لمكونات الدولة الوطنية بمعناها الدقيق، وفي الوقت نفسه تزيح عنها كل المسميات التي أحدثت خلطا مريضا أو ثغرات أدت إلى تفكيكها.

فهو في البداية يضع "الدولة الوطنية" في تجاور مع كل ما يمثل نقيضا لها، فيبدأ بالخلافة كشكل للحكم وكفكرة مؤدلجة يسعى أصحاب جماعات الإسلام السياسي إلى فرضها باعتبارها شرعا وشريعة كما تدعي جماعة "الاخوان" و"القاعدة" و"داعش" وغيرها، فلا فرق بين ما يعلنه أبو بكر البغدادي من على منبره وبين ما كتبه حسن البنا في رسائله أو كتبه سيد قطب في مؤلفاته. فالخلافة لم تكن شرعا ولا شريعة، بل شكل من أشكال الحكم وليد مرحلة مضت وانتهت.

ثم ينتقل إلى مطب آخر وقع فيه الفكر الإسلامي أحيانا ووقعت فيه الجاليات المسلمة التي تعيش في بلاد غير إسلامية أيضا، هو الفرق بين الأمة الإسلامية والدولة والوطنية؛ فالأمة لا تعدو أن تكون رابطة عاطفية معنوية، فالمسلمون أمة لكنهم يعيشون في دول عدة متفرقة في الصين وفي أميركا، شريطة ألا تتعارض انتماءاتهم الدينية مع انتماءاتهم الوطنية.

لم يتجاهل النعيمي في كتابه إظهار نقيض آخر لـ الدولة الوطنية هو "الطائفية"، أو كما أطلق عليها "الدولة الطائفية"، تلك الدولة التي هي أبشع من الدولة الدينية التي سقطت من حساب التاريخ، وهنا يشير إلى أنموذج الدولة الخمينية الإيرانية التي تأسست عام 1979، فهو يقول: "لقد كانت الدولة الخمينية ثاني دولة طائفية في القرن العشرين بعد قرار الأمم المتحدة رقم 181 بتقسيم فلسطين وقيام إسرائيل 1947"، فالدولة الطائفية الإيرانية تقر في دستورها أنها دولة شيعية، ليست شيعية فقط بل على المذهب الاثني عشر، وأن السيادة فيها لولاية الفقيه الذي ينوب عنه الإمام الغائب وليس للشعب كما في الدولة الوطنية. وتبعا لذلك يصبح المسلمون من غير المذهب الشيعي الاثني عشري ومن غير المسلمين مواطنين من الدرجة العاشرة، وهنا نكون أمام دولة تقوم على التمايز والتفرقة.

انطلاقا من تجربة شخصية عاشها المؤلف بالقرب من جماعة "الإخوان المسلمين" يخصص في كتابه فصلا كاملا بعنوان: "الإخوان الخطية الكبرى"، متنقلا بين عناوين فرعية بمثابة تشريح دقيق لما فعلته الجماعة داخل المجتمعات باعتبارها معول هدم قسم وفتت الدول كمؤسسات ودمر جينات الولاء عند المواطن، فخلق مواطنا "لا منتميا" على حد وصفه، مستدلا بما قاله مرشد جماعة "الإخوان" في مصر مهدي عاكف: "إن المسلم الماليزي أقرب إليّ من القبطي المصري".

تحطيم حصن الولاء هذا خلق مواطنا عربيا مسلما قابلا لأن يكون "مرتزقا" بيقين، بمعنى هو يقاتل في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي سابقا ويقاتل في العراق ضد الأميركين أو في ليبيا أو في سورية، يقاتل على غير أرضه وفي معارك ليست معاركه لأنه تم تشويه معنى الوطن في ذهنه.

في المحصلة فإن كتاب "الدولة الوطنية صناعة النهوض" للدكتور علي النعيمي هو بمثابة أشعة مقطعية بالصبغة على جسد المجتمع العربي أظهرت جملة من الأمراض والشروخ والأورام تمثلت جميعها في معوقات ونواسف لتأسيس كيان ثابت يمكن أن نبني عليه مؤسسات تقدم للشعوب خدمات بعيدة عن التمايز والمحاصصة.. كيان وظلة اسمها "الدولة الوطنية".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدولة الوطنية وصناعة النهوض الدولة الوطنية وصناعة النهوض



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 01:12 2025 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 02 يونيو / حزيران 2025

GMT 06:05 2016 الثلاثاء ,28 حزيران / يونيو

ديلما روسيف تكشف حقيقة ما جرى وتدحض اتهامات الفساد

GMT 17:36 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الهولوجرام والسحر في العصر الحديث

GMT 07:33 2014 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدارج الأسد الأفريقي ضمن الأنواع المهددة بالإنقراض

GMT 21:37 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

فوائد الجوافة في علاج نزلات البرد

GMT 17:47 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ريم قشمر تختار الفساتين القصيرة لتصميماتها في 2017

GMT 20:29 2015 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

العقيد سرور يؤكد استعداد الشرطة البحرية لمواجهة موسم الشتاء

GMT 00:41 2015 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة مي عز الدين تفند شائعات ارتباطها بأحد رجال الأعمال

GMT 14:15 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

اتبعي الطرق الصحية لتنظيف فراشك مرة كل شهر

GMT 02:29 2014 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصاميم رائعة من السيراميك الأنيق للمنازل بتوقيع "الشريف"

GMT 22:38 2017 الإثنين ,17 تموز / يوليو

جالطة سراي يضمّ ماريانو لصفوف الفريق

GMT 02:16 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

طوني عيسى يُحضّر لأغنية جديدة بعد "أهلية بمحلية"

GMT 08:52 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

سنحاريب ملكي يعتذر عن قبول عرض "الهلال" في الوقت الحالي
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday