وهل كنا نعيش في المدينة الفاضلة
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

وهل كنا نعيش في المدينة الفاضلة؟!

 فلسطين اليوم -

وهل كنا نعيش في المدينة الفاضلة

بقلم : عماد الدين حسين

فى الأيام الأخيرة قرأت العديد من المقالات والعبارات التى تشير إلى معنى واحد وهو:
‎«إن العالم تغير بحيث إنه يركز على التجارة والأسواق، ولم يعد يعرف إلا لغة الأرقام، ونسى هذا العالم الحديث كل ما له صلة بالقيم الوطنية والسياسية والقومية والإرث الثقافى».
‎هذه هى الفكرة التى تتردد بكثرة على صفحات وسائل التواصل الاجتماعى، بل وبعض وسائل الإعلام التقليدى ويعتقد أصحاب هذه الأفكار أن النظريات السياسية  الجميلة التى صاغت القضايا وصنعت التاريخ وشغلت النخب والمفكرين وحركة المجتمعات اختفت لصالح حياة البزنس والربح والخسارة والتجويع والبيع والشراء والحصار.
‎ويختم أصحاب هذه الرؤية بالقول إن الاتجاه الجديد الفاقد للقيم الإنسانية يلاقيه الذكاء الاصطناعى الذى ألغى الحس فى التفكير لصالح الغش والتزوير.
‎الكلام السابق لا يخص شخصا أو مجموعة أو حتى بلدا عربيا واحدا، ولكنه يسرى كالنار فى الهشيم، ويمكنك أن تسمعه على المصاطب وأنصار حزب الكنبة وبعض خطباء دور العبادة، وصولا إلى بعض الإعلاميين والسياسيين. وهذا الكلام يجد هوى شديدا لدى الناس العادية فى العديد من الشوارع العربية.
‎لكن وإذا دققنا النظر فى هذا الكلام فقد نجد مفاجآت تنسفه من أساسه.
‎ ترديد هذا الكلام الآن يعنى أننا قبل سنوات أو حتى عقود قليلة كنا نعيش فى المدينة الفاضلة على مستوى العالم. والسؤال: هل هذا صحيح؟!
‎بالطبع الإجابة هى: لا قاطعة، لكن المشكلة أن عددا كبيرا من الناس فى كل زمان ومكان يحبون البحث عن شماعة جاهزة، واعتقادات تسهل لهم ما لا يجهد عقولهم.
‎ولا يخفى على أحد أن بداية ترديد وانتشار هذا الكلام جاء مع عودة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للبيت الأبيض. وكأنه فى المرة الأولى ٢٠١٦ ــ ٢٠٢٠ كان يحلق بأجنحة فى عالم الملائكة الفردوسى!
‎وقد يقول البعض: ولكن نحن نقصد عصر ما قبل ترامب. والإجابة هى نفسها، فالذى جاء بعد ترامب كان جو بايدن الديمقراطى الذى فتح للعدوان الإسرائيلى كل خزائن المال وكل مخازن السلاح، وكل أنواع الفيتو فى الأمم المتحدة حتى يدك غزة تماما.
‎وكان هناك  باراك أوباما، ورغم أنه كان معتدلا نسبيا مقارنة ببايدن وترامب، إلا أن جوهر سياسات بلاده لم يتغير. فلم يوقف تصدير السلاح لإسرائيل وتقديم كل أنواع الدعم. قبلهما كان جورج بوش الابن الذى دمر أفغانستان والعراق فى عهد «المحافظين الجدد» الأكثر صهيونية من إسرائيل. وقبل كل هؤلاء فإن كل رؤساء الولايات المتحدة انحازوا دوما لإسرائيل على حساب الحقوق العربية.
‎لا أريد فقط أن أدلل على صحة كلامى عبر استعراض سياسات الرؤساء الأمريكيين السابقين، ولكن ما لا يدركه كثيرون هو أن العالم يقوم بالأساس على منطق المصالح ومنطق القوة، بل وفى مرات كثيرة على منطق الغابة. قد تتحسن الأمور فى بعض الفترات القليلة نحو الهدوء والاستقرار، لكن هذا تغير فى الدرجة، وليس فى الجوهر.
‎وحتى لا نظلم ترامب، فإنه لم يكن هو من اخترع فكرة التهديد بفتح أبواب الجحيم على خصومه وأعدائه، بل إن ذلك يحدث منذ بدء الخليقة وأغلب الظن سوف يستمر إلى قيام الساعة.
‎من يتأمل تاريخ البشرية، ومن يقرأ ملحمة قصة الحضارة، لـ«ول ديورانت» ومن يقرأ «صعود وسقوط الامبراطوريات»، لبول كيندى، وغيرها من الكتب التى تناولت الصراعات الكبرى، عبر التاريخ سوف يكتشف بسهولة أن الإمبراطوريات الكبرى قامت بالأساس على منطق القوة الغاشمة وليست الناعمة، وآخر إمبراطورية كانت البريطانية التى وصفها البعض بأنها «لا تغرب عنها الشمس»، تأسست بالفتوحات العسكرية وبالاحتلال العسكرى المباشر، والأمر نفسه ينطبق على الإمبراطورية الفرنسية، فرغم أن نابليون بونابرت جاء بالمطبعة والعلماء، إلا أن عدته الأصلية كانت القوة العسكرية.
‎إسرائيل نفسها تم زرعها بالقوة الغاشمة منذ وعد بلفور عام ١٩١٧، مرورا بالنكبة عام ١٩٤٨ ونهاية بالعدوان المستمر منذ ٢٠٢٣.
‎كل الإمبراطوريات الكبرى تقوم على القوة الخشنة، ولكن بعضها يجمل ذلك ببعض القشور الإنسانية أو العلمية والدعاوى والتبريرات الأخلاقية.
‎وقد رأينا أن كل مساحيق التجميل سقطت عن وجه العديد من الحكومات الغربية التى بررت ودعمت العدوان الإسرائيلى الأخير.
‎الخلاصة، أننا لا نعيش فى «المدينة الفاضلة» بل فى عالم تحكمه بالاساس القوة الشاملة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وهل كنا نعيش في المدينة الفاضلة وهل كنا نعيش في المدينة الفاضلة



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 04:42 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 11:38 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

سامسونج تنافس أبل في خدمات الدفع الإلكتروني

GMT 07:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 05:21 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّض اللاجئين "الروهينغا" للإجبار على تجارة "البغاء"

GMT 23:34 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

فوائد الرمان الصحية وكيفية دمجه في نظامك الغذائي

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان بكين السينمائي يرحب بقادة صناع الترفيه الأميركية

GMT 23:29 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة كريستينا ... وحرب «العم» بلفور

GMT 10:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

14 وفاة و1088 إصابة جديدة بفيروس كورونا في فلسطين
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday