درس القدس
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

درس القدس

 فلسطين اليوم -

درس القدس

بقلم :هاني عوكل

علامة فارقة في تاريخ الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي أن تتراجع الحكومة الإسرائيلية عن قرار نصب جسور حديدية وبوابات إلكترونية وكاميرات ذكية على أبواب المسجد الأقصى المبارك، بعد مرور أسبوعين على وضعها.

هذا التراجع لم يكن ليتحقق لولا غليان الشارع الفلسطيني والمقدسي تحديداً في وجه الإجراءات العنصرية لسلطات الاحتلال، ولولا جهود السلطة والفصائل الفلسطينية والأردن في الضغط على إسرائيل لتفكيك تلك البوابات.

رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي لم يستمع جيداً إلى تقارير مسؤولي الشاباك والمخابرات ومختلف أجهزة الأمن الإسرائيلية الذين حذروا من نصب البوابات الإلكترونية في القدس، نتنياهو هذا ركب رأسه وفضّل التعامل مع أصوات يمينية عنصرية في حزب الليكود ومن خارجه وإرضائهم بوضع تلك البوابات.

غير أنه حين صعد إلى أعلى الشجرة، لم يكن يتوقع أن ينزل بهذه الطريقة السريعة، خصوصاً وأن الكل الفلسطيني توحد ضد هذه الإجراءات الاستفزازية التي كان الهدف من إجرائها تعزيز قبضة الاحتلال في القدس والتمسك بقرار وحدانيتها وعدم تقسيمها.

في القدس سجّل الفلسطينيون حالة متميزة من التضامن النضالي والاجتماعي ضد الوجود الإسرائيلي هناك، مدركين أن عدم التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي بحزم وتمرير مثل هذه الإجراءات العنصرية سيعني مقدمة للمزيد من الإجراءات التي تهدف إلى تهويد القدس المحتلة.

نتنياهو نزل من قمة الشجرة وأوعز لشرطته بتفكيك الجسور الحديدية والبوابات الإلكترونية، لأنه أدرك أن المعركة مع الفلسطينيين ليست مجرد هبة سريعة قد تهدأ، بل يحتمل أن تتوسع وتتحول إلى انتفاضة ثابتة من شأنها أن تؤثر كثيراً على الاحتلال وتلحق الأذى به.

في حقيقة الأمر إقامة البوابات الإلكترونية أمر جد استفزازي ويبعث على السخط الكبير لكونه يمس المعتقد الديني ويمنع المسلمين من أداء صلواتهم بحرية، بل يفرض عليهم قيوداً على الصلاة ويذلهم بطريقة أو بأخرى، ولذلك فإن حجماً من هذا القرار لاقى رداً من مستواه وأكثر.

ولعل أسباب نزول نتنياهو عن الشجرة مرغماً عند الموقف الفلسطيني الذي دعا إلى إزالة كل الحواجز الإلكترونية، مرده إلى أن الأول لا يرغب في توسيع حجم الاشتباك مع الفلسطينيين، خاصةً وأن مثل هذا النوع من الاشتباك سيوفر نوعاً من الصمود الأسطوري وسيؤدي بالتدريج إلى فرملة لغة وحدية الانقسام الفلسطيني الداخلي.

حدث أن ترجم الرئيس محمود عباس قرارات جوهرية خدمت في حقيقة الأمر الهبة الفلسطينية والمقدسية ضد قرار نصب الحواجز الإلكترونية، فحين يقرر أبو مازن وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال قولاً وفعلاً، فهذا يعني أن القيادة خلف الشعب "بالباع والدراع".

وحين يدعو الرئيس أيضاً إلى الاعتكاف في القدس وتوسيع هامش الاشتباك السلمي مع الاحتلال، فإن الهبة الجماهيرية قادرة على التأثير ولديها من عوامل الصمود ما يجعلها تؤذي إسرائيل، ليس بالضرورة إيذاءً مباشراً وسريعاً فحسب، وإنما إيذاء على المديين المتوسط والبعيد.

ثم حين تسجل القدس وأهلها حالة من التلاحم الوطني قلما يحدث في العالم، تلاحم وانسجام في الموقف بين المرجعيات الدينية هناك، فهذا يعني توفير الزخم الديني والنضالي والفكري لهبة تحتاج إلى تضافر كافة الجهود من أجل دفعها للاستمرار والحفاظ على ديمومتها برفض الإجراءات الإسرائيلية العنصرية في القدس.

أيضاً كان للفصائل الفلسطينية دور مهم في حماية وصون القدس من الإجراءات الإسرائيلية التعسفية، ورد الفعل الفلسطيني هذا كله حين يجتمع في موقف واحد، فإن النتيجة قد تكون بالضرورة إيجابية يصلح المراكمة عليها لتمكين صمود الفلسطينيين.

لقد تراجع نتنياهو نتيجة هذا الضغط الفلسطيني والشعبي عليه، وأيضاً بسبب عدم ارتياح الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من قراره، لكن هذا التراجع لا يعني أن الاحتلال الإسرائيلي لن يكف عن الأذى ويتوقف عن العبث بثوابت ومقدرات الشعب الفلسطيني.

سيعمل رئيس الحكومة الإسرائيلية كالعادة على أمرين، الأول الاستمرار ومتابعة الإجراءات الإسرائيلية التي تحيل القدس شيئاً بعد شيء إلى التهويد الحقيقي، وهذا يتأتى بطبيعة الحال بإجراءات وقرارات غير مستفزة كثيراً للفلسطينيين.

بمعنى، هناك إجراءات إسرائيلية يومية لتهويد القدس الشرقية، سواء حفريات تحت القدس أو إجراءات قمعية في محيطها على الأرض، وباستثناء أهل القدس وصمودهم المتواصل، لم تتحرك القيادة الفلسطينية ولا الشارع الفلسطيني كما حصل في هبة الرابع عشر من تموز الجاري.

سيعود نتنياهو للثأر وإرضاء المتعطشين من المتطرفين في حزبه والمستوطنين، لممارسة إجراءات قمعية استفزازية، مثل تسريع الاستيطان في الضفة الغربية وفي القلب منها القدس الشرقية، وسيستعجل سن القوانين العنصرية التي تمس وضع القدس، كما هو حال إقرار الكنيست بالقراءة الأولى مشروع قانون القدس الموحدة الذي يمنع تقسيمها والتنازل عن جزء منها في أي تسوية ممكنة مع السلطة الفلسطينية.

الأمر الثاني يتعلق بموقف نتنياهو من أهمية تعميق الخلاف الفلسطيني الداخلي، فهذا بالنسبة إليه بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهباً، إذ حينما يكرس الفلسطينيون ويستهلكون كل وقتهم في التركيز على الانقسام، فهذا يجعل رئيس الحكومة الإسرائيلية فوق الريح، كونه يستبيح الأراضي الفلسطينية بدون رادع أو حتى أن يدفع أي ثمن باهظ أو غير ذلك.

درس القدس هذا جد مهم ومشرّف، وينبغي المراكمة عليه لجهة توحيد الخطاب والرؤية والنضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولجهة مغادرة كل أشكال الانقسام الداخلي التي يمكنها أن تؤثر سلباً على صمود الفلسطينيين في مناطق التماس مع الاحتلال الإسرائيلي.

لقد خسرت إسرائيل في هذه المواجهة المفتوحة مع الفلسطينيين، وهي خسارة اعترف بها رئيس حزب البيت اليهودي ووزير التربية والتعليم المتطرف نفتالي بينيت، الذي قال إن بلاده "خرجت مستضعفة من هذه الأزمة، وبدلاً من تعزيز سيادتنا في القدس تم تمرير رسالة بأنه بالإمكان تقويض السيادة".

الاحتلال لم ولن ينتهي أو يهدأ لأن طبيعة الوجود الصهيوني قائمة على رفض الآخر وقائمة على طرد الفلسطينيين واحتلال أرضهم، وإذا ما كان هناك مشروع وطني عاجل يجمع كافة القوى الفلسطينية والمرجعيات الدينية ويربطها ببعضها البعض بهدف واحد ومصير مشترك، فإننا أمام واحدة من الجولات الكبرى وفي الطريق إلى مواجهة أخرى جديدة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس القدس درس القدس



GMT 09:19 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

الـــوعـــي أهــــم مـــن «كـــورونــــــــا»

GMT 05:59 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

كلنا مسؤول في عصر "كورونا"

GMT 07:08 2020 السبت ,23 أيار / مايو

أوروبا وسياسة الضم

GMT 07:08 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

أنقذوا سورية من «كورونا»

GMT 05:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

دلالات نقاط المراقبة التركية في سورية

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019

GMT 23:42 2020 الأحد ,28 حزيران / يونيو

طريقة عمل البطاطس بوصفة جديدة

GMT 09:33 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

8 وجهات مميزة لعشاق المغامرات

GMT 07:37 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك ما تحتاج معرفته قبل السفر إلى جزر المالديف

GMT 02:07 2019 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مصر تستورد 34 مليار متر مكعب مياهًا افتراضية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday