ماي البلفورية على طريق ترامب
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

ماي البلفورية على طريق ترامب...

 فلسطين اليوم -

ماي البلفورية على طريق ترامب

بقلم : هاني عوكل

تفتخر رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بالدور الذي لعبته بلادها في إقامة إسرائيل، وتعلن أنها ستحتفل بالذكرى المئوية لوعد بلفور، من طرف لا يملك لآخر لا يستحق، على الرغم من أنها وحكومتها تدعم حل الدولتين! وتدرك ماي وغيرها حجم الكره الذي كانت تكنه أوروبا لليهود قبل الحرب العالمية الثانية، ويقال: إن وزير الخارجية آرثر جيمس بلفور وغيره من رؤساء الوزراء أمثال تشامبرلين ولويد جورج، كانوا يكنون الكره والعداء ليهود بريطانيا، ويعتبرون هذا الوجود مضراً بالمصالح البريطانية العليا.

ليست بريطانيا وحدها التي كانت تتخذ هذا الموقف في ذلك الوقت، بل حتى فرنسا وألمانيا لا تحبذ وجود هؤلاء وتوسع نفوذهم فوق التراب الأوروبي، ولعل هذا الأمر عجّل من إعلان بلفور إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين.

كل أوروبا من شرقها إلى غربها كانت تنظر إلى اليهود على أنهم جماعات عرقية لا ترغب في الاندماج بالمجتمع، وهي شديدة الحماسة للتواصل مع أجناسها في مجتمع مصغر ومُسوّر في إطار المجتمعات الأوروبية، وهذه الحياة المنغلقة، إلى جانب تنامي أدوارها على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، لم تلق القبول بين أوساط النخب الحاكمة في أوروبا الشرقية.

لقد عاش اليهود في أوروبا الغربية أوضاعاً متمايزة إلى حد كبير عن نظرائهم في أوروبا الشرقية، ففي حين بدا يهود أوروبا الغربية يتأوربون ويعملون في نشاطات اقتصادية مهمة تقدم لهمالحماية الممكنة على خلفية تحالفهم مع الطبقات النبيلة، عاش اليهود بشرق أوروبا حياةً صعبة وعملوا في نشاطات اقتصادية متدنية.

وكانت النتيجة أن هاجر عدد كبير من يهود شرق أوروبا إلى غربها، الأمر الذي استفز أولاً يهود أوروبا الغربية ومن ثم تلك الحكومات، ودفع هذا الأمر ببعض زعماء اليهود في أوروبا الغربية إلى البحث عن حلول لاستيعاب التمدد الديموغرافي اليهودي إليهم.

اللافت للنظر أن اليهود أنفسهم لم يتقبلوا بعضهم البعض في أرضٍ ليست أرضهم، إذ تصاعد الخوف من أن التمدد الديموغرافي اليهودي إلى أوروبا الغربية سيعني ضياع مصالح فئة من اليهود كانت تنظر إلى يهود أوروبا الشرقية على أنهم متخلفون عنهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.

وللتخلص من هذا العبء مع التخوف من عودة الكراهية لليهود في عموم أوروبا، فكّر بعض الزعماء من أمثال ليونيل روتشيلد وثيودور هرتزل بالبحث عن وطن قومي يجمع اليهود، في وقت شهد تحمساً أوروبياً للاستعمار الخارجي وسط أطماع لتوسيع حضورها في المشهد الدولي.

أوروبا كانت تنظر إلى اليهود آنذاك على أنهم عبء على مسيرة التطور الأوروبي اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وهذا دفع بشخص مثل بلفور للتفكير في توطين اليهود داخل فلسطين، والتخلص منهم ومن سياسة «التمسكن من أجل التمكن» التي كانت تحضر عدداً من زعماء يهود أوروبا الغربية.
وبشكل أو بآخر خدمت الحربان العالميتان الأولى والثانية الوجود اليهودي في أرض فلسطين، إذ شعر الأوروبيون والأميركان بأن عليهم حماية المشروع الصهيوني وإسناده، خصوصاً بعد ما تعرض له اليهود على يد الألمان في العهد الهتلري.

وإلى هذا اليوم، تحلب تل أبيب ألمانيا حلباً بسبب محرقة هتلر، فلم تتوقف التعويضات المالية من أجل التكفير الألماني عن هذا الفعل، وحيث استثمرت إسرائيل المحرقة الاستثمار الأمثل، ورفعت يافطة طويلة عريضة أمام العالم، بأنها تعيش حتى هذه اللحظات كابوس نتائج الحرب العالمية الثانية.

وبعيد الحرب العالمية الثانية، زادت القناعة الأوروبية بضرورة إعطاء اليهود وطناً ودولة يسكنوها في فلسطين، كنوع من التعويض عن سوء سلوكهم، وفي ذات الوقت استثمار وجود الدولة العبرية لضرب المشروعات الوطنية والقومية العربية التحررية.

ماي فرحة لأن بلادها أهدت اليهود وطناً قومياً يعيشون فيه على حساب الفلسطينيين أصحاب الأرض، وهي غير مستعدة للاعتذار عن وعد بلفور، وفي ذات الوقت تناقض نفسها حين تؤكد بأنها مع قيام دولة فلسطينية مستقلة تعيش إلى جانب إسرائيل.

مثل هذا السلوك يعكس موقف بريطانيا الثابت تجاه دعم إسرائيل، كما هو حال الولايات المتحدة التي تقف بـ»الباع والذراع» مع الدولة العبرية، إذ يشهد التاريخ أن الحكومة البريطانية ظلت تدعم تل أبيب كل الوقت، وانحازت لكل مشروعاتها التوسعية الاستيطانية.

ويشكل الدفاع البريطاني عن وعد بلفور حماية لإسرائيل وقبول ومباركة لكل ممارساتها العنصرية والاحتلالية في فلسطين، خاصةً وأن هذه الدولة حمت المشروع الصهيوني منذ ولادته، في حين كمّلت الولايات المتحدة الأميركية هذه المسيرة.

بالتأكيد تتحمل بريطانيا مسؤولية كبيرة عن الأذى والضرر البالغ الذي أصاب الفلسطينيين بسبب سياساتها، إذ نتيجةً للحماية الأميركية والبريطانية والغربية للمشروع الصهيوني، استأسدت إسرائيل أكثر من اللازم، وصادرت حقوق الفلسطينيين وداست على قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالموضوع الفلسطيني.

ثم إن لندن تتغزل بفكرة أنها الدولة التي أسهمت في ولادة إسرائيل، وأنها أول من حمى ورعى المشروع الصهيوني، غير أن اليهود اكتفوا ببريطانيا بعد انحسارها في الحرب العالمية الثانية، ونقلوا مركز قوتهم إلى حيث تركّز جهدهم بتأمين حضور قوي في قلب الولايات المتحدة الأميركية.

ولا تختلف لندن عن واشنطن في الدور المتعلق بحماية الدولة العبرية، فكلتاهما وجهان لعملة واحدة، إذ تنظران إلى الوجود الإسرائيلي على أنه ضروري لحماية مصالحهما، فالأصل أن تل أبيب تقوم بدور استعماري استعبادي يعبّر في المضمون والجوهر عن العقيدتين الأميركية والبريطانية.

ستحتفل ماي وشركاؤها بوعد بلفور المزعوم، دون أن تشعر بالذنب للكُلف التي ترتبت على تأسيس إسرائيل، هذه التي دفع ثمنها الفلسطينيون جميعاً، فحتى هذه اللحظة هم يدفعون ثمن هذا الوعد، والأولى أن تعيد بريطانيا التفكير في سياساتها وتُكفّر عن هذا الذنب.

على أن بريطانيا لن تفعل ذلك ولا يتوقع الفلسطينيون أن تقوم بذلك، فتيريزا ماي ليست الأم تيريزا، ويُعرف عنها حبها للدولة العبرية، إلى درجة أن متحدثاً باسمها انتقد وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري حين انتقد سياسة نتنياهو بسبب الاستيطان، واعتبرها «أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل».

ويبدو أن تصريح ماي حول الاحتفال بمئوية بلفور، إشارة ورسالة قوية بأنها مع إسرائيل بالحق والباطل، وهي رسالة للرئيس الأميركي ترامب الذي دعا الإسرائيليين إلى الصمود لحين دخوله البيت الأبيض. إن الطرفين «في الهوا سوا». من قال ماي مع حل الدولتين!! إنها مع «إخصاء» هذا الحل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماي البلفورية على طريق ترامب ماي البلفورية على طريق ترامب



GMT 09:19 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

الـــوعـــي أهــــم مـــن «كـــورونــــــــا»

GMT 05:59 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

كلنا مسؤول في عصر "كورونا"

GMT 07:08 2020 السبت ,23 أيار / مايو

أوروبا وسياسة الضم

GMT 07:08 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

أنقذوا سورية من «كورونا»

GMT 05:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

دلالات نقاط المراقبة التركية في سورية

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019

GMT 23:42 2020 الأحد ,28 حزيران / يونيو

طريقة عمل البطاطس بوصفة جديدة

GMT 09:33 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

8 وجهات مميزة لعشاق المغامرات

GMT 07:37 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك ما تحتاج معرفته قبل السفر إلى جزر المالديف

GMT 02:07 2019 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مصر تستورد 34 مليار متر مكعب مياهًا افتراضية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday