ذاكرة الشتات
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

ذاكرة الشتات

 فلسطين اليوم -

ذاكرة الشتات

بقلم :رجب أبو سرية

لعلها المصادفة وحدها التي جعلت من «المعركة الأخيرة»، التي يدور رحاها حول وداخل ما تبقى من مخيم اليرموك الفلسطيني، القريب من العاصمة السورية، دمشق، أن تحدث على بعد أيام فقط من حلول الذكرى السبعين لنكبة العام 1948، وإذا كان إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد ضاعف من مأساوية الذكرى، من حيث إن فصولها ما زالت قائمة بعد سبعين عاماً دون أن ينجح المجتمع الدولي في وضع حد لها، فإن تدمير ما تبقى من مخيم اليرموك يزيد من وقع المأساة ويعدد فصولها لتصبح متوالية لا تنتهي. 

المشكلة تزداد حين ندرك أن الموقف العقلاني بتحييد المخيم عن الحرب الداخلية في سورية، والتي اندلعت فصولها قبل سبع سنوات، لم يجد طريقه، ما أدى لتدمير معظم المخيم وتشريد الغالبية الساحقة من سكانه، إلى أقاصي الأرض، كذلك يجري الفصل الأخير في جعل المخيم أثراً بعد عين، والإخوة منشغلون بصراعهم حول كيفية إنهاء الانقسام الداخلي.

واليرموك ليس مخيماً عادياً أبداً، ولم يكن أكبر مخيمات سورية وحسب، بل كان يعد عاصمة الشتات، الذي احتضن قيادات الثورة الفلسطينية المعاصرة، وضم بين ترابه الكثير من شهدائها، كما أنه كان يعتبر بحق ذاكرة الشتات التي تجعل حلم العودة ماثلاً، طال الزمان أم قصر. 

في اليرموك كانت تحضر خارطة فلسطين بمدنها وقراها، وتتوزع أسماء المدن، من صفد إلى لوبية، ويتجمع الفلسطينيون محتفظين بذاكرتهم من أبناء الطيرة وصفد ولوبية، لتظهر معهم وفيهم كل سمات الشعب الفلسطيني، حيث لم تخل مناسبة إلا وكنت تشاهد الثوب الفلسطيني والعلم الفلسطيني والكوفية الفلسطينية، فيما المعارض والبوسترات تزين المحال والشوارع في كل مناسبة وطنية.
كان اليرموك مخيماً فلسطينياً حياً ونابضاً بامتياز، فلا يمر يوم إلا وتكون هناك فاعلية أو مناسبة ترى فيها فلسطين بكل ألقها وحضورها، لا تغيب لا عن بال ولا عن حاضر الأجيال الفلسطينية المتعاقبة. 
لذا، فإن يخرج اليوم، نحو نصف مليون فلسطيني من دول الجوار إلى المنافي البعيدة، فإن ذلك يجعل حتى من توقهم ومن فعلهم على طريق العودة أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً، وهذا ما كانت تحلم به إسرائيل، أي إبعاد اللاجئين عن حدودها، حتى لا يجيء يوم وتكون هناك مسيرة عودة، كما يحدث على حدودها مع قطاع غزة هذه الأيام. 

ثم أن يتم تدمير المخيم بالكامل أو مسحه عن وجه الأرض، فإن ذلك يجعل منه «وطناً داثراً» كما حدث مع قرانا الأربعمائة التي قامت إسرائيل بمسحها عن الوجود لإخفاء معالم جريمة اغتصاب فلسطين، وهذا يعني طي ذاكرة الشتات التي بقيت حافظة لحلم العودة.

يقيناً، إن أهل صفد ولوبية والطيرة وكل مدن وقرى شمال فلسطين الذي كانوا  قد لجؤوا إلى سورية وأقاموا في اليرموك «وطن العودة»، يحتفظون الآن في ذاكرتهم الحية بمعالم وشوارع المخيم، وكل ما حدث فيه من مناسبات على مدى أكثر من ستين عاماً، وإنهم لن ينسوها أبداً، لذا فلا بد من جمع تلك الذاكرة، للحفاظ على ذلك الجزء العزيز من الذاكرة الوطنية حياً، لأنه جزء مهم من تاريخ الشعب والثورة الفلسطينية. 

في مخيم اليرموك، نشأت عشرات الفرق المسرحية والعديد من الفرق الغنائية التي بثت الحماس في صدور الأجيال الشابة، وأقيمت عشرات المقار لفصائل الثورة، وتم إحياء آلاف المناسبات الوطنية، وفي مخيم اليرموك عرف جيل ما بعد نكبة العام 1948، أنه فلسطيني، وتعلم كيف يكون ويظل فلسطينياً، وفي مخيم اليرموك عرفت مئات الآلاف من الفلسطينيين، معنى الوحدة الوطنية، ومعنى التكافل الاجتماعي، وبين جنبات المخيم العظيم، ولد عشرات المبدعين الفلسطينيين من شعراء ومسرحيين وتشكيليين، وكانت مفردات المخيم حروف أغانيهم وإيقاع نبض قلوبهم.

لن تنسى الذاكرة الفلسطينية أبدا مخيم اليرموك، ومن أجل هذا لا بد من فعل مضاد لما يحدث حوله وفيه من دمار أخير، واليرموك لم يكن مثل بيروت على أي حال، ففي بيروت كان الوجود الفلسطيني عابراً واستثنائياً وضيفاً، أما في اليرموك فقد تم بعث فلسطين مجدداً بالسياسة والجغرافيا معاً، فقد كان مخيم اليرموك مجسماً لفلسطين على مقربة من دمشق، قلب العروبة النابض، وأقرب عواصم العرب إلى الوطن السليب.
في الذكرى السبعين للنكبة، وكرد على إعلان ترامب، لا بد من جعل المناسبة ورشة عمل، أو مؤتمراً لحق العودة واستمرار الحلم بها، لا بد من التفكير بإطلاق «متحف اليرموك»، للحفاظ على كل ما أنتجه التراث الحي لشعب رفض أن يموت وظل يحلم بالعودة، حتى لا نكرر ما حدث عام 1948، بالاحتفاظ بالذاكرة شفاهة وحسب.
هناك عشرات الأفلام التي صورت في مخيم اليرموك، وهناك عشرات المسرحيات التي أنتجت وعرضت في اليرموك، وآلاف الملصقات، وهناك القاعات التي شهدت جنباتها وقائع وأحداثاً وطنية غاية في الأهمية، وهناك شواهد قبور الشهداء، لا بد من توثيق كل هذا والاحتفاظ به، كجزء من التراث الوطني الفلسطيني، فالشعوب لا تندثر حين تنهزم عسكرياً وسياسياً، بل حين تتبدد ذاكرتها الثقافية، ولعل في بعث شعر المقاومة الفلسطينية في ستينيات القرن الماضي للهوية الفلسطينية، لنا درس ما زال ماثلاً للعيان، وفي الاحتفاظ بما أنتجه اليرموك من ثقافة وفن فلسطيني، ما يضيف للتراث الثقافي الفلسطيني الكثير، من البوستر إلى فرق: العاشقين، بيسان، زغاريد، والأرض. 

المصدر : جريدة الأيام

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذاكرة الشتات ذاكرة الشتات



GMT 08:38 2020 السبت ,01 آب / أغسطس

لم تعد الحياة إلى طبيعتها بعد

GMT 07:33 2020 الثلاثاء ,21 تموز / يوليو

إسـرائـيـل دون نـتـنـيـاهـو

GMT 06:25 2020 الجمعة ,17 تموز / يوليو

بـيـت الـعـنـكـبـوت

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

عن فجوة "كورونا" من زاوية أخرى !

GMT 12:53 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

عن حكومة «كورونا» الإسرائيلية

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019

GMT 23:42 2020 الأحد ,28 حزيران / يونيو

طريقة عمل البطاطس بوصفة جديدة

GMT 09:33 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

8 وجهات مميزة لعشاق المغامرات

GMT 07:37 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك ما تحتاج معرفته قبل السفر إلى جزر المالديف

GMT 02:07 2019 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مصر تستورد 34 مليار متر مكعب مياهًا افتراضية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday