لغة القوة لا تعني حرباً بالضرورة
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

لغة القوة لا تعني حرباً بالضرورة

 فلسطين اليوم -

لغة القوة لا تعني حرباً بالضرورة

بقلم : سليمان جودة

أفضل طريقة يُمكن للعالم أن يتعامل بها مع إسرائيل هي الطريقة التي أشار بها عبد الرحمن بدوي ذات يوم للتعامل مع العقاد. هناك فارق طبعاً بين العقاد كشخص في زمانه، وإسرائيل ككيان يشن حرباً لا تعرف الهوادة على المدنيين في غزة هذه الأيام، ولكن خيطاً رفيعاً يظل يصل بين الحالتين، ويظل يُنجز عملياً من دون سواه.

كان بدوي، أستاذ الفلسفة الشهير، حادّاً في حياته، وفيما يكتبه، وعندما أصدر سيرته الذاتية كان ذلك واضحاً في كل سطر فيها.

المذكرات صدرت في جزأين عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» في بيروت عام 2000، وفيها روى الكثير الذي يمكن أن يسعفنا في مواقف كثيرة، ولم يترك بدوي أحداً ممن عرفهم في الحياة إلا أعطاه نصيبه من الحدة التي عاش بها جزءاً من طبيعته، ويجوز أن نأخذ رأيه الذي أشار به تجاه العقاد، على أنه ميل إلى ما هو عملي أكثر مما هو أي شيء آخر.

كان الرجل قد انتمى في شبابه إلى حزب «مصر الفتاة» في مرحلة ما قبل ثورة 1952، وقد جاء يوم هاجم فيه العقاد الحزب هجوماً لم يعرف قادته كيف يردون عليه، وعقدوا اجتماعاً للنظر في الطريقة الأفضل للرد على العقاد، وكان بدوي من بين الذين حضروا، ومن بين الذين كان عليهم أن يشيروا بالرأي في الموضوع. كان رأي بدوي أن الحزب إذا ردّ على العقاد بالكلام، فسوف يرد بما هو أقوى وأشد، وأنهم لن يستطيعوا مجاراته في الأخذ والرد، لأن هذه هي شغلته، ولأنه بارع فيها، ولأن قلمه أقوى من أن يتمكن القائمون على «مصر الفتاة» من الوقوف في طريقه!

فما العمل؟ قال أستاذ الفلسفة، وكان لا يزال يدرسها في ذلك الوقت، إن الحل هو أن يتربص عدد من أقوياء الحزب بالعقاد وهو عائد إلى بيته ليلاً، وأن يتعاملوا معه بأيديهم، وأن يُفهموه أنه إذا عاد للهجوم على الحزب فسوف يعودون هُم إليه من جديد!

يقول بدوي في سيرته إن هذا قد حدث بالفعل، وإن العقاد لم يعد إلى الهجوم على «مصر الفتاة» مرةً ثانية بعدها، وإن هذا كان هو الحل العملي، لا النظري، الذي لا يملك إلا الكلام، والذي لا يُجدي في الكثير من الحالات مهما كانت قوته، ومهما كان بأسه. هذه واقعة لم يذكرها أحد عن العقاد في أي كتاب، ولكن الذي أشار إليها يذكرها في سيرته ويوثقها باليوم والتاريخ والشهود، ولا يمنع هذا من أن يستغرب المرء جداً أن يشير بدوي إلى هذا أو حتى يُقر به، ولكنه يروي القصة بتفاصيلها في سيرته ذات الجزأين!

وبالقياس، فإن ما يهمنا في الموضوع أن الطريقة العملية هي الطريقة التي تفهمها حكومة التطرف في تل أبيب، وهي تشن حربها المتواصلة على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة كلها، لا في قطاع غزة وحده، وإذا لم تمنعها هذه الطريقة من عدوانها، فلا أقل من أن تجعلها تفكر قبل أن تشن عدواناً جديداً، أو تجعلها تخفف من حدة القتل اليومي الذي تمارسه في حق المدنيين هناك.

وحتى لا يكون الكلام نظريّاً، فإن أمامنا أمثلة ثلاثة جرت خلال أيام قليلة ماضية، وكلها كانت تحمل مواقف عملية في التعامل مع حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، وكانت تأمل في أن يكون ذلك كافياً لأن يردعها عن العدوان، وأن يقنعها بأن الحرب ليست هي الحل، ولن تكون.

أمامنا مثال الحكومة الإسبانية التي قررت إلغاء صفقة من الذخيرة، كانت وزارة الداخلية في مدريد قد تعاقدت على استيرادها من شركة إسرائيلية تنتجها، ورغم أن مواقف الحكومة في إسبانيا ضد الحرب على غزة مواقف قوية بما يكفي، فإن إلغاء توريد صفقة الذخيرة من إسرائيل كان إجراءً مختلفاً، وكان وجه اختلافه أنه موقف عملي لا يتكلم، ولكنه يفعل.

وأمامنا مثال آخر قامت به تركيا عندما منعت طائرة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ من المرور في مجالها الجوي، وصولاً إلى أذربيجان، وكانت النتيجة أن رحلة هرتسوغ أُلغيت، ولم يذهب إلى مؤتمر المناخ في العاصمة الأذرية باكو، الذي كان يخطط لأن يحضره.

والمثال الثالث في تركيا أيضاً، لأنها عادت ومنعت طائرة نتنياهو من المرور للذهاب إلى أذربيجان نفسها، وقد جرى إلغاء رحلته أو تأجيلها، بعد أن كان من المقرر لها أن تتم نهاية هذا الأسبوع. صحيح أنهم في الدولة العبرية قالوا إن الإلغاء أو التأجيل في الرحلتين كان لأسباب أمنية، ولكن الصحيح أيضاً أن منع المرور في المجال الجوي التركي كان واحداً من الأسباب.

إنها أمثلة ثلاثة قريبة منا زمنياً، وهي تختلف عن كل كلام قيل أو سوف يقال في مقام رفض الحرب أو المطالبة بوقفها، وهذا بالتأكيد لا يقلل من شأن المواقف السياسية المعلنة من جانب دول المنطقة ضد الحرب، ولكن حكومة مثل حكومة نتنياهو لا يُجدي معها كلام الدنيا كلها، ولو كان بأقوى لغة أو بأشد لهجة، وإنما يجدي معها أن يتم إلغاء صفقة لشركة إسرائيلية، أو أن يشعر رئيسها ورئيس حكومتها بأنهما ممنوعان من المرور في سماء المنطقة.

هذه حكومة لا تفهم غير لغة البأس، والبأس ليس من الضروري أن يكون حرباً معلنة، ولكنه يمكن أن يكون من نوع الأمثلة الثلاثة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لغة القوة لا تعني حرباً بالضرورة لغة القوة لا تعني حرباً بالضرورة



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday