حظ المفاوض يأخذ من بأس المقاتل
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

حظ المفاوض يأخذ من بأس المقاتل

 فلسطين اليوم -

حظ المفاوض يأخذ من بأس المقاتل

بقلم : سليمان جودة

كانت الحياة السياسية المصرية قد عرفت شعاراً مثيراً للجدل في النصف الأول من القرن العشرين، وكان الشعار من خمس كلمات تقول: «لا مفاوضات إلا بعد الجلاء». وكان القصد من جانب الأحزاب السياسية التي رفعت الشعار -وعلى رأسها «الحزب الوطني» القديم- أنه لا مفاوضات مع الإنجليز إلا بعد الجلاء عن البلاد.

والذين طالعوا تاريخ تلك الفترة يذكرون أن الشعار كان محل سخرية بين قوى سياسية مختلفة وقتها، وكان السبب في نظر القوى السياسية الساخرة أنه شعار يناقض نفسه بنفسه؛ لأن الجلاء إذا تم فلا مجال للتفاوض، أو بمعنى أدق: لن يكون هناك ما يمكن التفاوض عليه.

ولم يكن الاعتراض على الشعار يخلو من منطق؛ لأن النضال السياسي ضد الإنجليز كان من أجل أن يخرجوا في الأساس. فإذا خرجوا، فما هو الشيء الذي يمكن أن يكون موضع تفاوض معهم، إذا كانوا قد غادروا وانتهى الأمر؟

شيء من هذا المعنى تجده في جلسات التفاوض الخمس التي جرت بين الأميركيين والإيرانيين في العاصمة الإيطالية روما مرة، وفي العاصمة العُمانية مسقط مرات. كان الطرفان على موعد مع جلسة سادسة في مسقط يوم 15 من الشهر الحالي، لولا أن الهجوم الإسرائيلي على إيران سبقها بيومين، فأُلغيت وكان لا بد من أن تُلغى.

الغريب أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قالت بعد انطلاق الهجوم الإسرائيلي، إن الجلسة السادسة لا تزال في موعدها ومكانها، وكان هذا نوعاً من المثالية السياسية التي لا يمكن أن يكون لها مكان بينما صوت رصاص الهجمات يعلو على ما سواه. وعندما خرج بدر البوسعيدي، وزير الخارجية العماني، يعلن إلغاء الجلسة، فإن ما أعلنه كان هو الشيء الطبيعي.

وحين سألوا الإيرانيين عما إذا كانت هناك فرصة لانعقاد تلك الجلسة الموءودة، فإنهم ردوا وقالوا إنها صارت بلا معنى في ظل الهجوم الحاصل، وكان هذا أيضاً مما يُعبِّر عن واقع حال لا يمكن أن يتسع لطاولة تمتد بين الفريقين، بينما قعقعة السلاح تصل أصداؤها إلى آذان المتحلقين حول الطاولة. هذا بالطبع لو كان الإيرانيون قد قبلوا بالجلوس في جلسة أطاح بها الإسرائيليون منذ اللحظة الأولى للهجوم.

ولا بد من أن الذين تابعوا الجلسات الخمس قد لاحظوا أن إيران استدعت معنى الشعار المصري، واتخذته لافتة راحت ترفعها كلما أقدمت على جلسة حاضرة، أو كانت ذاهبة إلى جلسة مقبلة، ففي الحالتين كان عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، يقول إن بلاده لن تفاوض حول التخصيب، وإن تخصيب اليورانيوم موضوع خارج التفاوض.

وكان المتابعون يراقبون من بعيد ما يجري بين الطرفين، بينما الحيرة ومعها الدهشة لسان حال كل متابع. وكان السبب كالتالي: إذا كان هذا هو ما يذهب به الإيرانيون إلى كل جلسة، فما هو بالضبط الشيء الذي يجلس الطرفان ليتفاوضا حوله، أو ليتفقا على استئناف الحديث فيه إذا ذهبا إلى جلسة مقبلة؟ لم يكن المفاوض الإيراني يتحدث عن وجود فجوة مثلاً في التفاوض على هذا الملف بالذات، ولو تكلم عن فجوة لكان من الممكن تضييقها، ولكنه كان يستبعد الملف أصلاً، وكأنه كان يطرح أي موضوع للتفاوض إلا هذا الموضوع!

فهل كان من الوارد أن يتواصل التفاوض إلى جلسة سادسة أو حتى عاشرة، إذا كان الطرف الإيراني يحضر وهو يرفع شعاراً يشبه ذلك الشعار المصري القديم؟

لقد بدا للذين تابعوا التفاصيل أن الفريقين يتكلمان لغتين مختلفتين، وأن كل فريق منهما لا يفهم لغة الطرف الآخر، وأن المضي إلى عقد جلسات أخرى هو نوع من استهلاك الوقت، وأن الجلسات إما أن تحدد موضوعها وتتفق عليه وإما أن تتوقف. وهذا ما جرى تماماً، لولا أن توقفها لم يكن من أجل الاتفاق على الموضوع، وإنما كان لأن الطرف الإسرائيلي الذي كان حاضراً بشكل غير مباشر من خلال الأميركيين، قد رأى أن إيران لا تفعل شيئاً في كل جلسة جديدة، سوى أنها تشتري الوقت.

وحين جرى طرح العودة للتفاوض بعد انطلاق الهجوم الإسرائيلي، ثم الهجوم الإيراني المضاد، فإن طهران لم تمانع من حيث المبدأ، ولكنها أضافت أنها لا ترى ذلك ممكناً في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية. والمعنى أن الجلسة السادسة ستنعقد إذا توقفت الهجمات، ولكن السؤال لم يعد حول انعقادها أو عدمه، وإنما حول العقيدة النووية الإيرانية التي ستكون حاضرة وقتها على الطاولة. هل هي نفسها العقيدة القديمة قبل وقوع الهجوم؟ أم أن تكتيكاً من نوع ما قد طرأ على الموقف الإيراني الذي ساد طوال الجلسات الخمس ولم يتزحزح بوصة واحدة؟

هذا ما سوف يتبين إذا وضعت الحرب أوزارها، واتسع المجال للعودة إلى الطاولة، وعندئذٍ ستكون المساحة المتاحة أمام المفاوض الإيراني، على قدر ما أنجز المقاتل الإيراني في الميدان، فهكذا جرى أمر القتال والتفاوض على التوالي في كل زمان ومكان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حظ المفاوض يأخذ من بأس المقاتل حظ المفاوض يأخذ من بأس المقاتل



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 04:42 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 11:38 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

سامسونج تنافس أبل في خدمات الدفع الإلكتروني

GMT 07:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 05:21 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّض اللاجئين "الروهينغا" للإجبار على تجارة "البغاء"

GMT 23:34 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

فوائد الرمان الصحية وكيفية دمجه في نظامك الغذائي

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان بكين السينمائي يرحب بقادة صناع الترفيه الأميركية

GMT 23:29 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة كريستينا ... وحرب «العم» بلفور
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday