قطرة واحدة للتَّعرف على مذاق البحر
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

قطرة واحدة للتَّعرف على مذاق البحر

 فلسطين اليوم -

قطرة واحدة للتَّعرف على مذاق البحر

بقلم : سليمان جودة

لا يحتاج المرء إلى أن يشرب ماء البحر كله ليتعرف على مذاق الماء بين شاطئيه، وإنما تكفيه قطرة واحدة لتؤدي الغرض وتقوم بالمهمة.

وهذا ما سوف تتبينه وأنت تتابع ما يصدر من إشارات عن الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب منذ أن أدى اليمين الدستورية، فالإشارات التي يحملها كلامه ليست كثيرة وفقط، ولكنها بالقدر نفسه مُربكة لأنها تحمل الشيء وعكسه.

وإذا أخذنا الأمر بمنطق القطرة الواحدة من ماء البحر، فسوف يكون حديث السفير الأميركي مايك هاكابي هو هذه القطرة، وسوف تكون البقية في كلام ترمب هي ماء البحر كله، وسوف تجد تناقضاً ظاهراً بين ما يخرج عن السفير هاكابي من كلام، وما ينخرط فيه الرئيس الجديد من أوامر يضع عليها توقيعه، أو تصريحات يُطلقها وهو لا يبالي.

إن هاكابي هو مرشح الإدارة الجديدة سفيراً في تل أبيب، ومن كلامه الذي نقلته عنه هيئة البث الإسرائيلية فلن يختلف في شيء عن ديڤيد فريدمان، الذي شغل المنصب نفسه ولكن في إدارة ترمب الأولى، فكلاهما متطرف في آرائه إلى أبعد حد، وكلاهما متشدد في انحيازه إلى الإسرائيليين كأشد ما يكون الانحياز، والذين يذكرون ما كان فريدمان يقوله في الفترة من 2016 إلى 2020، لن يجدوا اختلافاً بينه وبين ما سوف يجدونه على لسان هاكابي من هنا إلى سنوات أربع مقبلة.

السفير الجديد لا يجد أي حرج في أن يقول إنه ضد حل الدولتين بشكل قطعي، وهو يقول إن رأي الرئيس ترمب لا يختلف عن رأيه، وإن حكاية حل الدولتين حكاية غير واقعية، وإن الفلسطينيين لا يؤمنون بحق الدولة العبرية في الوجود، وإن غزة كانت بمثابة دولة فلسطينية فكانت النتيجة ما حصل ولا يزال.

حسناً. إذا كان حل الدولتين ليس واقعياً فما هو الحل؟ فالذين ينكرون حل الدولتين أو يجدونه غير واقعي مدعوون إلى طرح البديل، لأن هاكابي ليس وحده فيما يراه، ولأن هناك آخرين يقولون ما يقوله، وليس سراً أن إنكار حل الدولتين أو الهروب منه كان هو المقدمة الطبيعية لـ«طوفان الأقصى» الشهير، لأنك لا يمكن أن تنكره ثم تتوقع أن يقبل الفلسطينيون بما تقول.

الرئيس الجديد يقول إنه سينهي الحروب في كل مكان، ولا يكاد ينتهي من قول ذلك حتى يكون قد سارع إلى القول بأنه ليس واثقاً من قدرة الهدنة التي وقّعها الطرفان المتحاربان في غزة على الصمود، وهذا الكلام من جانبه ليس سوى دعوة غير مباشرة إلى الإسرائيليين ليستأنفوا ما بدأوه في مرحلة ما بعد «طوفان الأقصى»!

وهو حين يرسل سفيراً إلى تل أبيب هذه هي أفكاره المعلنة في القضية، فلا معنى لذلك إلا أنه في بدء فترته الثانية في مكتبه البيضاوي يقول الشيء وعكسه، أو يقول إنه سيوقف الحروب في كل مكان، ولا ينتبه إلى أنه ينفخ في نار حرب غزة من طرف خفي، سواء بحديثه عن عدم ثقته في صمود الهدنة، أو بأفكار سفيره المعلنة على الناس.

ثم إن الحرب ليس من الضروري أن تكون بالدبابات والمدافع والصواريخ، وإنما يجوز أن تكون بإثارة المشكلات والحساسيات في كل الأنحاء. يمكنها أن تكون كذلك إذا صار التوتر عنواناً للعلاقة بين الولايات المتحدة وأوروبا على شاطئي الأطلنطي، ويمكنها أن تكون كذلك إذا أصبح الغضب هو السمة الأولى في سمات العلاقة بين الولايات المتحدة وبنما، ويمكنها أن تكون كذلك إذا أمسى السخط سيداً للموقف في النظرة التي يتطلع بها أهل جزيرة غرينلاند إلى بلاد العم سام، أو حتى تتطلع بها الدنمارك التي تتبعها الجزيرة.

لقد بدا ترمب وهو يتكلم عن رغبته في ضم الجزيرة إلى بلاده، كمن ذهب يخطب فتاة وهو يعرف أنها في الأصل متزوجة وأن زوجها حي يُرزق!

وليست آراء السفير هاكابي، ولا حديث ترمب عن عدم ثقته في صمود الهدنة، ولا كلامه عن غرينلاند، ولا أطماعه في قناة بنما، ولا حتى رغبته في أن تكون كندا ولاية مضافة إلى الولايات الخمسين الأميركية، ولا مزاجه السياسي المنحرف تجاه القارة الأوروبية، ليس هذا كله على بعضه إلا قطرة تدل على مذاق البحر.

والغالب أن العالم الذي أطل عليه ترمب للمرة الثانية هو عالم سيئ الحظ، لأنه سيكون عليه أن يوطن نفسه على أن يكون هذا هو الماء الذي يشربه لسنوات أربع. قد يكون ماءً مُراً، وقد يتأفف الشارب وهو يتناوله، وقد يتجرعه وهو لا يكاد يسيغه، ولكن مشكلته أنه لن يقع على ماء بديل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قطرة واحدة للتَّعرف على مذاق البحر قطرة واحدة للتَّعرف على مذاق البحر



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday