الخطاب الدينى  والوقت الضائع
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

الخطاب الدينى .. والوقت الضائع

 فلسطين اليوم -

الخطاب الدينى  والوقت الضائع

بقلم : فاروق جويدة

أكثر من ثلاث سنوات مضت منذ طرح الرئيس عبد الفتاح السيسى قضية إصلاح الخطاب الدينى كان الهدف ان نصل الى صيغة بيننا من خلال الحوار وتبادل الرؤى عن الوسائل التى يمكن من خلالها ان نصل الى خطاب دينى وسطى متوازن يحفظ الثوابت ولا يفتح ابوابا للشطط ومغامرات الفكر والاستخفاف بعقائد الآخرين .. كان الهدف ان نفهم ديننا بوعى وإيمان وتجرد لأن أعظم ما فى الإسلام سماحته .. كان الهدف من الدعوة الا يتحول الدين الى سيف مسلط على رقاب الخلق، وان تكون الرحمة هى طريقنا الى الله .. منذ تسللت السياسة الى ساحة الأديان افسدنا الاثنين معا وتحول الصراع الى دماء وإرهاب وقتل كانت هذه هى الجوانب التى قامت عليها الدعوة لتقديم خطاب دينى رشيد ومستنير وعاقل وان تبقى للدين قدسيته وتبقى للسياسة اساليبها التى لا نختلف عليها كثيرا لأنها واضحة فى كل شئ ..

مرت ثلاث سنوات ومازالت حلقات الصراع بين القوى السياسية والثقافية والدينية ومازالت الاتهامات ومحاولة التصفيات وإلقاء التهم وكل فريق يبحث عن طريقة للتخلص من الآخرين .. كان غريبا ان يحدث ذلك رغم ان القضية لا تحتمل كل هذا الجدل إذا لجأنا الى مصادرها الحقيقية من العلماء الأجلاء والمثقفين الأنقياء وكل صاحب فكر يدرك غاية الأديان وسعيها الدائم لإسعاد البشر ..

فى الفترة الماضية لابد ان نعترف ان الساحة شهدت الكثير من التناقض والرفض بل والاتهامات فى صفوف القوى الدينية والثقافية والفكرية وكان للأمن نصيب فى ذلك كله حين حدثت تجاوزات وصلت الى اعمال إرهابية.

< كان الخطأ الأول ان الجميع القى المسئولية على الأزهر الشريف كمؤسسة دينية وفكرية رأى البعض انها شجعت التطرف وتخرج منها الالاف الذين يؤمنون بالعنف حتى وصل الاتهام الى الإرهاب .. كان من الصعب ان تلقى المسئولية كاملة على الأزهر لأن نظام التعليم فى مصر تجاهل تماما لسنوات طويلة قضايا الوعى والاستنارة والحوار مع الآخر والمعنى الحقيقى للمواطنة .. لم يكن من العدل ان يتحمل الأزهر ما اصاب العقل المصرى من تشوهات الفكر والسلوك لأن الأمر لم يكن قاصرا على جماعات دينية استخدمت الدين وسيلة للعبث السياسى ولكن غياب العمل السياسى فى انشطته المشروعة فتح ابوابا امام تيارات وجماعات غامضة وقد شجع الواقع السياسى هذه الجماعات، ومنحها فرصا فريدة فى المشاركة السياسية على طريقتها واساليبها.

< لم تكن الأزمة فى اساليب التعليم فى الأزهر والجامعات فقط ولكن الواقع الثقافى المصرى وقد حمل امراضا كثيرة كان شريكا اساسيا فى تشويه العقل المصرى .. ان الثقافة المصرية فى سنوات التجريف فتحت ابوابا واسعة لأصحاب المصالح من المثقفين بل انها احتكرت فى اوقات كثيرة الثقافة المصرية وفرضت عليها نوعا من الوصاية لقد شهدت مصر طوال السنوات الماضية نوعا من الإنقسامات التى فرضتها المواقف السياسية، وتلاعبت الحكومات المتعاقبة بالصراع بين القوى الثقافية، سواء كانت دينية ام مدنية فكانت من حظ اليسار حينا ثم من حظ التيارات الدينية فى حين آخر وبقيت هذه اللعبة هى التى تحرك الواقع الثقافى المصرى وتفرض عليه شروطها ..

حين بدأ الحديث عن إصلاح الخطاب الدينى انفجرت هذه الصراعات، سواء كانت علنية او سرية لكن الشئ المؤكد ان كل فريق كان رافضا للآخر بحكم عداوات وخلافات وصراعات قديمة .. كانت قواعد اللعبة فى الساحة الثقافية والفكرية وحتى الدينية انت لست معى فأنت ضدى.. وكان هذا المنطلق الخاطئ سببا فى شيوع اجواء من الرفض والكراهية بين ابناء النخبة المصرية ايا كانت نوعية الفكر الذى تدين به.. كان الحديث عن الخطاب الدينى فرصة لكشف كل هذه الأمراض وبدأ الصراع بتشويه صورة الأزهر تاريخا ودورا ورموزا، ثم كانت المطالبة بتغيير كل ثوابت هذه المؤسسة من خلال مشروعات قوانين امام البرلمان او حملات إعلامية ضارية فى هجومها على الإمام الأكبر د. احمد الطيب شيخ الجامع الأزهر .

ضاع الهدف من قضية هامة وخطيرة امام صراعات قديمة جددت اساليبها وكل فريق يرى انها فرصة للحصول على مكاسب اكبر .

< ربما كانت قضية الخطاب الدينى هى اهم القضايا الثقافية والفكرية والأمنية التى طرحها الرئيس السيسى على مؤسسات الدولة عندما تولى السلطة وهناك اسباب كثيرة وضعت هذه القضية فى اولويات سلطة القرار اهمها انها تمثل الجانب الأخطر فى قضية الإرهاب وما دفعته مصر من ثمن امام هذه الكارثة .. على جانب آخر فإن بناء الدولة الحديثة يتطلب ان يكون الشعب اكثر وعيا وادراكا لمسئوليات العصر .. وقبل هذا كله فإن الدين احد العناصر الأساسية فى مكونات الشعب المصرى، ولكن الأزمة الحقيقية اننا نطرح قضية على درجة كبيرة من الخطورة والحساسية امام مجتمع فيه ما يقرب من 30% لا يقرأون ولا يكتبون ولهذا تحولت الى صراع بين قوى متنافرة على شاشات التليفزيون ولم تتجاوز هذا المدى .. لو سألت الآن مواطنا فى الصعيد او الدلتا ماذا تعرف عن قضية تجديد الخطاب الدينى فلن تجد الإجابة رغم ان هذا الشخص الذى تسأله هو صاحب المشكلة الأساسية فى وعيه وفكره واسلوب حياته .

< هناك قضية شائكة لا اريد ان اخوض فى الحديث عنها وهى هذا العداء المستتر بين بعض مثقفينا والأزهر الشريف وهذا العداء يأخذ اشكالا كثيرة فى الإساءة لهذه المؤسسة العريقة بل انه يتجاوز احيانا فى خصومته ليأخذ اشكالا اخطر تتعلق بقدسية الدين وثوابته.. وفى تقديرى ان هذه القضية كانت من اهم الأسباب التى تركت أثرا على لغة الحوار حول الخطاب الدينى .. احيانا كنت اشعر ان النفوس ينقصها شئ من النقاء والسماحة، خاصة اننا جميعا نسعى الى تقديم اجمل صورة لديننا بأن نخلصه من كل ما علق به من التجاوزات سواء بسبب السياسة او لأسباب اخرى تراكمت مع الأيام .

< من اهم الأخطاء التى شهدتها السنوات الثلاث الماضية فى قضية الخطاب الدينى ان الحوار تحول الى معارك على شاشات الفضائيات من يستطيع ان يهزم الآخر بالضربة القاضية واكتشفنا فى النهاية اننا جميعا خاسرون .. وقد ساعد على حالة الارتباك والفوضى دخول اطراف لا علاقة لها بقضايا الأديان وثوابتها ومرجعياتها ووجدنا وجوها غريبة تكتب فى امور تحتاج الى التخصص والمعرفة ولكن القضية امام إعلام الفوضى فتحت الأبواب لكل من هب ودب وتسللت اسماء غريبة تلقى الحجارة هنا او هناك ..

كان ينبغى ان يقتصر الحوار على اهل الاختصاص من العلماء واصحاب الفكر والرؤى اما هؤلاء الدخلاء الأدعياء فقد شوهوا الصورة كلها ووجدنا القضية تضيع فى سراديب ومتاهات حوارات ومعارك كانت سببا فى سجن البعض واختفاء البعض الآخر فى ظروف غامضة .. كانت القضية تحتاج ان تناقش كل جوانبها بكل الحساسية فيها فى غرف مغلقة قبل ان تتحول فى الإعلام الى بذاءات واتهامات وشتائم .

< لقد بدأت القضية بصورة فيها الكثير من التجاوز ضد ثوابت دينية يجب ان تحترم حتى لو اختلفنا حولها .. ولكن العامة من المواطنين تصوروا انها تمثل هجمة على عقيدتهم بكل مقدساتها وثوابتها، وربما اتضح ذلك فى ريف مصر الذى يمثل الدين فيه ركنا اساسيا من اركان ومكونات الشخصية المصرية .

< رغم ان القضية كانت تحتاج الى فكر اوسع وحوار ارفع إلا ان ما حدث فى السنوات الثلاث الماضية لم يحقق النتائج المطلوبة .. ومازال السؤال الحائر كيف نعالج جوانب القصور التى أحاطت بكل الجهود التى دارت حول هذه القضية .. هل نعود بها مرة اخرى الى جهات الاختصاص هل يمكن ان نكون اكثر حيادا وتجردا وموضوعية ونحن نناقش القضية .. والسؤال الأهم متى نبدأ فى تشكيل واقع ثقافى وتعليمى وفكرى يفتح امامنا آفاقا اوسع لتشكيل اجيال اكثر سماحة وترفعا وحبا لدينها.. هل بدأ تطوير المناهج والتخلص مما علق بها من الشوائب هل بدأ الأزهر رحلته مع بناء فكر إسلامى اكثر تحررا واستنارة هل شارك المثقفون المصريون فى وضع استراتيجية جديدة لبناء العقل المصرى؟! باختصار شديد علينا ان نراجع ما حدث فى السنوات الماضية منذ طرح الرئيس عبد الفتاح السيسى قضية الخطاب الدينى للحوار .. يبدو ان القضية لم تحرك السفينة، وان الأمواج العالية حالت دون ان تكمل السفينة رحلتها فى حوار عاقل وفكر واع ومجتمع اكثر تقدما واستنارة .

ان القضية لم تعد فى حاجة الى المزيد من التأجيل وإضاعة الوقت فى حوارات غير مجدية او معارك كلامية خاصة ان كل الشواهد تؤكد ان المعركة ضد الإرهاب سوف تستغرق الكثير من الجهد والوقت، لأن جذور القضية فى فكرها وأمراضها قد رفعت لواء الدين والدين برىء من كل هذا العبث .. إن قضية تجديد الفكر الدينى تحتاج الى تكاتف كل الجهود من كل مؤسسات الدولة الرسمية والشعبية ويكفى الذى ضاع فى معارك وهمية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخطاب الدينى  والوقت الضائع الخطاب الدينى  والوقت الضائع



GMT 03:09 2019 الأحد ,21 إبريل / نيسان

مزادات مضروبة

GMT 09:15 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

ما هى أسباب العنف فى الشارع المصرى؟

GMT 05:02 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

مظاهرة حضارية فى شرم الشيخ

GMT 04:12 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

حتى يضىء عقل مصر

GMT 04:50 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

الصناعة هى المستقبل

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 07:29 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء ممتازة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 01:28 2025 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

حظك اليوم برج السرطان الإثنين 02 يونيو / حزيران 2025

GMT 15:53 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان يسعى إلى تدعيم صفوفه بلاعبين جدد

GMT 09:59 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس مرسيدس يؤكد أن فرستابن يحتاج لتعلم الكثير

GMT 08:53 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

قوات الاحتلال تطارد فلسطينيًا في العيسوية

GMT 11:02 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة تعلن 4 حالات وفاة و516 إصابة جديدة بكورونا و613 حالة تعافٍ

GMT 22:47 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أفكار مبتكرة لتنسيق شرفة منزلك

GMT 15:29 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاثيوبي أباتي يتوج بلقب ماراثون هامبورج

GMT 14:59 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

باخ يدعو تايجر وود للمشاركة بأولمبياد طوكيو 2020

GMT 20:55 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

لاعب منتخب كرة السرعة يتمنى أن تصبح اللعبة أولمبية

GMT 17:43 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الترجي يأمل مواجهة الصفاقسي بنهائي البطولة العربية للطائرة

GMT 05:38 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا توضّح حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 03:44 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

طرق بسيطة لتنظيم المطبخ تُساعد على خسارة الوزن

GMT 11:22 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

قسوة الرسائل الأخيرة

GMT 03:10 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين الرماحي توضّح أنها وصلت إلى مرحلة النضوج
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday