بقلم : فاروق جويدة
سافر من أجل الزوجة والأبناء لكى يواجه ظروف الحياة.. لم يكن سعيدًا فى غربته، ولكنه كان يتحمل، وكان لديه أمل فى العودة وتوفير حياة أفضل لأسرته.. كان يعود إلى أحضان الوطن كل عام، يرى الأبناء، ويضع مدخراته فى حساب مشترك مع زوجته فى أحد البنوك.. كان يثق كثيرًا فى زوجته، واشتَرَى شقة جديدة، ولم يتردد فى أن يكتبها باسمها، وشاهد كيف غيرت عفش البيت الجديد.. كان يلاحظ فى أوقات زيارته أنها تبالغ فى استضافة الأهل والأصدقاء، بل إنها تقضى أوقاتًا طويلة مع أصدقاء النادي.. لم يشك فى تصرفاتها، ولكنه كان يلاحظ أنها تسحب من البنك مبالغ كثيرة.. انتهت مدة الإعارة وعاد إلى بلده، وخلال فترة قصيرة بدأ يشعر بأنها لا تهتم به كثيرًا، وحاول أن يقنع نفسه أن سنوات الغربة تركت شيئًا من الفتور.. وكان الشيء الأغرب أن الأولاد تغيروا وابتعدوا عنه كثيرًا.. وذات يوم طلبت منه الطلاق، وكان الطلب غريبًا عليه، خاصة أنها أكدت له أنها سوف ترفع قضية خُلع.. لم تتحدث معه كثيرًا، وفى اليوم التالى ذهب إلى البنك واكتشف أنها سحبت كل رصيده.. عاد إلى البيت ثائرًا، سألها: كيف خنتِ الأمانة؟ وبأيّ حق سحبتِ أموالي؟
لم ترد عليه، وأخذت الأولاد وذهبت إلى بيت أمها، وجاء شقيقها ومعه عدد من الأصدقاء، واقتحموا الشقة وطلبوا منه أن يبحث عن مكان آخر.. لم يمضِ وقت طويل حتى وصلته قسيمة الخلع دون أن يعرف الأسباب..
طلب من شقيقها أن ترد بعض أمواله، فقال إنها تستعد لحياة جديدة مع زوج جديد.
سألنى: هل أخطأت؟
قلت : أنت لم تُخطئ فقط، ولكنك ارتكبت جريمة فى حق نفسك وحق أولادك.
قال: وماذا أفعل؟
قلت: عد من حيث أتيت، وجدِّد الإعارة، وما ضاع منك لا يستحق البكاء عليه..
بعد أيام اتصل بي، وكان صوته حزينًا وواهيًا.
كنت أجلس بجواره فى المستشفي، وكانت دموعه تسبق الكلمات.. لم يسأل أحد من الأبناء عني.