«بشائر» عصر ترمب
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

«بشائر» عصر ترمب

 فلسطين اليوم -

«بشائر» عصر ترمب

بقلم : عمرو الشوبكي

ما جرى في البيت الأبيض بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي لم يكن مجرد مشادة بين رئيسين أو إهانة رئيس أكبر دولة في العالم لرئيس دولة أخرى، إنما كان كاشفاً عن نمط جديد من إدارة العلاقات الدولية يقوده ترمب.

والحقيقة، أن ما حدث في البيت الأبيض لم يكن مجرد تحول في الشكل إنما كان تحولاً في المضمون؛ لأن الصدام حصل مع دولة يفترض أنها حليفة لأميركا، وأن الكلام القاسي وُجّه لرئيسها في حين أن الإطراء أو على الأقل الكلام المحايد نالته روسيا التي يفترض أنها خصم أو منافس.

إن منظومة ترمب باتت تسعى لتأسيس علاقاتها الدولية وتحالفاتها على أساس الصفقات التجارية وليس المصالح المتبادلة سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً، وبالتالي لم يعد يرى أن هناك قيماً مشتركة تجمع أميركا وأوروبا قائمة على الليبرالية وحرية التجارة ودولة القانون، إنما أن أميركا تدفع لحلف «الناتو» أموالاً كثيرة لحماية أوروبا، وهو ما يجب تعديله. وهنا يسقط ترمب أحد الأسس التي يقوم عليها التحالف الغربي وهو «تحالف النماذج» الذي روج منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية لمنظومة قيم متشابهة وتحالفات مستقرة وانحيازات في السياسة وشراكات اقتصادية عابرة للحدود.

إن تمزق نظام ما بعد عام 1945 حدث على أكثر من مستوى، فقد شهدنا ضعف مؤسسات الشرعية الدولية في التعامل مع الانتهاكات الإسرائيلية وعجزها الكامل ليس فقط على وقفها إنما حتى إدانتها، حتى وصلنا إلى وقوف أميركا إلي جانب روسيا ضد أوكرانيا وأوروبا، واستمعنا إلى كلام المستشار الألماني «المحتمل» فريدريش ميرتس من أن «الناتو» قد يصبح ميتاً بحلول شهر يونيو (حزيران) المقبل.

نظام ترمب الجديد لا يرى إلا الأقوياء ولا يفهم إلا لغة الصفقات الكبرى ويمارس تنمراً على الدول الأضعف، ويرى أن الربح أهم من أي تحالف استراتيجي لا يجلب المال المباشر «الكاش»، وأن رسالة أميركا للعالم وحضور مؤسساتها العابرة للحدود والتي لعبت أدوراً مؤثرة في الترويج للنموذج الأميركي، وفي خلق كيانات، بل وحكومات موالية للولايات المتحدة، تم إيقاف نشاط كثير منها ووقف الدعم المالي لها لصالح البحث عن صفقة معادن في أوكرانيا أو الترويج «لريفيرا» في غزة وأن أميركا «ستصبح عظيمة» حين تربح من صفقاتها التجارية.

الانحياز للأقوى «سلوك ترمبي» واضح، فقد «التهم» الرئيس الأوكراني لأنه يعلم أنه في وضع ضعيف، لكنه لم يتصرف مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قاطعه واختلف معه كما فعل مع الأوكراني؛ لأنه سيحسب جيداً سقف كلامه حين يتعامل مع رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر أو الرئيس الفرنسي، وهو ما يفعله مع روسيا والصين وأي أمة قوية في العالم.

انحياز ترمب اللامحدود لإسرائيل هو انحياز للسردية الأقوى اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، فالرجل لم يشغل باله كثيراً بأي كلام سياسي ردده زعماء أميركا السابقون عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ووصف المقاومة المسلحة بأنها إرهاب، ولم يهتم بمعرفة ماذا يعني الاحتلال في تاريخ الشعوب، إنما رأى القضية الفلسطينية وما جرى في غزة على أن هناك شعباً فقيراً مأزوماً يعيش في منطقة مهدمة عليه أن يرحل منها حتى يتمكن الاستثمار فيها وتحقيق مكاسب مالية.

يبقى أن «نظام ترمب» الجديد تقوده نخبة تختلف عن النخب السابقة، فمشهد نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس الذي يكيل الهجوم على الرئيس الأوكراني ربما لم يحدث في تاريخ لقاءات الرؤساء في البيت الأبيض، كما أن الصحافيين الذين اختيروا لحضور هذا اللقاء تمتع بعضهم بمستوى غير مسبوق من السطحية، بخاصة هذا الصحافي الذي ترك كل التساؤلات المهمة حول الصراع في أوكرانيا وكرر بشكل فج ما قاله ترمب لزيلينسكي عن زيه الذي لم يحترم فيه البيت الأبيض، وهو سؤال يعكس مستوى من الجهل بتاريخ أوروبا نفسها وكيف أن زعيماً مثل ونستون تشرشل ظل يرتدي بدلة بلون واحد عُرفت باسم «بدلة صفارة الإنذار» تضامناً مع شعبه في حربه ضد النازية واستقبله الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت من دون أي مشاكل.

مفاهيم مثل المهنية ونخب التعليم الرفيع والإدارة العليا داخل أميركا وخارجها لا يقبلها ترمب، والبعثات التي ترسلها مختلف دول العالم للجامعات الأميركية الكبرى لكي يحصل أبناؤها على تعليم رفيع يساهم في نهضة بلادهم وبناء نظام إداري كفء ومؤسسات مالية وصناعية ناجحة، كل هؤلاء لا يراهم ترمب إنجازاً للنموذج الأميركي بمؤسساته وجامعاته إنما هو يراهن على نخبة جديدة أقل تعليماً بكثير وتكره العلم والإدارة الحديثة وبدأت بالفعل في العبث في كثير من مؤسسات الإدارة الأميركية.

نظام ترمب الجديد سيمثل تحدياً لما هو مستقر منذ عقود في الداخل الأميركي وأيضاً لكثير من قواعد النظام الدولي الذي ساد عقب الحرب العالمية الثانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بشائر» عصر ترمب «بشائر» عصر ترمب



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday