القدس المُحتلّة– وليد أبوسرحان
تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى تجنب إحراجها أمام العالم، باستخدام حق النقض "الفيتو" أمام مجلس الأمن الدولي، ضد مشروع القرار الذي يحاول الرئيس الفلسطيني محمود عباس تقديمه للمجلس لتحديد موعد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، من خلال المجموعة العربية في الأمم المتحدة.
ولذلك يواصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري جهوده "من خلف الكواليس" لطرح مبادرة أميركية تفاوضية جديدة لجّمع الفلسطينيين والإسرائيليين على طاولة المفاوضات مرة أخرى، شرط أنَّ يتراجع عباس عن مشروع القرار.
ويضغط كيري على الفلسطينيين والعرب خشية إجبار واشنطن على استخدام حق النقض الفيتو لإفشال المشروع، الأمر الذي سيؤجّج مشاعر الغضب في العالم العربي والإسلامي، بل العالم أجمع ضد السياسية الأميركية وهو ما لا تريده واشنطن وتسعى لتجنبه.
ولذك يحاول كيري خلال الأيام الراهنة تقديم مبادرة سياسية جديدة تشكّل بديلاً عن نية الفلسطينيين التوجّه إلى مجلس الأمن الدولي؛ لطلب إنهاء الاحتلال والاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وفي ذلك الاتجاه، نقل موقع "هآرتس" الإسرائيلي، الأربعاء، عن مسؤولين إسرائيليين، وصفهم بالكبار، أنَّ كيري قدم "جس نبض" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ لمعرفة إمكانية موافقته على مبادرة تتضمن استئناف المفاوضات على حدود الدولة الفلسطينيّة على أساس حدود العام 1967 مع تبادل للأراضي.
ويعتقد كيري، وفقًا "لهآرتس"، بأنه يمتلك على الأقل شهرًا لحلّ الأزمة قبل أنَّ يجد القرار الفلسطيني طريقه إلى طاولة مجلس الأمن للتصويت عليه؛ لأن الفلسطينيين ينون التريث في طرح مشروع القرار حتى نهاية الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي التي ستُجرى في الرابع من الشهر المُقبل.
وتشعر الإدارة الأميركية بالقلق الشديد من الخطوة الفلسطينية التي قد تفجّر أزمة خطيرة بين إسرائيل والفلسطينيين، وهي معنية بمنع المشاكل المتوقعة قبل وقوعها، رغم أنَّ الإدارة أوضحت للفلسطينيين أنَّ الولايات المتحدة ستستخدم حق الفيتو لإسقاط القرار الفلسطيني في مجلس الأمن، ومع ذلك تحاول الإدارة الأميركية لتجنّب هذا الوضع، في ظلّ حاجتها لتجنيد الحلفاء العرب في حربها ضد "داعش"، حسب تعبير موقع "هآرتس".
وأضاف المسؤولون الإسرائيليون، الذين طلبوا عدم الكشف عن شخصياتهم؛ وذلك لحساسية الموضوع، بأنه وبرغم فشل مفاوضات السلام نهاية آذار/مارس الماضي ووضع المبادرة الأميركية في الثلاجة عاد الوزير "كيري" الشهر الماضي للاهتمام المكثف بالموضوع.
وأكد كيري لنتنياهو خلال اجتماعهما قبل أسبوعين في نيويورك، بأنه لا زال هناك متّسعًا وفرصة لإعادة توجيه الخطوة الفلسطينية نحو الاتجاه الايجابي، موضحًا بأنه خرج بانطباع من محادثاته مع الرئيس الفلسطيني عباس، قبل أيام من اجتماعه بنتنياهو، بأنَّ الطريقة الوحيدة لوقف الخطوة الفلسطينية في الأمم المتحدة تتمثل في طرح بدائل حقيقية وجوهرية.
ونقلت "هآرتس" عن مسؤول إسرائيلي رفيع على علاقة بتفاصيل اجتماع "كيري– نتنياهو" حديثه بأنَّ كيري حاول أنَّ يعرف آخر مدى يمكن أنَّ يصل إليه ويقدمه نتنياهو لإنجاح مبادرة أميركية قادرة على إقناع عباس وتجميد الخطوة الفلسطينية في مجلس الأمن واستئناف مفاوضات السلام.
وسأل كيري نتنياهو بأيّة ظروف وشروط يمكنه الموافقة على تضمين المبادرة الجديدة لمبدأ المفاوضات على أساس حدود العام 67 مع تبادل للأراضي، وهدفت أسئلة كيري هذه إلى فحص إمكانية الاستجابة والرد على المطالب التي طرحها الرئيس عباس، في خطابه أمام الجمعية العمومية التابعة للأمم المتحدة وعبر صيغة القرار الذي تقدّم به إلى مجلس الأمن وبالتالي إقناعه بتجميد الخطوات الفلسطيني في الأمم المتحدة.
وأكد مسؤولؤن إسرائيليون وأميركيون، امتنع موقع "هآرتس" الإلكتروني عن ذكر أسماءهم، أنَّ نتنياهو لم يرفض بشكل قاطع أفكار كيري، لكن عمليًا أعطت إجاباته العامة انطباعًا بأنه غير متلهف لهذه الأفكار.
ومن المعلوم أنَّ نتنياهو سبق له وأنَّ وافق خلال الاتصالات الأميركية التي جرت خلال الفترة الواقعة بين كانون الثاني/ يناير وآذار/مارس الماضي بهدف تمديد فترة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، على مبدأ التفاوض على أساس حدود العام 67، لكنه ربط موافقته بشرطين؛ الأول موافقة الفلسطينيين على مطالب واحتياجات إسرائيل الأمنيّة وقبولهم بمبدأ الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية لليهود.