تسعى المنظومة العسكرية والأمنية الإسرائيلية للاعتماد على المنظومات العسكرية ذاتية التحكم في تنفيذ العمليات العسكرية الميدانية، والتي تضمن تحقيق الأهداف بأقل قدر ممكن من الخسائر في الأرواح.
وأوضحت مصادر إسرائيلية، الأربعاء، أنَّ مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، يبلور خطة شاملة تهدف إلى تمكين جيش الاحتلال من الاعتماد على المنظومات العسكرية ذاتيّة التحكّم، في تنفيذ معظم مهامه الميدانيّة بحلول العام 2033.
ونوّه المركز، الذي يعدّ أحد أهم محافل التقدير الاستراتيجي في إسرائيل ويعمل بالتنسيق مع المؤسّسة العسكريّة الإسرائيليّة، إلى أنَّ الاعتماد على المنظومات العسكرية، ذاتية التحكُّم، والتي لا تتطلب تدخل العنصر البشري، يهدف إلى تحسين فاعلية الجهد الحربي الإسرائيلي، ويضمن توفير الفرص لتحقيق الأهداف العسكرية الإسرائيلية بأقل قدر من الخسائر في الأرواح.
وشارك في إعداد الخطة وحدة "التكنولوجيا والسياسات" في مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي وباحثين كبارًا وخبراء من المؤسسة الأمنية، وممثلين عن الشركات المتخصصة في إنتاج التقنيات المتقدمة.
ويلخص المركز الخطوط العامة لخطته في ورقة نشرها على موقعه، الأحد الماضي، مشيرًا إلى أنّه من شأن "إنجاز هذا التحول أنَّ يمكِّن إسرائيل في وقت لاحق، من اعتماد نموذج الجيش المهني، الأمر الذي يعني الاستغناء عن الخدمة الإجبارية وخدمة قوات الاحتياط".
وتنطلق الخطة من افتراض مفاده أنَّ "التطور التقني الذي حقّقته إسرائيل حتى الآن، يمكِّنها من تحقيق انطلاقة في مجال تطوير المنظومات العسكرية ذاتية التحكم.
وتشمل الخطة تدشين مؤسسة خاصة تُعنى بالإشراف على تطوير المنظومات ذاتية التحكّم، بحيث تتبع وزارة الدفاع، وتكون مسؤولة عن ربط عملية إنتاج هذه المنظومات بحاجة الجيش ومتطلباته الميدانية والاستخبارية.
وستتولى هذه المؤسسة مسؤولية تنسيق التعاون مع دول صديقة في هذا المجال، لتغطية النقص في الجانب المعرفي المطلوب.
ويشدِّد معدو الخطة على أنَّ إنجاز هذا الهدف يتطلب إحداث تحول كبير في مجال تطوير التقنيات المتقدمة في إسرائيل، لا سيما في مجالات الذكاء الاصطناعي، الروبوتات والحرب الإلكترونية.
وتشير الخطة إلى أنّ إنجاز هذا الهدف يتطلب مواءمة مناهج التدريس في إسرائيل، بحيث تساعد على إيجاد بيئة علمية تمكن من إحداث المزيد من الانطلاقات في مجال تطوير التقنيات المتقدّمة.
وتؤكد أنَّ المنظومات العسكرية ذاتية التحكّم التي طورتها إسرائيل حتى الآن متدنية الجودة وتشبه إلى حد كبير الحواسيب البيتية في ثمانينات القرن الماضي، وتوضح أنَّ هناك أساسًا للافتراض أنّ بالإمكان إحداث نقلة نوعية في تطوير هذه المنظومات.
وبحسب الخطة، يجب أنَّ يعتمد الجيش على المنظومات ذاتية التحكّم في معظم المهام التكتيكية التي يقوم بها، والتي من ضمن مجالاتها؛ جمع المعلومات الاستخبارية، وطيف كبير من المهام الميدانية التي تقوم بها ألوية ووحدات الجيش الإسرائيلية القتالية حاليًا.
وستمكن المنظومات أحادية التحكّم الجيش من تقدير الأضرار التي لحقت بـ"العدو" وبناه التحتية خلال المواجهات مع الجيش الإسرائيلي.
وتهدف الخطة إلى أنَّ تكون المنظومات ذاتية التحكّم بسيطة في استخدامها؛ إذ يُصدر شخص واحد تعليمات بسيطة لهذه المنظومات فتعمل بشكل ذاتي، لضمان تنفيذ التعليمات بأكبر قدر من الجودة.
ويأمل الخبراء الذين صاغوا الخطة أنَّ يسهم هذا التحول في إحداث تغيير جذري في واقع القتال في المعارك، التي يمكن أنَّ تخوضها إسرائيل في المستقبل.
وتنطلق الخطة من افتراض مفاده أنَّ الاعتماد على المنظومات العسكرية ذاتية التحكّم، يفرض على الجيش الإسرائيلي إعادة صوغ عقيدته القتالية؛ إذ تتلاءم مع التحول الذي من المفترض أنَّ يطرأ على ساحات القتال بعد دخول منظومات القتال أحاديّة التحكّم.
ويكتسب الكشف عن هذه الخطة أهمية كبيرة في ظل تعاظم المطالبات داخل الجيش وفي أوساط النخبة الإسرائيلية، بتطبيق النموذج الأميركي والانتقال إلى نموذج الجيش "المهني".
ويعتبر رئيس "حركة نعم لجيش مهني"، يرون ليرمان، أنَّ الاعتماد على نموذج "جيش الشعب"، الذي يقوم على الخدمة الإجبارية والاستعانة بقوات الاحتياط أثبت فشله.
وفي مقال نشره موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت" الجمعة الماضية، يرى ليرمان أنَّ نتائج الحرب الأخيرة على غزة تبرز الحاجة الماسة إلى تحول الجيش إلى جيش مهني، مشيرًا إلى أنَّ المستويات العسكرية والسياسية كافة خلال الحرب شدَّدت مرارًا وتكرارًا على أنَّ الجيش غير قادر على احتلال غزة.
ويوضح ليرمان أنَّ تحول الجيش إلى جيش مهني عبر تكثيف اعتماده على التقنيّات المتقدمة، سيفضي إلى نتائج أوضح أثرًا في ساحات القتال.
وفي الوقت ذاته، هناك من يشير إلى أنَّ التخلّي عن الخدمة الإجبارية وخدمة الاحتياط سيكون له تداعيات اقتصادية ايجابية، حيث أنَّ عشرات الآلاف من الإسرائيليين يتركون كل شهر أعمالهم للانضمام كضباط وجنود إلى قوات الاحتياط، فضلاً عن أنَّ الدولة تدفع أموالاً ضخمة لتعويض هؤلاء الجنود.
أرسل تعليقك