الشيعة العرب  مواطنون لا رعايا
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

الشيعة العرب .... مواطنون لا رعايا

 فلسطين اليوم -

الشيعة العرب  مواطنون لا رعايا

بقلم : عريب الرنتاوي

ما كان لإيران أن تحظى بكل هذا النفوذ في أوساط الشيعة العرب، لو أن حكومات ما بعد الاستقلالات العربية، نجحت في بناء دولة المواطنة الفاعلة والمتساوية، دولة جميع أبنائها وبناتها، دولة جميع مكوناتها وكيانتها ... فشل الدولة الوطنية العربية الحديثة، كان سبباً رئيساً في تحوّل قطاعات واسعة من الشيعة العرب إلى "رؤوس جسور" للنفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة.

ما ينطبق على الشيعة العرب، ينطبق بقدر أكبر أو أقل، على مكونات أخرى، فلو أن أكراد المنطقة جرى إدماجهم في دولهم ومجتمعاتهم، على قاعدة الاعتراف بمواطنتهم وحقوقهم الوطنية كأقلية قومية، لأمكن توفير الكثير من الدماء والدمار في حروب عبثية، ولما تفاقم الميل الانفصالي عند غالبيتهم الساحقة، ولما تحول بعضهم إلى رأس جسر أيضاً للنفوذ الإقليمي في المنطقة، ولما تفاقمت الخشية من "إسرائيل ثانية" كما يردد البعض منّا محقاً أو متطيراً.

لا تستطيع حكومة أي دولة من دول الانتشار الشيعي في العالم العربي، خصوصاً المشرق والخليج، أن تزعم بأن هذه الفئة من مواطنيها كانوا يعاملون بالسوية ذاتها مع بقية المكونات والمواطنين الآخرين ... فالمظلومية الشيعية أكبر من أن تغطى بادعاءات ومزاعم، تفضحها الحقائق الصلبة والعنيدة التي استبطنتها مئات الأبحاث والتقارير وألوف التغطيات الصحفية، عن "المحرومين" في لبنان و"التجنيس السياسي" في أطراف الخليج، مروراً بعمليات العزل والإقصاء والسقوف الخفيضة التي ظل هؤلاء يمارسون حياتهم تحتها.

ولا يمكن القبول بنظرية أن "المستبد العادل" وزع استبداده بالقسطاس بين مختلف المكونات التي تشكل مجتمعاتنا، فالقول على سبيل المثال، إن صدام حسين على سبيل المثال، كان ديكتاتوراً على الجميع بلا استثناء، لا يلغي حقيقة أن حصة الشيعة العراقيين من جبروته، لا يعادلها سوى حصة الأكراد منه ... صحيح أن أهل السنة من عرب العراق، لم يسلموا من طغيانه واستبداده، لكن الصحيح كذلك أن حصة هذين المكونين من عقوباته الجماعية، كانت الأكبر والأفدح.

إلى أن وصلنا إلى الانقسام المذهبي الأخطر في المنطقة، أو "الشرخ القاريّ" الذي قسمها إلى شطرين متصارعين في سنوات العربي السبع الفائتة، هنا جرى الزج بمكونات اجتماعية إضافية للارتماء في الحضن الإيراني، من خطاب الكراهية ضد علويي سوريا، وانتهاء بحروب علي عبد الله صالح الست ضد الحوثيين، والتجييش المذهبي السلفي ضدهم المدعوم خليجياً، مع أنه ظل يُنظر إلى الزيدية اليمنية هي أقرب المذاهب الإسلامية إلى أهل السنة والجماعة، قبل أن يجري تنمطيها ووضعها في سلة واحدة مع "ولاية الفقيه".

اليوم، خرج "المارد الشيعي من قمقمه" على وقع الهزائم التي منيت بها الولايات المتحدة والفراغ الذي تركته في العراق من جهة، وتنامي نفوذ حزب الله في لبنان والإقليم بعد حرب التحرير في 2000 وعدوان تموز في 2006، فضلاً عن هزيمة المحور "السني" المدعوم أمريكياً في سوريا، وصمود اليمن في وجه "عاصفة الحزم" لثلاث سنوات متتالية رغم الفجوة الهائلة في موازين القوى والعدة والعتاد والعديد.

بعض رموز الشيعة العرب، أخذوا يتذمرون من النفوذ المهيمن للمدرسة الإيرانية، مدرسة ولاية الفقيه، في أوساطهم، رأينا حالات تمرد على الثنائي الشيعي في لبنان، ورأينا ميلاً استقلالياً جارفاً عند رجل السياسة والدين مقتدى الصدر، ورأينا انبثاق تيار الحكمة على حساب المجلس الأعلى، ونرى شروخاً داخل الدعوة بين المالكي والعبادي، ونستمع لأصوات من هنا وهناك، تعبر عن ضيقها بمصادرة الهوية الوطنية الخاصة للشيعة العرب، ومحاولة فرض مدرسة واحدة وقراءة واحدة عليهم جميعاً، هي المدرسة الإيرانية وقراءة الولي الفقيه... وهناك أصوات تخشى على مستقبل الشيعة من مسلسل الانتقام المتبادل الذي يطل برأسها من بين ثنايا التطورات والأحداث التي تشهدها دولنا ومجتمعاتنا بتسارع لافت.

مثل هذا الميل، يعيد التذكير بأن أصل التشيع، عربي بامتياز، وهو سابق لتحول إيران في عهدها الصفوي نحو هذا المذهب، ويعيد التذكير بالتباين حتى لا نقول بالانقسام، بين المدرسة العربية والمدرسة الفارسية في التشيع ... وهو تباين يتقلص كلما نظرت الحكومات والفاعلين الاجتماعيين للشيعة العرب بوصفهم رعايا لا مواطنين، وتتسع حدته كلما تكرس مفهوم المواطنة المتساوية ودولة المواطنة المدنية الديمقراطية في عالمنا العربي.

الشيعة مكون رئيس من مكونات مجتمعاتنا، وهم أتباع مذهب لا يتنكر سوى الغلاة والمتطرفين لإسلاميته، وهم مواطنون أصيلون، لا رعايا ولا رؤوس جسور ولا طابور خامس ... ومن أراد أن يحد من نفوذ إيران الإقليمي، عليه البدء من "مواطنة الشيعة" في بلده، فذلكم هو "بيت القصيد" في أية استراتيجية لتحصين البيت الداخلي و"سد الذرائع" وتصليب الجبهة الداخلية، وبخلاف ذلك، نكون قد قدمنا جزءاً أصيلاً من مجتمعاتنا وشعوبنا، على طبق من فضة لإيران ومشروعها الإقليمي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشيعة العرب  مواطنون لا رعايا الشيعة العرب  مواطنون لا رعايا



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 07:20 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجوزاء" في كانون الأول 2019

GMT 15:13 2014 الجمعة ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض "الشارقة للكتاب" يستضيف الإعلامي أسامة مرّة

GMT 09:56 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

ترامب يبحث بناء منصة خاصة له بعد حذف حسابه على "تويتر"

GMT 18:15 2020 الأربعاء ,18 آذار/ مارس

تفاصيل برنامج هنا الزاهد «هزر فزر»

GMT 17:57 2019 السبت ,01 حزيران / يونيو

تنتظرك ظروف غير سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 23:52 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

"مؤمن زكريا" مطرود "قصرًا" من الوسط الرياضي

GMT 16:51 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

اتحاد جدة يفوّض بيليتش لفصل صفقة الإيفواري "سانوجو"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday