أيضاً المجتمع الدولي يتغير
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

أيضاً المجتمع الدولي يتغير

 فلسطين اليوم -

أيضاً المجتمع الدولي يتغير

عاطف ابو سيف
بقلم : عاطف ابو سيف

لصيق بالحديث عن تفتت الموقف العربي، فإن ثمة تحولات كبيرة في المواقف الدولية يجب أن تكون مصدر قلق حين يتعلق الأمر بمواجهة مخاطر الصفقة التي يطرحها ترامب لتصفية القضية الفلسطينية. أيضاً بنفس القدر الذي يصعب فيه الحديث عن موقف عربي موحد، يصعب الحديث عن موقف دولي موحد تجاه الصراع. وفي حقيقة الأمر، إن مثل هذا الموقف لم يتشكل يوماً بصورة واضحة، إذ ظلت الدول تحتكم في موقفها من القضية الفلسطينية لمدى قربها أو بعدها من أطراف الصراع وحلفائهم. وظلت غائبة دائماً فكرة ظهور موقف دولي واحد وموحد يعكس فهماً واحداً لحقيقة ما يجرى في الأرض المقدسة التي ترتبط بها جل دول العالم بطريقة أو بأخرى.

ومع هذا تطور مع الوقت شيء بات يعرف بالشرعية الدولية التي تتشكل من مجمل القرارات الأممية التي تحدد معالم الحل الذي بات موضع إجماع دولي للصراع. والشرعية الدولية ليست معبرة عن الموقف الدولي بقدر ارتباطها بالآلية التي يرى العالم ممكنات حل الصراع عبرها. ورغم ما تحمله هذه الشرعية من إجحاف غير مسبوق في التاريخ بحق الفلسطينيين، فإنها باتت السقف الأدنى الذي يمكن للفلسطينيين أن يقبلوا به في ظل الظلم الكبير الذي وقع عليهم من قبل مؤسسات المجتمع الدولي التي خلقت الدولة التي سرقت بلادهم وهدمتها وقامت على ترابها الوطني. وأيضاً من حقائق الصراع التي لا تخفي على أحد مساهمة المجتمع الدولي في تدمير فلسطين.

وبطريقة أو بأخرى دفع الفلسطينيون ثمن أخطاء أوروبا وجرائهما بحق اليهود وغيرهم، وتم ترحيل الحل على حساب شعب أعزل عاش طوال آلاف السنين بطمأنينة ودعة في بلاده حيث منح البشرية الفكر والدين والحضارة. يصعب تصور وجود إسرائيل دون تصور الدور التخريبي للمجتمع الدولي في عملية هدم ممنهجة للحقوق الفلسطينية وطرد الفلسطينيين من بلادهم. وربما سيأتي يوم في التاريخ تدرس هذه المفارقة المجحفة في الأكاديميا بوصفها إثباتاً على ظلم تاريخي غير إنساني.

مرة أخرى، ومع هذا، فإن تطور ما بات يعرف بالشرعية الدولية كان بطريقة أو بأخرى حماية للمزيد من التآكل في عملية هدم الحقوق الوطنية الفلسطينية. فالمجتمع الدولي الذي سار منذ فجر القرن العشرين مقوداً مثل خروف العيد لرغبات الحركة الصهيونية وبعد أن مكّن الصهاينة من فلسطين واعترف بدولتهم ومنحها شرعية المؤسسات الدولية، بات ينظر بقليل من اليقين إلى الحدود الدنيا للفلسطينيين، خاصة حقهم في تمثيل أنفسهم وضرورة أن يظل لهم جزء يسير من أرضهم ومهد وطنهم حتى يقيموا عليه دولة خاصة بهم.

ومع هذا ربط قيام هذه الدولة باتفاق غير متوازن يجب أن يتم التوصل له مع عدوهم إسرائيل. وبعبارة أخرى مطلوب من الفلسطينيين أن يستجدوا هذه الدولة من إسرائيل، وعلى العالم أن يقف ساكناً ساكتاً لا يقوى على شيء إلا القول إن هذه الدولة حق للفلسطينيين. لكنه الحق الذي لا يستدعي تدخلاً لإنفاذه. لا أحد يقتنع بضرورة الضغط على إسرائيل، بل إن هذا الضغط مخالف لقناعات المكونات الكبرى للمجتمع الدولي ويجب محاربته وردعه. لذا وحين تطورت أشكال المقاطعة البسيطة بين بعض محبي السلام ودعاته في بعض الدول الأوروبية، صار يعمل على تجريمها وتوصيفها بمعاداة السامية، كأن أحداً لا يستطيع أن يقول لا لإسرائيل، أو كأن هذه الـ "لا" غير إنسانية، وأن احتلال الغرباء لبلاد غيرهم أمر إنساني وعادل بامتياز.

حتى هذه الشرعية الدولية بدأت تتآكل مع ظهور دعاوى جوهرية لتجاوز تمثيلية المؤسسات الدولية. كان المحافظون الجدد أول من حاول تصديع المؤسسة الدولية، حين قال بوش الابن: إن الحرب على العراق هي حرب الراغبين وإن المهمة تحدد التحالف.. بدأ عهد جديد يرى في المؤسسة الدولية شيئاً هامشياً أمام إرادة القوى العظمي. وتاريخياً كان الأمر كذلك ولكن قبل تصدع جدار برلين كان ثمة توازن مرغوب تحرص الدولة على الحفاظ عليه.

ومع الوقت بات واضحاً أن المنظمة الدولية الأولى، أي الأمم المتحدة، لم تعد صاحبة قرار في تقرير مصير الكوكب، وأن القوة القصوى التي تحولت لها واشنطن باتت هي من يقرر إيقاع التحالفات والحروب وعمليات السلام المرغوبة. إنه ذات المنطق الذي ينطلق منه ترامب حين يريد أن يجعل المجتمع الدولي يتبنى خطته بوصفها شاملة وعادلة وتجبُّ كل ما قبلها من قرارات الشرعية الدولية.
في الحقيقة، ثمة سبب آخر وراء هذا التآكل في الشرعية الدولية، وذلك يتمثل في صعود المنظمات الإقليمية التي باتت أكثر نجاعة في حماية مصالح أعضائها من النادي الكبير في نيويورك.

ويمكن النظر إلى تجربة الاتحاد الأوربي بكثير من الثقة في ذلك، إذ إن عضويته باتت أكثر إغراءً لدول وسط وشرق أوروبا من أي شيء آخر. ولكن حتى هذه العضوية بقدر ما تجلبه من منافع خاصة اقتصادية، فهي لا تعني شيئاً على صعيد تطوير المواقف السياسية. وبالنظر إلى تجربة الاتحاد الأوروبي، فإن العثرة الكبرى التي ظلت تواجه الدول الأعضاء هي صياغة سياسة خارجية وأمنية مشتركة. وطوال سنين من ركائز الاتحاد الأوروبي، بعد انهيار جدار برلين وانضمام أعداء الأمس إلى نادي بروكسل والتحولات الكبرى التي عصفت بالقارة، فإن الاتحاد ظل عاجزاً عن تبني سياسة واحدة تجاه القضايا الكبرى.

ورغم مثلاً ما تم تحقيقه فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي منذ إعلان البندقية عام 1980 وحتى إعلان برلين عام 1999 وجمود الموقف الأوروبي حول اشتراط الاعتراف بالدولة الفلسطينية بالتوصل لتفاهم بشأنها مع إسرائيل، فإن الكثير من الدول الأعضاء، خاصة الوافدين الجدد من وسط وشرق أوروبا، لا يلتزمون بروح ونص الموقف الأوروبي.
خلاصة القول: إنه بات يصعب الحديث عن موقف دولي، بل مواقف يجب السعي إلى تأمينها والحصول عليها وحمايتها من هجمات وضغوطات مضادة.

قد يهمك أيضا :  

 فـي الـمـوقـف الـعـربـي

  عن الموقف العربي مرة أخرى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيضاً المجتمع الدولي يتغير أيضاً المجتمع الدولي يتغير



GMT 22:40 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday