المثقف الفاعل 2
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

المثقف الفاعل "2"

 فلسطين اليوم -

المثقف الفاعل 2

بقلم : د. عاطف ابو سيف

استكمالاً للنقاش في الأسبوع الماضي حول المثقف الفاعل وغياب الدور العضوي المتوقع منه والمرتبط أيضاً بحالة غياب لقوى كبيرة كان يجب أن تكون مؤثرة، فإن هذا الغياب الذي لابد أن يكون جزءاً من عملية طرد ذاتي تعزز بسبب أو كان نتيجة لقصور ذاتي لدى المثقف نفسه الذي لم يعد يرى مكانته ودوره بطريقة صحيحة. فالمثقفون أكثر انشغالاً بتفاصيلهم متجنبين التفاصيل العامة. 

فبالقدر الذي كان للتحولات الكبرى التي هزت القضية الوطنية والتطورات التي أصابتها عقب مراحل الثورة المختلفة وبعد ذلك نشوء السلطة ومن ثم الصراع والاقتتال عليها، دور في تغييب المثقف فإن الأخير أيضاً انطوى على نفسه ولم يعد يناضل من أجل الدور الذي عليه أن يقوم به. 

ما أقصده هنا أن ثمة عملية تناغم صامت بين الإقصاء الذي فرضته التحولات والتطورات وبين النزوع الذاتي لدى المثقف. 

فمن جهة فهو إن لم يكن قادراً على القيام بدور فإنه في نفس الوقت غير راغب فيه. وربما أن عدم نجاعة الفعل قادت إلى المزيد من الإيمان بأنه لن يكون ناجعاً في عملية توليد ذاتي للعجز، نتج عنها المزيد منه. 
وهكذا حتى باتت الحال تشبه السبات العميق الذي يخلو حتى من الأحلام.

وفي متوالية تساهم في تعميق الغياب مقابل الحضور المفترض فإن المثقف بات خارج دائرة التأثير. 
ويمكن بنظرة خاطفة إلى المركبات الفاعلة في السياسة الفلسطينية الحالية أن ندرك كيف ينسحب المثقف بتلويناته المختلفة من الحياة العامة. 

بكلمة مختلفة ذهب الزمن الجميل الذي كان فيه قادة التنظيمات الكبرى من كبار الكتاب والمثقفين، فيما البقية الأخرى من المساهمين بقوة في النقاش الفكري والتنويري في ذلك الوقت. 
فاللجنة المركزية لفتح والمكاتب السياسية للتنظيمات الفلسطينية كانت تمتلئ برموز المعرفة والثفافة والهوية الفلسطينية، وكذلك اللجنة التنفيذية للمنظمة. 

بل إن قامات من هؤلاء كان يتم اختيارها بسبب فعلها وقوتها الثقافية التي بدورها تنعكس على قوة وجودها العامة. 
وقتها لم يكن المثقف يخجل من الفعل السياسي لأن المؤسسة كانت تدفعه نحو ذلك. كان ثمة حاجة لوجود المثقف العضوي والفاعل القادر على القتال بطريقته من أجل التحرير. 

الآن الصورة قد تبدو كئيبة، وعليه فهي ليست بحاجة للكثير من التفصيل.
ترتب على ذلك أن المؤسسة الثقافية لم تعد ذات أهمية. أيضاً لأن ثمة تراجعا في دورها ومكانتها بسبب التحولات والتطورات، فإنها لم تعد تؤثر في الحياة العامة. 

يمكن بنظرة خاطفة النظر إلى الدور التاريخي لاتحاد الكتاب والصحافيين سابقاً والدور غير الفاعل الذي يقوم به اتحاد الكتاب والأدباء من جهة ونقابة الصحافيين  من جهة أخرى كوريثين للاتحاد السابق. 
وربما الصرف على الثقافة من الخزينة العامة الذي لا يتعدى نسب قليلة يكشف المزيد من ذلك. 

الجانب الآخر المتعلق بذلك مثلاً هو عدم التعامل بجدية مع تصعيد النخب إلى قيادة المؤسسة الثقافية، حيث يمكن لشاعر أو كاتب بسيطين أو فنان لم تترك الريشة أثراً على أصابعه أن يصير مسؤولاً للمؤسسة ومُعّرفاً لها. 

ربما أن المكانة غير المحجوزة للمؤسسة في قاطرة الفعل المؤثر وغيابها هي من تجعل عملية الاختيار غير مهمة، ويتم تهميش المثقف الفاعل خلف ستار التحولات والتطورات. 

فالمهمة تحدد الشخص كما تجري العادة، وعادة ما يتم ملء المؤسسة وحشوها بالكثير من الأعضاء أو العاملين ممن يصبحون مثقفين بسبب الفراغ وليس بسبب الحاجة. بعبارة أخرى يتم التطاول على الثقافة والكتابة من خلال استسهال ممارستها، فيما الاشتباك الحقيقي في الحياة والتأثير فيها من قبل المثقف الحقيقي لا يعود موجوداً. 

وبشكل عام يتراكم على ذلك عملية انسحاب ذاتي من المشهد، وهو انسحاب هروبي يتم تغليفه من بعض المثقفين بالحماية والحاجة للخلوة والتأمل وبعبارات الترفع والأنفة غير الحقيقية. 

ولا يقتصر الأمر على الانسحاب بل إلى تجريم الاشتباك. فمثلاً يصبح من المعيب للمثقف أن يكون عضواً حزبياً فاعلاً وكأن التنظيمات التي صنعت مجد الشعب الفلسطيني بعد رماد النكبة باتت عبئاً وعيباً، وكأنه لا يمكن أن تكون كاتباً وقائداً حزبياً في نفس الوقت. 

حتى النماذج الناجحة في ذلك مثل تجربة غسان كنفاني وماجد أبو شرار وحتى درويش تذكر على أنها استثناءات لا يمكن استعادتها، في تجذير للعجز الذاتي وفي إقصاء لممكنات التغير. 

فيصير المثقف مثقف نفسه، ويصير عالمه عالما بكليته، لا علاقة له بالمحيط الخارجي، ولا يقيم أي تواصل وتفاعل مع قضايا المجتمع، ورويداً رويداً يخلو المشهد من المثقف الحقيقي صاحب الذائقة الرفيعة التي تسمو بالذائقة الجماعية وتطورها، وتحتل المنصات أصوات ضعيفة لا ترتكز على قواعد معرفية وجمالية حقيقية.
 
ولأن الطبيعة لا تحب الفراغ فإن مثل هذه الأصوات يمكن لها بعد حين أن تسطو على الذائقة العامة وتلوثها خاصة مع هيمنة النشر على صفحات التواصل الاجتماعي التي لا تريد الكثير من المهارة ولا التكلفة ولا الموهبة. 

وأمام ذلك يهيمن الأدب الذاتي في تغييب مقصود أو هروب من الأدب الوطني. وتهيمن الغرفة وتحل مكان المدينة أو القرية أو المخيم أو الوطن بصورته الأشمل، وتصبح الذات هي العالم الداخلي والخارجي. 

وفي أقل تقدير يصار إلى ترحيل أي هم خارجي كان الكاتب والكتاب يتفاعلان في بوتقة لا يعرفها أحد. 
وهذا موضوع نقدي أثاره بعض النقاد والأكاديميين بالتأكيد ربما لا مكان له هنا، لكنه يكشف عمق الانطواء الذي يمارسه المثقف بإرادته لأنه قَبِل وبات راغباً في ممارسة غيابه الذي قد تكون التحولات والتطورات العامة قد ساهمت به، إذ بات عاجزاً عن تبّصر ممكنات فعله وتأثيره. 

في اللحظة التي يموت الإيمان بقوة الإبداع، وتتعزز القناعة بنفي الحاجة للكتابة، وفي اللحظة التي يغيب فيها المثقف أو تتم تنحيته جانباً، فإن الهوية الوطنية تمر أيضاً بمرحلة تفكك وتأثير على صياغاتها المختلفة! ألا يحدث كل هذا؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المثقف الفاعل 2 المثقف الفاعل 2



GMT 06:58 2020 الإثنين ,15 حزيران / يونيو

عــام آخــر

GMT 07:35 2020 الإثنين ,13 إبريل / نيسان

التجربة الصينية

GMT 01:37 2017 الثلاثاء ,30 أيار / مايو

بعد خمسين عاماً: الاحتلال والدولة الفلسطينية

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

مقاطعة البضائع وتصديرها

GMT 02:56 2017 الإثنين ,20 شباط / فبراير

حول العلاج في الخارج

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 04:42 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 11:38 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

سامسونج تنافس أبل في خدمات الدفع الإلكتروني

GMT 07:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 05:21 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّض اللاجئين "الروهينغا" للإجبار على تجارة "البغاء"

GMT 23:34 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

فوائد الرمان الصحية وكيفية دمجه في نظامك الغذائي

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان بكين السينمائي يرحب بقادة صناع الترفيه الأميركية

GMT 23:29 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة كريستينا ... وحرب «العم» بلفور

GMT 10:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

14 وفاة و1088 إصابة جديدة بفيروس كورونا في فلسطين

GMT 10:57 2019 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

هازارد يؤكّد أن هيغواين سيكون إضافة قوية لـ"تشيلسي"

GMT 05:16 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

السعودية تعين الروبوت "تقني" موظفًا في وزارة التعليم

GMT 18:34 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

نجيب ساويرس يوجّه رسالة إلى الفنانة هيفاء وهبي

GMT 01:45 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

مئير بن شبات يبحث ملف "الجنوب السوري" في موسكو
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday