الديناصورات وزمن كورونا
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

الديناصورات وزمن "كورونا"

 فلسطين اليوم -

الديناصورات وزمن كورونا

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

ثمة إجماع عالمي لدى كل الأجناس والجنسيات، الكبار والصغار، العلماء والجاهلين، الأغنياء والفقراء، الجلادين والضحايا، السياسيين والمفكرين والمثقفين والكتاب والصحافيين، حتى العاملين في حقل النظافة، بأن ما بعد «كورونا» ليس كما قبلها.

عهد جديد بدأت تظهر معالمه ولد من رحم عالم يختفي الكثير من معالمه وقيمه وسلوكياته وتتغير معه آليات ووسائل السيطرة، مفاهيم مختلفة لقضايا أساسية مثل الاستقلال والحريات وحقوق الإنسان وموازين العدالة.

زمن يتفوق فيه المصنوع على الصانع ويتكفل بإدارة حياته الخاصة والعامة. في زمن مضى كان الإنسان يعتمد على ذكائه في حفظ الأرقام والمواعيد، كانت عقول البشر نشيطة ويمكن تنمية الذكاء والمهارات، لكنها تحولت إلى مراكز كسولة تعتمد على أبسط أدوات التكنولوجيا مثل الموبايل الذي صنعه الإنسان، لتسيير حياته، لكنه تحول إلى أداء للسيطرة عليه.

صحيح أن «كورونا» ومن وراءها يستهدفون تغيير العالم، ولكن كبار السن هم من بين أولوياتها. النسبة الغالبة من ضحايا «كورونا» هم من كبار السن، وفي أماكن كبيرة يحصل الشباب على أولوية العلاج على حساب كبار السن. وفي المجمل فإن الأزمة ليست في عدد المصابين أو الذين يمكن أن يصابوا بالفيروس، ولا هي في عدد الضحايا بما في ذلك المفترضون، فهذه تبدو طبيعية وغير مخيفة قياساً بضحايا الأمراض المزمنة والأوبئة.

الأزمة تكمن في حالة الرعب التي فرضها الإعلام المسيّر والمقصود، والذي يستهدف تغيير سلوك الناس الاجتماعي. معظم الدول انتقلت إلى مرحلة ما يسمى مناعة القطيع، التي تعني عودة الاقتصاد إلى العمل والنشاط مرةً أخرى، ولتكن حياة من لا يصمد أمام «كورونا» جزءاً من الأعراض الجانبية. المهم أن يتواصل التباعد الاجتماعي ويؤدي إلى تفكيك الوحدة الأساسية في المجتمع لصالح الفرد.

في المجتمعات الرأسمالية، الفرد هو الوحدة الأساسية وليس العائلة أو القبيلة، وكل ذلك بضمان القانون. الجيل الجديد ممن لا يحسبون على كبار السن، ليسوا معنيين أبداً بالتحسر على أيام الزمن الجميل، الذي يتحسر عليه كبار السن، فهم لم يعايشوا ذلك الزمن، ولم يتذوقوا حلاوته ومرارته.

وباعتباري أحد من ينطبق عليهم وصف كبار السن، فإن مشاعري مختلطة بين الغضب من ظاهرة الخذلان وقلة الوفاء التي يبديها الحكام والحكومات وأصحاب القرار إزاء استهداف «كورونا» لكبار السن، وبين سعادتي بأنني لن أتحول إلى عبد مسلوب الإرادة والحرية.

في الزمن الذي تظهر ملامحه، ليس على الإنسان أن يختار سكنه بالقرب من مكان عمله، أو حتى في الدولة المشغلة التي ستختار موظفيها من الكفاءات، بغض النظر عن جنسياتهم أو أماكن إقامتهم، فالمهم أن يقدموا خدمةً جيدة طالما أن العمل يمكن تأديته عبر وسائل التكنولوجيا.

لا حاجة لجامعات أو مدارس كبيرة فيها مبان ضخمة وساحات خضراء، طالما أن التواصل غير مكلف عبر وسائل التكنولوجيا. شخصياً لا أرغب في أن أساير هذه التكنولوجيا، التي ستدير حياتي وتحولني إلى مجرد مادة أو بضاعة أو شيء ما. سعيد بأنني أنتمي إلى عصر الديناصورات كما وصفني بعض من زملائي الكتاب، الأستاذ أكرم هنية.

ما زلت أحب أن أمسك القلم وأن أشتم رائحة الحبر وطقوس الكتابة على الورق، وإرسال مقالاتي عبر الفاكس. ما زلت أشعر بأنني إنسان حر في تفكيري وفي إدارة حياتي الشخصية والعامة. في الواقع لم يعد ثمة وقت لدى المنتمين إلى عصر الديناصورات حتى يستسلموا للآلة وعصابات الشر، وسأكون سعيداً أن أمضي ما تبقى من عمر على الطريقة ذاتها التي قضيت حياتي خلالها.

هو لم يكن زمناً سعيداً على كل حال، لكنه كان زمناً صاخباً يشعر فيه الإنسان بالبرد والحر، بالراحة والتعب، بالخير والشر، بالسعادة والحزن. إنه زمن الإنسان الطبيعي غير المصنع وغير المستلب وغير المعلب. إن كان الأمر كذلك فمرحباً بـ»كورونا» وغير «كورونا» مما يمكن لقوى الشر أن تصنعه لاستهداف البشر ولتعميق السيطرة ونشر الشر، وسألقي في حاوية قمامة كل ما تأتي به التكنولوجيا من وسائل، إلا ما يبقيني فيها إنساناً حراً يتمتع بالسيطرة على كل حواسه.

لقد تشبث كبار السن بالمسؤوليات ومراكز القرار وها هم مضطرون رغماً عنهم لإخلاء مقاعدهم لصالح الشباب أصحاب القدرات الواعدة، وما يهمنا هو أن يكون الشباب الفلسطيني على قدر المسؤولية لإنجاز ما لم ينجح في إنجازه الديناصورات وأن يواصلوا نضالهم التحرري لقهر الاستعمار والاستعباد وتحرير الأرض والإنسان.

المهمة صعبة بكل تأكيد، لكننا على ثقة بأن شباب فلسطين سيهزمون «كورونا» وزمانه وأدواته، ويفرضون على العالم التعامل مع زمن فلسطيني مختلف.

قد يهمك ايضا :   

  الأردن وفلسطين في عين العاصفة

  حرب العصابات على الكل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الديناصورات وزمن كورونا الديناصورات وزمن كورونا



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 04:42 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 11:38 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

سامسونج تنافس أبل في خدمات الدفع الإلكتروني

GMT 07:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 05:21 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّض اللاجئين "الروهينغا" للإجبار على تجارة "البغاء"

GMT 23:34 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

فوائد الرمان الصحية وكيفية دمجه في نظامك الغذائي

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان بكين السينمائي يرحب بقادة صناع الترفيه الأميركية

GMT 23:29 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة كريستينا ... وحرب «العم» بلفور

GMT 10:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

14 وفاة و1088 إصابة جديدة بفيروس كورونا في فلسطين
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday