ثمة ما يحتاج التغيير وليس التصحيح
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

ثمة ما يحتاج التغيير وليس التصحيح

 فلسطين اليوم -

ثمة ما يحتاج التغيير وليس التصحيح

بقلم :طلال عوكل

مع أن الأحداث لا تقررها التواريخ الحادة، إلاّ ان من أهم مناقب العمل الجماعي بغض النظر عن طبيعته، هو المراجعة السنوية للبرامج والمخططات والمشاريع وهذه في الغالب تتم مع نهايات كل عام، عسى أن يكون فعل المراجعة، سبيلاً لتحسين الأداء والمنتوج في العام الجديد.

على أن العام المنصرم، بما انطوى عليه من متغيرات جامحة وخطيرة، خصوصاً في الشهر الأخير، يجعل من نهاية العام فرصة طبيعية للمراجعة النقدية، وما أحوج الفلسطينيين إلى مثل هذه المراجعة الوطنية.

لا يمر العام على الفلسطينيين، على نحو روتيني، فكل عام يحمل معه، الكثير من المتغيرات التي تستحق التوقف عندها، والعام المنصرم لم يكن استثنائياً، غير أن ما طرأ في الشهر الأخير، فرض على الفلسطينيين مراجعة ليس لعام واحد وإنما لما يقرب من ربع قرن.

القرار الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي المتهور وعديم الخبرة السياسية كسر الزجاج الشفاف الذي تختفي وراءه مجمل السياسات والاستراتيجيات الأميركية، بما يعيد استظهار الصورة الحقيقية لدولة عدوانية، لا تتعرف إلاّ على مصالحها الأنانية الخاصة، ولا تحترم أي شراكة، حتى مع مثيلاتها من الدول إلاّ حين يتعلق الأمر بإسرائيل.

قبل سنوات كثيرة مضت، كان سؤال العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة محل جدل واختلاف بين من يقول إن إسرائيل هي الولاية الثالثة والخمسين من الولايات المتحدة وبين من يرى فوارق في المصالح، والاستراتيجيات. الأحداث التي مرت بها المنطقة العربية خلال السنوات السبع الماضية، وعرفت بـ"الربيع العربي"، كشفت عن طبيعة ذلك الربيع بما أنه ربيع للمخططات الأميركية الإسرائيلية، التي تستهدف إعادة تقسيم المقسّم العربي لكي يسهل الانقضاض عليه، ونهب ثرواته ومصادرة حرياته.

بعض العرب لا يزالون مفتونين، بالمراهنة على دور أميركي وإسرائيلي مختلف، يؤمّن لهم الحماية والاستقرار لأنظمتهم التي تحتاج إلى التغيير والتحديث. الولايات المتحدة هي التي تختار للآخرين أعداءهم وتزجّ بهم في أتون صراعات دامية، وها هي تعيد صياغة دور الجماعات الإرهابية، وتساعدها على الانتقال إلى أماكن مستهدفة أخرى بعد أن عاثت تدميراً وتخريباً في دول عربية أخرى.

لن يرتدع العرب، وليس من الواضح أنهم يدركون مدى خطورة المراهنة على دعم وحماية أميركية، وهم يتطلعون إلى دعم وتعاون وحماية من قبل إسرائيل، التي تتطلع إلى توسيع نفوذها، وسيطرتها على المنطقة بما يتجاوز أرض فلسطين التاريخية وحقوق أهلها.

الوضع الفلسطيني لم يكن بعيداً عن منطق المراهنة على إمكانية أن تؤدي العملية السلمية عبر المفاوضات، إلى استرجاع بعض حقوقهم التاريخية، لكن آخر العام، شهد ما يشكل صدمة قوية لقلب ضعف خفقانه، وتراجعت كفاءته. قرار ترامب، ضرب كل الحسابات، ووضع حداً لكل المراهنات، حيث أنه أنهى ربع قرن من البحث المضني عن سلام تبخّر يوماً بعد الآخر، بسبب المخططات الإسرائيلية التوسعية التي حظيت كل الوقت بتواطؤ أو دعم الولايات المتحدة.

ترامب أرغم الفلسطينيين على تغيير وجهتهم، إذ لم يعد ثمة مجال لمتابعة العمل والنضال، على أساس رؤية الدولتين، والقبول بالحد الأدنى، من حقوقهم التاريخية. أميركا تدفع الصراع إلى نهايات مفتوحة تعيد الأمور إلى نصابها، حيث أن الصراع لا يمكن أن يكون صراع حدود، ولا هو صراع على أساس قرارات الأمم المتحدة، فقد عاد ليكون صراعاً على كل أرض فلسطين التاريخية وكل الحقوق التاريخية.

لقد وضع ترامب حداً للمراهنة على دور أميركي، أو غير أميركي، ووضع حداً لادعاءاته بشأن تحقيق صفقة القرن، التي تحولت إلى صفعة قرن، للفلسطينيين والعرب، وحتى للمجتمع الدولي وقراراته ومواثيقه، وتراثه.

بعد قرار ترامب لم يعد العرب عرباً، ولا المسلمون مسلمين، بينما بقيت إسرائيل الدولة التوسعية العنصرية هي ذاتها، وهم ذاتهم الفلسطينيون مع كثير من خيبة الأمل، والشعور بالظلم التاريخي، وحسابات مرتبكة، وخيارات غامضة. المرحلة كلها في ضوء ذلك تحتاج إلى مراجعة نقدية، واعترافات بالأخطاء والخطايا، وإعمال العقل الوطني الجامع لاشتقاق أطر ووسائل وأشكال مواجهة التحديات القادمة. لا يمكن ولا يجوز لطرف واحد أن يحمّل نفسه ويتحمل المسؤولية عن تحديد الخيارات، ووضع الاستراتيجيات للمرحلة المقبلة بما تنطوي عليه من تهديد حقيقي للوجود الفلسطيني. ولكل ما تصارع عليه الفلسطينيون حد الانقسام، كان الصراع على السلطة وعلى القرار والنفوذ، هو عنوان الانقسام وسببه، واليوم ينبغي أن يقف على رأس أولويات الكل الفلسطيني، المواطن الذي بصموده على أرضه يشكل الضمانة لخوض الصراع وتحقيق الإنجاز.

لن يفيد الفلسطينيين المراهنة على بدائل دولية عن الولايات المتحدة، أو المراهنة على أن تعيد الأمم المتحدة لهم حقوقهم، ولا حتى المراهنة على عرب، يلهثون وراء مصالحهم الخاصة، واستقرار بلدانهم حتى لو كان ثمن ذلك القضية الفلسطينية وأهلها. المراهنة ينبغي أن تنعقد أولاً وقبل كل شيء على الوحدة الوطنية وعلى صمود الفلسطينيين على أرضهم ثم بعد ذلك نواصل البحث في كل مكان عن حقوقهم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثمة ما يحتاج التغيير وليس التصحيح ثمة ما يحتاج التغيير وليس التصحيح



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019

GMT 23:42 2020 الأحد ,28 حزيران / يونيو

طريقة عمل البطاطس بوصفة جديدة

GMT 09:33 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

8 وجهات مميزة لعشاق المغامرات

GMT 07:37 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك ما تحتاج معرفته قبل السفر إلى جزر المالديف

GMT 02:07 2019 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مصر تستورد 34 مليار متر مكعب مياهًا افتراضية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday