رمضان الكريم
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

رمضان الكريم

 فلسطين اليوم -

رمضان الكريم

بقلم : طلال عوكل

عاشر رمضان كريم يمر على وقوع الانقسام، ولا يزال رمضان كريماً. رمضان الأول العام 2007، كان مليئاً بالحقد، بالقتل والكراهية، كان رمضان الأول مليئاً بالخوف، خوف الأخ من أخيه، والابن من أبيه، خوف الزوجة الفتحاوية من زوجها الحمساوي. 

وتوالت الأشهر الرمضانية وفي كل مرة تتعالى الدعوات، والصلوات، في الشهر الكريم، لكن الغيث يأبى النزول، على من بات كثير منهم يعتقدون بأن الشعب الفلسطيني كله إلى الجنة. هو وعد الإنسان لنفسه وذويه، لتبرير صبر طال أمده، ولم يعد مفهوماً استمراره، وربما لتعويض هوة سحيقة من الشعور بالملل، وفقدان الأمل، والإحباط، والشعور باللاجدوى من الانتظار. 

عشرة أشهر رمضانية، كانت بطعم الصيام، بطعم الإمساك عن كل وأبسط ملذات الحياة، حتى الماء والملح، كما فعل أسرانا الأبطال.

عشرة أشهر غابت عنها الحكمة من وراء الإمساك عن الطعام والشراب، وسوءات اللسان، فلا الحاكم يشعر بمعاناة المحكوم، ولا الظالم يكفّ يده ولسانه عن المظلوم، ولا الغني أو ميسور الحال يشعر بمعاناة الفقير الذي لا يملك ما يرضي معدته. ثم يتطلع كل هؤلاء إلى أن تنزل عليهم الرحمة، بمجرد أن يجدوا مكاناً حتى لو كان في الشارع خلف المصلين، الذين يحتجزون المسجد خلال رمضان كله، فإذا برمضان يرفض هذا النفاق، وكل هذه الحفاوة الزائفة، ويواصل كرمه كما اعتاد عليه منذ عشر سنوات، لم ينتظر الناس في غزة، أن يكون هذا الرمضان، أفضل من الذي سبقه، بل ان الشعور العام السائد هو أن الأمور تتجه نحو المزيد من التدهور.
 
في السياسة تزداد الأمور سوءاً بين دفتي الوطن المحتل، حيث تختفي الدعوات بالخير، لتحل مكانها الاتهامات، والتخوين، والتهديد والتحريض. وقبل أسبوعين، سرت شائعات، بأن معبر رفح، سيتم تشغيله وفتحه، قبل رمضان، ثم انتقل الوعد إلى الأسبوع الأول من رمضان، على اعتبار أنه الشهر الكريم، غير أن الشائعات ذهبت في طريقها، ولم يبق منها إلاّ مرارة الحرمان.

سألت أحد موظفي الشؤون المدنية، حول إمكانية حصول بعض الأقارب في الضفة على تصريح زيارة لغزة، أو بالعكس، فأشاح بيده قائلاً، "انس الموضوع". وحين ذكرته بأن إسرائيل أعلنت عن تسهيلات خلال شهر رمضان، بدا وكأنه يريد أن يقول إن هذه التسهيلات ليست لسكان غزة، أو ربما أراد أن يقول إنها تشبه الدعوات، التي تنشد كرم الشهر الفضيل.

أسواق غزة طافحة، بكل أنواع البضائع، من فواكه وخضراوات، ومكسرات، ولحوم ودواجن طازجة ومجمدة، وطافحة، بالإكسسوارات الرمضانية، ولكن غزة طافحة بالحزن والفقر، وضيق ذات اليد.

أسواق غزة طافحة بكل ما تشتهي العين، والمعدة، وبأسعار متدنية، في متناول اليد حتى بالنسبة لذوي الدخل المحدود، ولكن القدرة الشرائية، ضعيفة جداً. تمر من أمام المحلات، التي تعرض بضائعها في الشارع عسى أن تجذب الأنظار، فتشعر أن أصحاب المحلات، يتوسّلون أن تلقي نظرة على بضائعهم. 

أصحاب المحلات يمسكون بالمارة يرجونهم إلقاء نظرة، على بضائع، وضعت عليها أوراق كرتونية صغيرة تعلن عن تنزيلات كبيرة في الأسعار. الناس في رمضان يتجولون بعد صلاة العصر في الأسواق، التي تكتظ بالزوار، الذين جاؤوا لقضاء بعض الوقت، حتى لو عاد إلى البيت بكيس نايلون أسود، يحتوي على نعنع وفجل، وبقدونس، لا يزيد سعره على ثلاثة شواكل.

وفي السوق، يزداد عدد المتسولات، اللواتي يلبسن الجلابيب السوداء، ويخفين وجوههن، إلاّ من عيون مكحولة، بنقاب أسود، وكأنهن يعرضن شيئاً آخر، صبايا بعمر الورود، يتجولن في الأسواق، ولا يشير لباسهن ومظهرهن إلى الفقر أو التخلف، وعدم النظافة، يلححن في الطلب، وأخريات وآخرون، يحملون ورقة عليها بعض الأختام، يستعطف المارة، بأن ينظرون إلى الورقة، التي تقول إنه بحاجة إلى علاج، أو انه يتيم، والأعذار كثيرة. وتصدمك مشاهد الأطفال الذين يحفر الفقر، علاماته على وجوههم، وهم يقفون على مفترقات الطرق، أو أمام مخبز العائلات الشهير، يطلبون رغيفاً.

كانت الرواتب التي يحصل عليها موظفو السلطة قادرة على تحريك هذا الوضع وبالتأكيد ليس تغييره، لكنها بعد شهرين من الخصم، جعلت الفارق بين هؤلاء الموظفين وغيرهم بسيطاً، ولا يحدث فرقاً في شهر رمضان الكريم. بالمناسبة الفقر، يشكل في أحيان كثيرة، عاملاً إيجابياً في تغيير بعض العادات والتقاليد، التي تثقل على الناس، فالأرجح أن الناس تعذر بعضها بعضاً إزاء الواجبات الرمضانية المعتادة، وحتى إزاء الواجبات الاجتماعية المرهقة. 

رمضان شهر التواصل والتوادد وصلة الرحم، والحمد لله، أن التكنولوجيا، وفّرت للناس وسائل سريعة، وغير مكلفة، في غياب القدرة على التواصل مع الرحم وغير الرحم، وربما كان في ذلك رحمة للعالمين، لأن التواصل الجسدي المباشر، مكلف بالتأكيد. هذا ليس كل شيء، ومع ذلك يبقى رمضان كريماً رغم أن الناس يحتاجون إلى موازنات مضاعفة، من دون احتساب ختامه بالعيد. 

المؤسسات الأجنبية، تكتفي بالأرقام التي ترصدها وتدل على وجود الكارثة، لكنها لا تستطيع إحصاء الأنفاس المقهورة، والتحولات العميقة في البنية الاجتماعية والثقافية والنفسية. تكتفي المؤسسات بالأرقام العامة، وهي مخيفة بشأن حياة الناس في غزة، ولكنها لا تغوص في الآثار العميقة الناجمة عن تلك الأرقام الجافة، أما المسؤول الفلسطيني، فإما أن يعتبر ذلك قدراً، أو أن يعتبره جزءاً من تكاليف السياسة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمضان الكريم رمضان الكريم



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019

GMT 23:42 2020 الأحد ,28 حزيران / يونيو

طريقة عمل البطاطس بوصفة جديدة

GMT 09:33 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

8 وجهات مميزة لعشاق المغامرات

GMT 07:37 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك ما تحتاج معرفته قبل السفر إلى جزر المالديف

GMT 02:07 2019 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مصر تستورد 34 مليار متر مكعب مياهًا افتراضية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday