كتاب المراثي سميح سمارة؛ مات المشاغب
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

كتاب المراثي سميح سمارة؛ مات المشاغب

 فلسطين اليوم -

كتاب المراثي سميح سمارة؛ مات المشاغب

حسن البطل

التقيته في كل منفى، لكن عندما عادت القبائل و»الشعوب» إلى موطنها، لم ألتقه قطّ، عامداً أو شبه عامد.
أكانت الرفقة الطويلة للاضطرار، ولأن الدرب درب واحد، فيكون الوطن مفترق طرق .. أحياناً.
لم نختلف على فلسطين، ولا على الطريق إليها .. لكن اختلفنا على «أدب الطريق» وإيقاع «المارش»، فهو رجل الحماقات اللذيذة منها وغير اللذيذة.
هو الذي ترك للقلب أن «يقترف ما شاء من الأماني» على لغة شاعرنا درويش، هو الذي ترك لقلمه أن يقترف ما شاء من «الأغاني» السياسية الناشزة، هو الذي جلست وإياه في مجالس العزاء للزملاء الذين انفجروا بالرصاص أو انفجرت فيهم قلوبهم، هو الذي اعتذر بإفراط، واقترف بإفراط، ودخن بإفراط، وأحب بإفراط، وحلم في منتهى الإفراط.
.. وهو الذي «انعطف» من إفراط إلى إفراط، فلم يطاوع جسده إرادة روحه. سقط أرضاً، أصيب بارتجاج في الدماغ، غاب عن الوعي 20 يوماً، غاب إلى الأبد.
هو من جيلي تماماً.. وهو الذي انقلب مثلي من تنظيم معارض إلى ملعب «فتح» الرحيب، لكنه رجل العداوات المستمرة والمصالحات المشروطة؛ المشاحنات الدائمة والمهادنات العابرة، الذي ينال من المألوف فينال الناس منه .. فلا يبالي. لكنه يبالي ألا يبالي!
بدأ الخدمة في الإذاعة .. وأنهى الخدمة وهو في الإذاعة، وبين بدايتي ونهايته، كانت رفقة العمل القلمي في المكتب الواحد، المجلة الواحدة.
هذا هو واحد من «أصدقائي الخونة» وعنهم قال شاعرنا «يا أصدقائي الخونة / لا تموتوا مثلما كنتم تموتون»، فقد تعب من رثائهم؛ وتعبت المراثي من المراثي.
غير أن سميح سمارة مات مثلما أخشى أن أموت.. بين انعطافة وانعطاف تسمع الروح صليل انهيار الجسد .. فتفرّ مذعورة، فيقولون : صعدت الروح إلى بارئها، مات أحد العصاة - الشقاة، فليرحمه الله.
ليس مهماً ما كتب سميح سمارة في شططه، المهم أنه جرؤ على إسماعنا وإقرائنا عنوة تخريفات الحلم، واقتراف الأماني اقترافاً فاحشاً.
المهم أن ابن قرية شويكة في طولكرم كان في بيروت وكنت، وكان في تونس وكنت، وكان في قبرص وكنت، وكان في بغداد وكنت، وحينما كانت فلسطين المنفية كان وكنت.. وحين عدت عاد إليها دون أن يرعوي عن اقتراف الأماني.
كان يريد أن يعيش اليوم ما يحلم به بعد الغد أو الغد البعيد، كان الحلم عميقاً والشاطئ خلف الأفق.
كان سميح سمارة من أوائل الهاربين من تصدع سقف الأيديولوجيا الفصائلية، فوجد في مؤسسة الزعامة وفي الزعامة العرفاتية سماء له، لكن من شرب كأس الأيديولوجيا، بإفراط، حاول تركيب أيديولوجيا بشكل تعسفي عبر مزيج بين الحلم وبين الحق، فاتفق مع نفسه فقط، ليختلف مع رفاق درب المنفى، ورفاق درب السلطة، حارب الجميع، وهادن نفسه فقط.
ربع قرن ونحن ندعوه «سميح سمارة « وعندما مات بالأمس، عاد إلى اسم مولده، وإلى اسم أبيه.. واسم جده الخامس.
مات فلسطينياً كما اشتهى، وكان يشتهي أن يعيش فلسطينياً في فلسطين المتعددة - الواحدة من البحر إلى النهر.
سميح سمارة شاهد على ربع قرن من المرحلة، ومشارك في بعض التفاصيل، ومثير كبير للشغب؛ أمير كبير من أمراء الحماقة .. وأمير صغير من أمراء الحلم.
الذي عاش كل هذا الجحيم لم ينس تنقيل الفؤاد والمزاج في الهوى، لكن الحق يقال إنه كان داعية فظاً من دعاة النزعة الفلسطينية، بل والعصبية الفلسطينية، عصبية الانتماء إلى المكان أولاً، ثم إلى إنسان المكان ثانياً.
بالأمس، مات زميلي، مجايلي .. ورفيق دربي الاضطراري، مات مثلما أتوقع أن أموت .. فجاءة.
ما من سبب إلا لأن الأسباب تراكمت حتى جاءت «القشة « التي تقصم وحدة الروح مع الجسد، الروح للحلم. والجسد للتراب!
قبل أن يغفو طفل مشاكس، سأل أمه: هل نحن حلم الله يا أمي وهل الله حلمنا وهل نحن نعيش حلم الله .. وهل الله يعيش في أحلامنا؟ فقالت له أمه: تصبح على خير يا ولدي، نمْ.
سميح سمارة أصبح على وطن .. ونام.
ربما يظن أنه سافر في الحلم إلى الأبعد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كتاب المراثي سميح سمارة؛ مات المشاغب كتاب المراثي سميح سمارة؛ مات المشاغب



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 07:20 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجوزاء" في كانون الأول 2019

GMT 15:13 2014 الجمعة ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض "الشارقة للكتاب" يستضيف الإعلامي أسامة مرّة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday