فكرة أخرى عن الموت والحياة
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

فكرة أخرى عن الموت والحياة

 فلسطين اليوم -

فكرة أخرى عن الموت والحياة

بقلم : حسن البطل

 من له فكرة أخرى عن الموت، له فكرة أخرى عن الحياة، للطقوس أن تنوس بين الفكرتين:

أميركي سأل يابانياً: هل تعتقد أن هذا الميت في هذا القبر سيتذوق الرز، أجابه: كما تعتقد أنت أن الميت في ذلك القبر سيشم الورد.

لا أعرف سبباً لفكرة سلفت، حيث كانت الأمهات الوالدات «يقمطن» أطفالهن وهم في المهد، وسن الرضاعة.

ربما كانت البنات الصغيرات، في انتقالهن الفجائي من الإمساك اللاهي بلعبة من جماد، إلى الإمساك المرتبك بوليد من حياة، يواصلن تقاليد طفولتهن العابرة، أو يبدو لهن الوليد هشاً، قابلا للتكسر .. إن سقط سهواً بين ذراعي الأم - الطفلة.

ربما كانت العادة الغابرة، إرثا من حياة الكهوف الباردة، أو «درعاً» يحمي الوليد، برهة من الوقت، يمنع عنه أنياب الوحوش، حتى تنجده أمه.
ربما للتسهيل على أمه، أن «تخطفه» من خطر .. وتفر به إلى النجاة.. أو لأن وفيات الأطفال الرضع كانت عالية، فيكون الطفل جاهزاً للنقل من المهد إلى اللحد.

اندثرت تقاليد «تقميط» الوليد، وبقيت تقاليد «تقميط» الشهيد، كأنه ينتقل لا إلى موت، بل إلى حياة أخرى. يزفونه كأنه عريس مضمّخ بدمه، طاهر بدمه.
كانت شرائط «التقميط» مزخرفة بدورها، ترسم أشكالا من الطيور، أو أشكالا من الورود .. سوى أن الأسود يحضر في تقميط الشهداء، ويغيب في تقميط الأطفال الرضع في المهد.

يحضر اللون الأسود، زيحا يطوق باقة من: الأخضر، الأبيض، الأحمر، ويحضر الأسود، أيضا، لونا من ألوان العلم الفلسطيني، ومن لون «كوفية القتال» الفلسطينية، ذات اللونين: الأبيض والأسود.

الميت في تابوت، والشهيد على محفة.. وفي «صلاة الميت» على الشهيد، يبدو الجثمان وكأنه مسكبة صغيرة من الورود، أو هكذا، يبدو «قماطه» بالعلم الفلسطيني .. هذا مشهد أفقي.

الشهيد في تشييعه الصاخب، ومن على الشرفات تبدو المحفات المرفوعة على الأكف، لا على الأكتاف، كأنها باقة ورود ألقيت على صفحة ماء البحر، تترنح المحفات شاقولياً، كما تترنح أفقيا، لأن الذين يحملون الشهيد على أكفهم يختلفون في طول قاماتهم، ولأنهم يطلقون صراخا بملء حناجرهم، ومن عمق رئاتهم. هكذا يبدو مشهد التشييع من رؤيا شاقولية.

من له فكرة أخرى عن الموت، له تقليد آخر عن تشييع الميت الشهيد إلى حياة الخلود. ومن له فكرة أخرى عن الحياة له فكرة أخرى عن الموت.

فكرة الناس عن الحرية متقاربة، لكن عندما تصطدم الحرية بفكرتي الحياة والموت المختلفتين في ثقافات الشعوب، يدعي أصحاب الفكرة الأخرى عن نظام الحكم، وعن الحقوق غير المتساوية في الحياة، أن لخصومهم «ثقافة موت» غير مفهومة، وأنهم يعيشون ليموتوا جزافاً.

كلا، تبقى الحياة عزيزة، ولكنها ليست أكثر معزة من فكرة الحياة عن الحرية، تبدأ الحياة بصرخة أولى، وليس صراخ المشيعين في توديع الشهيد، سوى تأكيد أن الشعب يصرخ: ألماً وغضباً وعهداً على الثأر، لأنه شعب حيّ.

للهتاف والصراخ في تشييع الشهيد «المقمط» بالألوان، المحمول على الأكف، أن يصد «الصدمة» الأولى عن أحباء الشهيد .. عن ذويه وأصدقائه، وأن يشد

من أزرهم.. لتبقى للجمهور فكرته الأخرى عن الموت، وفكرته الأخرى عن الحياة .. ودونهما قد يصعب عليه، على مناكبه وعلى روحه، أن يتحملا وطأة ثمن الحرية.
لذلك، فإن ميزانية الإرادات هي التي تعدل اختلال ميزان القوى، وفداحة ميزانية الموت: اليومي، الأسبوعي .. السنوي.
كان الفراعنة «يقمطون» موتاهم على مهل، وكان الذهب الخالد استعارة أخرى لخلود الميت، غير أن مراسيم تشييع الشهداء أبسط من ذلك، لكنها أعمق فلسفيا وفكريا.

في النوم وفي الموت، يأخذ الجسد / الجثمان اتجاهه الأفقي؛ وبينهما يأخذ اتجاهه العامودي.

الإنسان، ككتلة حية، هو الأكثر انتصابا بين المخلوقات. على قدمين يشكلان جزءاً بسيطاً من كتلة الجسم، ثم على محفة الموت، وعلى الأكف يأخذ شكله الأفقي من جديد، كأنه يعود إلى رسم قطبي الحياة والموت.

إسرائيل لن تهزم فكرة الفلسطيني عن حريته، لأنها لن تهزم فكرته المختلفة عن الموت وعن الحياة، صحيح: «من المهد إلى اللحد»؟ لكن لهذا قطب ولذاك قطب .. وفكرة الفلسطيني عن الحرية أن تجمع القطبين، بحيث يبدو الموت سفراً إلى حياة أخرى.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فكرة أخرى عن الموت والحياة فكرة أخرى عن الموت والحياة



GMT 11:22 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

"تابلو" على الحاجز

GMT 09:31 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الاسم: فيصل قرقطي

GMT 10:32 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

خوف صغير!

GMT 11:21 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

«في القدس جيل مختلف»!

GMT 13:09 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

«كنيسة من أجل عالمنا»!

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019

GMT 23:42 2020 الأحد ,28 حزيران / يونيو

طريقة عمل البطاطس بوصفة جديدة

GMT 09:33 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

8 وجهات مميزة لعشاق المغامرات

GMT 07:37 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك ما تحتاج معرفته قبل السفر إلى جزر المالديف

GMT 02:07 2019 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مصر تستورد 34 مليار متر مكعب مياهًا افتراضية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday